الصحة والغذاء

دراسة: النشاط البدني يحمي من أمراض القلب

تؤدي العديد من العوامل معًا إلى تكوين صحتك العامة. على سبيل المثال، يُظهر الانتظام في ممارسة الرياضة تأثيرًا إيجابيًا في خفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب وتعزيز الصحة النفسية، بما في ذلك الحد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب. وقد أكدت الدراسات أن الأنشطة البدنية تعود بالنفع على الأشخاص الذين يتلقون علاجًا للاكتئاب. ومع ذلك، فإن نقص النشاط البدني قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والاكتئاب.

وتوجد أيضًا علاقة متبادلة بين الاكتئاب وأمراض القلب. وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يُعد الأشخاص المصابون بالاكتئاب والقلق أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. وتعتبر هذه العلاقة ذات اتجاهين، حيث يمكن للإصابة بأمراض القلب أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

وعلى الرغم من وجود عدة عوامل محتملة وراء هذه العلاقات، فقد كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب عن سبب إضافي.

كيفية إجراء الدراسة

نظرًا لفوائد النشاط البدني المعروفة في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والتوتر والاكتئاب، سعى باحثون في كلية جنرال بريجهام ببوسطن إلى معرفة ما إذا كان دور النشاط البدني في خفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب يعود جزئيًا إلى تأثيره على خفض التوتر في الدماغ.

استخدم الباحثون بيانات من “مجموعة بيانات Mass General Brigham Biobank” المرتبطة بالسجلات الطبية للمرضى الذين وافقوا على استخدام معلوماتهم لأغراض البحث. شملت الدراسة 50.359 بالغًا بمتوسط عمر 60 عامًا، وكان حوالي 40٪ منهم من الذكور، وتم تحليل البيانات على مدار 10 سنوات.

بالإضافة إلى البيانات الديموغرافية الأساسية مثل العمر والجنس والدخل والموقع والوزن ومؤشر كتلة الجسم وعوامل نمط الحياة، تمت مراجعة السجلات الطبية المتعلقة بتشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية والاكتئاب، وكذلك سجلات النشاط البدني.

بالإضافة إلى ذلك، قدمت مجموعة فرعية مكونة من 774 مشاركًا صورًا للدماغ حتى يتمكن الباحثون من رؤية النشاط في منطقتين محددتين من الدماغ: اللوزة الدماغية والقشرة الجبهية البطنية الإنسية (VPC).

  • اللوزة الدماغية: تُعد هذه المنطقة مسؤولة عن استجابات “الدفاع أو الهروب”، حيث ترسل إشارات للجسم للتحضير للرد على الخوف أو الخطر، حتى لو كان متخيلاً، مما قد يُؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق.
  • القشرة الجبهية البطنية الإنسية (VPC): تُعالج هذه المنطقة العواطف وتُستخدم في عملية صنع القرار، مما يساعد في التحكم في الاستجابات العاطفية.

لذا، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق، قد تكون اللوزة الدماغية أكثر نشاطًا، ومنطقة VPC أقل نشاطًا مقارنةً بالأشخاص الذين لا يعانون من هذه الحالات. ويُظهر كل هذا النشاط الدماغي في فحوصات الدماغ، ولهذا السبب تم إجراء هذه الفحوصات ضمن الدراسة.

ماذا أظهرت الدراسة؟

أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين التزموا بالمستويات الموصى بها من النشاط البدني وفقًا لإرشادات النشاط البدني لأمريكا لعام 2018 – والتي تشمل 150 دقيقة من النشاط المعتدل أو 75 دقيقة من النشاط القوي أسبوعيًا، بالإضافة إلى جلستين على الأقل لتدريب القوة – قد سجلوا نشاطًا أقل في اللوزة الدماغية. وقد بقي هذا النشاط منخفضًا حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل المختلفة.

كما لاحظ الباحثون انخفاضًا يتناسب مع الجرعة في نشاط اللوزة الدماغية المرتبط بزيادة النشاط البدني. بمعنى آخر، كلما زادت ممارسة الشخص للتمارين، كانت اللوزة الدماغية أكثر هدوءًا. وبالإضافة إلى ذلك، كانت منطقة VPC أكثر نشاطًا لدى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة، مما يشير إلى أنهم كانوا أكثر قدرة على التفكير من خلال العواطف وكان لديهم استجابات عاطفية أقل وتوتر أقل مقارنةً بأولئك الذين لم يمارسوا الرياضة بانتظام.

وفقًا للدكتور أميد توكل، المؤلف الرئيسي للدراسة، فإن “الانخفاض في النشاط العصبي المرتبط بالتوتر كان مدفوعًا بمكاسب النشاط القشري أكثر من الانخفاض في نشاط اللوزة”. ولم تكن النتيجة التي أظهرت أن الأشخاص الذين استوفوا الحد الأدنى من التوصيات المتعلقة بالنشاط البدني كان لديهم معدل أقل بنسبة 23% من أمراض القلب المفاجئة، نظرًا لأن دراسات أخرى قد أظهرت نتائج مماثلة على مر الزمن.

وبشكل محدد، كان النشاط الأكبر في اللوزة الدماغية – الذي يشير إلى مستويات توتر أعلى – مرتبطًا بزيادة عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب، بما في ذلك رواسب الكالسيوم في الشريان التاجي وعلامات الالتهاب. وكان النشاط البدني مرتبطًا عكسيًا بهذه المؤشرات، مما يعني أنها كانت أقل لدى الأشخاص الأكثر نشاطًا.

وجد الباحثون أيضًا أن الأشخاص الذين كانوا يعانون من الاكتئاب في بداية الدراسة التي استمرت عشر سنوات كان لديهم نشاط أعلى في اللوزة الدماغية، ولكن هذا النشاط انخفض على مدى العقد لدى أولئك الذين التزموا بتوصيات النشاط البدني.

وأظهرت الدراسة أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب ويمارسون الرياضة قد انخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب إلى النصف مقارنةً بأولئك الذين لا يعانون من الاكتئاب. واستمرت هذه الفائدة في الزيادة مع زيادة ممارسة التمارين.

وخلص الباحثون في النهاية إلى أن النشاط البدني قد يساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، جزئيًا، عن طريق تخفيف تفاعلات التوتر في الدماغ.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم