الصحة والغذاء

رياضيون متقاعدون.. يقعون في فخ السمنة

تفيد ممارسة الأنشطة العضلية بشكل كاف خلايا جسم الإنسان في حرق المركبات المنتجة للطاقة، وهي أساسا الكربوهيدرات والدهون التي يوفرها الطعام المتناول دون تخزينها على شكل دهون في أنسجة الجسم

وبعد تعود الشخص الرياضي على تناول طعام يوفر طاقة (سعرات حرارية) كافية للمحافظة على وزن جسمه، يؤدي توقفه ولو بشكل جزئي عن ممارسة الأنشطة العضلية التي اعتاد عليها سابقًا إلى تحويل الطاقة الزائدة التي يوفرها طعامه إلى دهون تخزن في جسمه عوضًا عن حرقها فيزداد وزنه.

وتكون هذه الشكوى شائعة بين الأشخاص الرياضيين بعد اعتزالهم الأنشطة البدنية التي كانوا يمارسونها وخاصةً ألعاب القوى وكمال الأجسام والمصارعة أو أخرى تحتاج إلى مجهود عضلي كبير فيصبحوا من ضحايا البدانة.

الرياضة والأيض الغذائي

ولا تقتصر فائدة الأنشطة البدنية الكافية التي يمارسها الشخص البدين بهدف التخلص من الدهون المخزنة في خلايا  جسمه، لكنها تسبب أيضًا حدوث عدة تغيرات في عمليات الأيض الغذائي في خلايا جسمه  تشمل ما يلي:

-زيادة الكتلة العضلية في جسمه نتيجة زيادة حجم عضلاته.

-نقص في حجم الخلايا الدهنية بجسمه وليس في عددها.

-تحسن في حالة عدم تحمل سكر الجلوكوز مصحوبة بزيادة حساسية خلايا جسمه لهرمون الأنسولين. 

-انخفاض مستوى الجليسريدات الثلاثية Triglycerides (الدهون) في الدم.

فقد العضلات

إن اتباع برامج غذائية قليلة السعرات الحرارية (قاسية) توفر أقل من (1000س ح) كل يوم يؤدي لإنقاص الوزن إلى حدوث فقد كبير في البروتينات الموجودة في عضلات جسم الشخص البدين خاصة خلال الأيام الأولى من استعمالها.

ويتفاوت مقدار النقص بالوزن حسب شدة القيود المفروضة في الحمية الغذائية المستخدمة، واكتشف فريق من العلماء عند حسابهم كمية الآزوت المفرز في البول لمجموعة من زائدي الوزن استخدموا حمية غذائية وفرت أقل من (1000س ح) كل يوم حدوث فقد في عنصر الآزوت تراوح بين (3-6 جم) يوميًا، وهذا يعني حدوث هدم لمقدار (18- 36 جم) من البروتين الموجود في أنسجة أجسامهم كل يوم.

وتكون أجسام الأطفال والمراهقين والنساء الحوامل في مرحلة بناء خلوي وتكوين أنسجة جديدة فيها، لذا تحتاج عملية إنقاص أوزانهم إلى خطة غذائية آمنة لصحتهم، فيؤدي اتباعهم حمية غذائية قاسية إلى حدوث فقد شديد في الكتلة العضلية في أجسامهم وقصورًا في نموهم، وقد يؤدي اتباع المرأة الحامل حمية غذائية قليلة السعرات إلى إجهاض جنينها.

ليس المهم فقط إنقاص الوزن

يجب أن يكون الهدف الأساسي للبرامج الصحيحة لإنقاص وزن جسم البدين هو حدوث نقص في كتلة الدهون المتجمعة حول أحشاء البطن وتحت طبقة الجلد، وتجنب حدوث نقص كمية البروتينات في العضلات أو فقد الماء من خلايا الجسم، وتكون الأخيرتان من نتائج استعمال البرامج الخاطئة لإنقاص الوزن.

وهناك  اعتقاد خاطئ- شائع- بين عامة الناس أن هدفهم المنشود عند اتباعهم أي برنامج لإنقاص الوزن هو حدوث نقص أكبر في وزن أجسامهم يدل عليه مؤشر الميزان فقط.

وصحيًا المطلوب عند اتباع أي نظام غذائي صحي للتخلص من الوزن الزائد هو تشجيع خلايا الجسم على حرق كمية أكبر من الدهون المخزنة فيها مصحوبًا بأقل مقدار نقص في البروتينات الموجودة والماء فيها.

لكن استعمال برامج خاطئة لإنقاص الوزن مثل الريجيم الغذائي القاسي الذي يوفر (800 س ح) أو أقل كل يوم، أو الصيام الطبي (الامتناع كليًا عن الطعام)، يؤدي إلى نقص في وزن الجسم يكون معظمه من البروتينات الموجودة في عضلات الجسم بما فيها عضلة القلب وإصابتها بالهزال.  فضلاً عن استنفاد العناصر المعدنية كالبوتاسيوم نتيجة الامتناع الطويل عن الطعام.

كما يؤدي استعمال الشخص البدين ملينات البطن ومدرات البول بهدف إنقاص وزنه إلى فقد شديد في ماء جسمه واضطراب حالة الاتزان المائي في خلاياه وما تسببه من مضاعفات صحية خطيرة على حياته.

إجراءات وقائية من حدوث البدانة

تلعب التغذية الزائدة دورًا رئيسًا في حدوث البدانة في المراحل المختلفة لعمر الإنسان، ويفيد للوقاية منها اتباع ما يلي:

– لجوء الأم إلى الرضاع الطبيعي لطفلها لأهميته الصحية وفي وقايتها من حدوث زيادة في وزنها.

– تأخير تقديم الأغذية الصلبة للطفل الرضيع في مرحلة الفطام.

– عدم إفراط المرأة في تناول الطعام خلال فترة حملها، وألا يزيد وزنها في نهاية الحمل عن 12 كجم.

– هناك علاقة بين حمل المرأة وهي بدينة وولادتها طفلاً وزنه أكثر.

– ممارسة الأم المرضع نشاطا عضليا كافيا.

– تخطيط برنامج غذائي للأطفال يناسب نموهم ولا يسبب زيادة في أوزانهم وتشجيعهم على ممارسة رياضة بدنية كافية.

– زيادة الوعي الصحي والغذائي للأطفال والبالغين بالمخاطر الصحية لزيادة الوزن.

– التشجيع على ممارسة الأنشطة الرياضية التي تناسب جسم كل شخص وعمره.

– تغيير العادات الغذائية السيئة مثل الإفراط في تناول الطعام خلال المناسبات والحفلات وغيرهما.

– استبعاد الأغذية التي توفر سعرات حرارية كثيرة ومنخفضة القيمة الغذائية نسبيًا كالحلوى والعسل والمربى.

– مراقبة الشخص وزنه ومقارنته بالحد المثالي له لفرض قيود مناسبة على ما يتناوله من طعام وممارسة رياضة بدنية كافية إذا اكتشف وجود زيادة في وزنه.

د. محيي الدين لبنية

استشاري تغذية علاجية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم