الصحة والغذاء

الشباب في القرآن.. حيوية وشدة وقوة

قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف: 15).

ذكر أكثر المفسرين على أن (وقت الأشد) هو زمان الوصول إلى آخر سن النشوء والنماء وهو 33 سنة تقريبًا، وأن في الأربعين يتم الشباب وتأخذ القوى الطبيعية والحيوانية في الانتقاص والقوى العقلية والنطقية في الاستكمال.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أشده ثلاث وثلاثون سنة، واستواؤه أربعون سنة، والعمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة.

و«الأشد» جمع «شد» وهو تناهى قوته واستوائه. وإذا كان ذلك كذلك كان الثلاث والثلاثون به أشبه من الحلم، لأن المرء لا يبلغ في حال حلمه كمال قواه ونهاية شدته. فإن العرب إذا ذكرت مثل هذا الكلام فعطفت ببعض على بعض جعلت كلا الوقتين قريبًا أحدهما من صاحبه. كما قال جل ثناؤه: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ). ولا تكاد تقول أنا أعلم أنك تقوم قريبًا من ساعة من الليل.

وهناك دراسات طبية أثبتت أن ممارسة الرياضة تعيد للإنسان شبابه وتجعل ابن الخمسين يستعيد نشاطه.. في حين أن ملازمة الفراش لعدة أسابيع تقلل من كفاءة الأوعية الدموية للقلب وبالتالي من قدرة الإنسان على النشاط أكثر من عامل السن.

وقد قام فريق بحثي بقيادة د. بنيامين ليفين المدير الطبي لمعهد التدريب وطب البيئة بولاية دالاس الأمريكية بنشر دراسة في المجلة الدورية للاتحاد الأمريكي للقلب لقياس قدرة الأوعية الدموية القلبية، ومعرفة كيفية استخدام الجسم للأوكسجين، وتأثير التمرينات الجسمانية أو عدمها على معدل سرعة القلب.. هذه الدراسة ساعدت على معرفة الحد الأقصى للأوكسجين الذي يمكن استنشاقه، وهو يعرف باسم (V.o2mdx) وهو مقياس لقدرة الأوعية الدموية للقلب أو ما نسميه القدرة على النشاط.

كما أجريت دراسة أولية منذ أكثر من ثلاثين عامًا على مجموعة مكونة من خمسة شبان أصحاء، من بينهم متسابق جري لمسافات طويلة ولاعب كرة هاو وثلاثة آخرون لا يمارسون أي نشاط رياضي. وقد طلب الباحثون من المجموعة الاستلقاء دون بذل أي نشاط جسماني لمدة 3 أسابيع.. بعدها تم الكشف على أوعيتهم الدموية القلبية، ثم مارسوا تدريبات بدنية عنيفة لمدة 8 أسابيع للكشف على هذه الأوعية مرة أخرى وقياس قدرته على ممارسة التمارين الرياضية.

وبعد 30 عامًا من الدراسة الأولى أصبحت مجموعة البحث في العقد الخامس من العمر، تم إخضاعها مرة أخرى لبرنامج تدريبي جسماني لمدة 6 أشهر والكشف على أوعيتهم الدموية قبل هذا البرنامج التدريبي وبعده..

وقد لوحظ زيادة وزن هذه المجموعة بنسبة 30% عما قبل نتيجة لزيادة نسبة الشحم في الجسم. وكان متوسط نسبته في الدراسة الأولى 13.9% وارتفع في الدراسة الثانية إلى 29%.

وأظهرت النتائج أن الشخص الذي كان يمارس رياضة الجري لمسافات طويلة، انخفضت نسبة Vo2mdx «كفاءة الأوعية الدموية» عنده إلى 12%، بينما الشخص الذي لم يواظب على التدريب على مدى 20 عامًا انخفضت النسبة لديه بمقدار 16%، وآخر لم يواظب على أي تمارين خلال 3 أعوام ويعانى من ضغط مرتفع لم يظهر أي تغيير في كفاءة الأوعية الدموية لديه، أما لاعب الكرة المعتزل فانخفضت قدرته على ممارسة النشاط بنسبة 27%.

وتوصل الباحثون إلى أن الراحة في الفراش لمدة 3 أسابيع كان لها تأثير أسوأ على الأوعية الدموية للقلب من تأثير السنوات الثلاثين الفاصلة بين الدراستين. وهذا يعني أن ملازمة الفراش تسيء للجسم أكثر من تقدم السن.

وفي الجزء الثاني من الدراسة تم إخضاع المشاركين لتدريبات بسيطة كالمشي بانتظام لمدة 24 أسبوعًا نظرًا لأنهم تخطوا سن الخمسين.. وفي نهاية هذه الفترة لوحظ زيادة نسبة Vo2mdx لديهم وبالتالي كفاءة الأوعية الدموية بنسبة 24%.

وقد توصل الباحثون من خلال الدراستين إلى أن مجموعة البحث لم تصل إلى نفس الكفاءة التي كانت تتمتع بها الأوعية الدموية للقلب في سن العشرينيات، وأن فقدانهم للوزن كان بسيطًا وبمتوسط 4 كيلو جرامات ولكنهم استطاعوا بالتمرينات الرياضية التغلب على عامل السن وأنهم من حيث اللياقة البدنية عادوا مرة أخرى إلى أوائل العشرينيات.

أ.د. أحمد محمود حاني – أستاذ بكلية الطب – جامعة أسيوط

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم