الصحة والغذاء

الصفائح العجيبة: جيش يحمينا من النزيف!..

هذه الخلايا أو هذه الصفائح تسري مع تيار الدم منفصلة عن بعضها، وهذا من رحمة الله تعالى، لأنه لو التصق بعضها بالآخر لحدثت جلطة سدت مسار الدم.. ولكن عندما تصادف في طريقها جرحًا أو جزءًا متمزقًا من وعاء دموي، فإنها تغير من طبيعتها حيث تنتفخ وتتلاصق مع بعضها عند هذا الجرح لكي تسده.. وفي هذه الحالة تكون ما يشبه السدادة لسد ثقب أو جرح صغير بوعاء دموي. وفي حالات الجروح الكبيرة نسبيًا فإنه تبدأ خطوة أخرى لوقف النزيف وهي تكوين الجلطة (Clot).

وتكوين الجلطة عملية معقدة للغاية، حيث تشتمل على تفاعلات كيميائية عديدة ويشارك في تكوينها مواد بروتينية مختلفة تسمى بعوامل التجلط، وهذه يبلغ عددها 12 عاملاً وتهدف في النهاية إلى تكوين شبكة من ألياف بروتينية لسد الجرح.

وتتمثل خطوات هذه العملية في:

– عندما يصاب وعاء دموي والأنسجة المحيطة بتمزق فإنهما بالإضافة للصفائح الدموية المجاورة تفرز مادة تسمى بمنشط البروثرومبين (Prothrombin Activator).

– ويؤدي خروج هذه المادة لتحويل البروثومبين غير النشط (بروتين بالبلازما) إلى إنزيم الثرومبين النشط (Thrombin).

– وهذا الإنزيم يحول نوعًا من البروتينات الذائبة في البلازما وهو الفيبرينوجين (Fibrinogen) إلى بروتين غير ذائب وهو الفيبرين (Fibrin).

– وهذا الفيبرين هو المادة الناتجة الأخيرة من سلسلة التفاعلات الخاصة بتكوين الجلطة الذي يسد مكان الجرح.. والفيبرين عبارة عن ألياف بروتينية طويلة غير ذائبة تصل مكان الجزء الممزق وتتصل مع بعضها مكونة شبكة تلتقط بداخلها الصفائح الدموية المجاورة وخلايا الدم ومركبات أخرى بالبلازما، وهذه الكتلة تمثل بداية الجلطة التي يبدأ تكوينها في أقل من 60 ثانية.

– ومع مرور الوقت تنكمش الصفائح الموجودة داخل هذه الجلطة فتشد حواف الوعاء المتمزق تجاه بعضها لإحكام غلق الجزء المصاب. وعادةً يكتمل تكون الجلطة على هذا النحو بعد حوالي 60 دقيقة.

– يكوّن الفيبرين شبكة عند مكان الجرح تلتقط بداخلها الصفائح وخلايا الدم لسد مكان الجرح.

– تنكمش الصفائح فتتقارب حواف الجرح وينغلق بإحكام.

ومن هنا يتضح أن الصفائح الدموية تقدم لنا خدمة جليلة هي حمايتنا من النزيف الخطر بعمل سدادة عند مكان الجرح.. هذه الخطوة التي تستكمل بتكوين الجلطة لسد الجروح الكبيرة نسبيًا والتي يشارك في حدوثها 12 عاملاً. وإذا حدث نقص في أحد هذه العوامل فقد لا تحدث عملية التجلط بكفاءة. وفي مرض (هيموفيليا- النزف المتكرر) لا يوجد العامل رقم (8) بأجسام المرضى ولذا فإن حدوث جرح بسيط يمكن أن يصيبهم بنزيف مستمر يعرض حياتهم للخطر..

الأسبرين والتجلط

لماذا ينصح الأطباء بعض المرضى بتناول الأسبرين؟

لقد عرفنا كيف تقوم الصفائح الدموية بعمل السدادة أو الجلطة التي تسد مكان الجرح بالوعاء الدموي. ومن ضمن الكيماويات العديدة المشاركة في حدوث ذلك مادة الثرومبوكسين (Thromboxane) التي تؤدي لالتصاق الصفائح الدموية ببعضها عند مكان الجرح والتي تفرزها الصفائح الدموية.

وتناول الأسبرين (حمض الساليسيليك) يثبط خروج هذه المادة. ولذا فإن الأسبرين يقاوم التصاق الصفائح الدموية ببعضها إلى حد ما. ولذلك ينصح الأطباء بعض المرضى الذين يعانون من مشكلة ضيق الشرايين مثل قصور الشريان التاجي أو قصور الشرايين المخية بتناول الأسبرين لتقليل فرصة حدوث جلطات داخل هذه الشرايين الضيقة أصلاً. ومن هنا عرف عن الأسبرين أنه يحفظ سيولة الدم.

وبسبب هذا التأثير أيضًا يمنع تناول الأسبرين لمرضى الهيموفيليا الذين يعانون ضعف التجلط.. ولمرضى قرحة المعدة لأنه يحفز على حدوث نزيف منها.

عدد الصفائح الدموية

يحتوي كل واحد سنتيمتر مكعب من الدم على عدد من الصفائح الدموية يتراوح بين 200-400 ألف صفيحة دموية (حوالي ربع مليون). ويبلغ العمر الافتراضي لها من أسبوع إلى عشرة أيام.. بعدها يتم تجديدها بصفائح أخرى شابة نشطة.

وعندما ينخفض عدد الصفائح الدموية، قد يحدث ضعف القيام بعملية التجلط وحدوث نزيف تحت الجلد على هيئة بقع صغيرة.

ومن أسباب ذلك أن نقص عدد الصفائح الدموية يرتبط بمسببات كثيرة، منها:

– تناول عقاقير (مثل المضادات الحيوية من نوع كلورأمفينيكول، والعقاقير المضادة للسرطان).

– حالات العدوى مثل التهاب الأغشية السحائية ومرض الدرن.

– التعرض للإشعاع.. كما حدث في روسيا لسكان المناطق المجاورة لكارثة تشرنوبل، حيث انتشرت بينهم أمراض الدم عمومًا.

– وجود طحال زائد النشاط، ففي هذه الحالة يسعى الطحال النشط أو المتضخم لالتقاط الصفائح الدموية وتكسيرها قبل بلوغها عمرها الافتراضي.. وعادةً ما يحدث ذلك لكل خلايا الدم الأخرى.

– وجود أجسام مضادة للصفائح.. فأحيانًا يكون الجهاز المناعي أجسامًا مضادة للصفائح باعتبارها أجسامًا غريبة، على سبيل الخطأ.

– في حالات أخرى كثيرة لا يوجد سبب واضح لانتقاص عدد الصفائح الدموية.

– يرتبط نقص عدد الصفائح الدموية ببعض أمراض الجهاز المناعي حيث يهاجم الجسم نفسه ومن أبرزها مرض الذئبة الحمراء.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم