الصحة والغذاء

بروتين الصويا.. تجارب ودراسات مدهشة

إن للجهاز المناعي دورًا مهمًا في مقاومة السرطان، حين ينتظم في الأبدان ميزان الهرمونات، لا سيما هرمونات الجنس. ويؤدي اختلال الميزان الهرموني، إلى إضعاف قوى المناعة، وتنامي الأورام السرطانية، وكذلك فإن فائض الهرمونات يمكن أن يؤثر سلبًا في انتظام آلية الانقسام الخلوي، مما يدفع إلى التكاثر العشوائي.

ونظرًا إلى أن المرأة قد تعاني من عدم توازن الهرمونات بالجسم، وبخاصة في سن اليأس، فإن ذلك قد يؤثر سلبًا في مختلف أعضاء الجسم ووظائفها. لذا، يجب التأكد من أن الجسم ينتج مستويات متوازنة من الهرمونات. وللحفاظ على هذا التوازن ينبغي تناول الأطعمة الصحية التي تقلل من فرص الخلل الهرموني أو اضطرابه. 

 لقد أجرى باحثون في اليابان موازنة بين طعام 1200 سيدة من المصابات بالسرطان، و23 ألف سيدة أخرى من الأصحاء. وتبين أن النساء الأعظم مناعة في الوقاية من الإصابة بسرطان الأثداء، هن اللائي اعتدن قبل بلوغهن سن الإياس، تناول منتجات الصويا البروتينية الأغنى بالاستروجينات، على الأقل في الأسبوع ثلاث مرات.

لكن المدهش حقًا، هو توصل الباحثين بشأن قدرة الفايتواستروجينات على إلغاء جزء من نشاط الاستروجينات الاصطناعية. فقد ظهر أن النساء اللاتي يحملن في دمائهن مستويات أعلى من الاستروجينات الاصطناعية المكلورة، يتعرضن أكبر للإصابة بسرطان الثدي بنحو 2-3 مرات، موازنة بالأخريات اللائي تقل في دمائهن هذه المركبات، وتبين أن النساء اللائي يحملن مستويات أعلى من الاستروجينات الاصطناعية، ولكن يتبعن نظامًا غذائيًا غنيًا بمركبات الفايتواستروجينات، لم تزد لديهن احتمالات الإصابة بأورام الأثداء.

كما أجرى العلماء تجربة مدهشة على 25 سيدة بلغن سن اليأس، ولا يأخذن عقار الاستروجين كبديل تعويضي، وتبين أن تزويدهن بأغذية غنية بالفايتواستروجنيات، يرفع معدل الاستروجين في أبدانهن، ويخفف كثيرًا من متاعب اليأس. ولكن عندما توقف العلماء عن تزويد السيدات بهذه الأغذية، وأعطوهن طعامًا عاديًا لعدة أسابيع تالية، لاحظوا أن معدل الهرمون أخذ في النقصان، كما بدأت الشكوى تعود من جديد. مثل هذه التجربة وغيرها مما قام به العلماء، استهدفت معرفة كيف يمكن تفادي الخسارة الفادحة للاستروجين عبر تناول أغذية معينة، وهل يمكن أن يحل الغذاء بكفاءة محل الدواء؟

    وعلى الرغم من أن الفايتواستروجينات، ليست مطابقة تمامًا للاستروجين الأنثوى الطبيعي، غير أنها تحاكيه في خواصه الكيميائية الحيوية، بصورة مذهلة. وهذا هو الذي يكسبها قدرة أكبر على مكافحة التأثيرات السلبية لانخفاض معدل الاستروجين بالأبدان.

تجارب العلماء خرجت بنتائج مهمة في هذا المجال على النحو التالي:

–   دراسة في كلية طب جامعة Woke Forest الأمريكية.. أظهرت أن النساء اللائي أخذن 10 جرامات من بروتين الصويا مرتين في اليوم.. انقطع عنهن الوهج الحراري والتعرق الليلي، الذي تجده أقرانهن ممن لم يأخذن أطعمة الفايتواستروجينات.

–   دراسات طبية أظهرت أن تناول المرأة 60 ملليجرامًا يوميًا من بروتين الصويا لمدة 12 أسبوعًا يقلل من الوهج الحراري، والتعرق الليلي بنسبة 45%.

–   أثبت بعض الباحثين العلاقة بين تناول أطعمة الفايتواستروجينات، والحماية من الجفاف المهبلي Vaginal drying الذي يؤرق النساء.

–   دراسة فسيولوجية أظهرت أن الفايتواستروجينات، تقلل من نسبة الدهون بالدماء، وتخفض معدل الكولسترول الضار، على نحو يكفل الوقاية من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وتصلب الشرايين.

–   دراسات حديثة أكدت دور الفايتواستروجينات لحماية النساء من آلام الرأس، وتقلبات المزاج التي تصاحب الدخول في مرحلة سن اليأس.

–   بحوث عدة، أوضحت أن للفايتواستروجينات تأثيرًا فعالًا في حماية المرأة من الإصابة بترقق وهشاشة العظام، كما تأكدت مقدرتها في المحافظة على الكتلة العظيمة Bone Mass وتفادي الإصابات في منطقة الورك، وزيادة الكثافة العظيمة في العمود الفقري.

–   إحدى التجارب الطبية أظهرت أن إعطاء المرأة 40 جرامًا من بروتين الصويا يوميًا، يحافظ على بنية عظامها من فقدان المعادن، وهو سبب رئيسي في نخر العظام.

–   العديد من الدراسات (المسحية) أشارت إلى أن المجتمعات التي تستهلك بانتظام أطعمة الفايتواستروجينات، لا تتعرض فيها النساء لأي مضاعفات فترة ما حول سن اليأس، موازنة بنساء المجتمعات الأخرى.

بإمكانك- سيدتي- النجاة من هذا المصير.

يرعب المرأة دائمًا الحديث عن سرطان الأثداء. وتحاول يائسة ألا تفكر فيه كثيرًا، وتأمل- في محاولة لإنكار وجوده- أن تنجو من المصير الذي يلقاه ضحاياه. وربما كانت إحدى المشكلات التي تكتنف هذا الداء أنه يبدو للجميع، وكأنه يضرب ضربته فجأة، أو أنه يضرب ضرب عشواء.

لكن الواقع أن تقدم المرض يتبع سبيلًا بطيئًا، ويتضمن مراحل عديدة مختلفة ومتدرجة. وقد يفصل ما بين اكتساب الخصائص – قبل السرطانية – وبين تبدي أعراضه صراحة، عدة عقود، فالتسرطن يشتمل على تراكم مديد من التداعيات الخلوية، وتحدث على مستويات بيولوجية عدة، بما في ذلك التغيرات الجينية، والكيميائية الحيوية.

وفي كل مستو من هذه المستويات تتوافر فرص للاحتواء. ثمة فرصة حقيقية للتداخل أو لإبطاء، أو لمنع، أو حتى لإيقاف انزلاق الخلايا السليمة إلى هاوية الثورة والجنون.

وإن الوقاية الكيميائية- عبر تناول أطعمة الفايتواستروجينات- تفيد في اعتراض المراحل قبل السرطانية البكرة التي تسبق بداية غزو المرض للجسم.

أطعمة وقائية للمرأة

في مواجهة متاعب المرأة وهي تلج سن اليأس، وفي حمايتها من تنامي معدلات الإصابة بسرطان الأثداء، فإن ما نحتاج إليه حقًا هو أن تكون أذكياء بالقدر الكافي اكتشاف عناصر الوقاية في بيئتنا الطبيعية.

ومن عناصر الوقاية، أن نعيد النظر في صنوف الكيميائيات الاصطناعية التي تولد في بيئتنا أكداسًا من الاستروجينات الضارة بالحياة والأحياء.  وأن تولي المرأة عناية أكبر بأطعمة الفايتواستروجينات، توطيدًا لقوى مناعتها في مواجهة السرطان، وتوسلًا لحمايتها من متاعب سن اليأس المزعجة.

ولعل المرأة التي تعاني متاعب سن اليأس، وتأخذ يوميًا قرصًا من عقار الاستروجين التعويضي، سوف تعجب حين تعلم أن تناول فنجان واحد يوميًا من فول الصويا – على سبيل المثال – يمكن أن يغنيها عن أخذ العقار إلى حد كبير، ومن دون أية مخاوف تذكر، وبكثير من الاطمئنان.

إن من ألزم الوصايا التي نوصي بها السيدات، ألا ينتظر الوصول إلى سن اليأس، لأخذ الاهتمام الكافي بأطعمة الفايتواستروجينات، بل يتوجب أن يأكلن منها قبل ذلك بسنوات.

وينبغي أن تهتم السيدات بإعداد هذه الأطعمة وتحضيرها وفق طرق الإعداد المناسبة التي تحفظ فاعليتها، وتبقى مركباتها الحيوية في صورتها النشيطة فسيولوجيًا، لئلا تفقد تأثيراتها البيولوجية المفيدة في الأبدان.

أ.د. فوزي عبدالقادر الفيشاوي – أستاذ تكنولوجيا الأغذية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم