الصحة والغذاء

كيف تُوظَّف التقنية الحيوية في حل المشكلات الغذائية؟

أدي التطور العلمي إلى إنتاج مواد غذائية جديدة ومتنوعة أصبحت متوافرة في الأسواق، وفي الحقيقة قد لا نعلم مصدرها أو من أي شيء صنعت هذه المواد؟

قد يستغرب البعض عندما يعرف أن ما يأكله يأتي من كائنات حية دقيقة مثل البكتريا أو فطريات أو حتى فيروسات. فمنذ أن عرف الإنسان كيف يعد الخبز ويصنع الخل ويخمر الألبان أدرك أهمية استخدام الكائن الحي الدقيق في إنتاج المواد الغذائية، وهذه كانت بداية اكتشاف علم التقنية الحيوية.

طعام الملوك في الأصل فطري

لقد أصبح من الممكن على الإنسان تطويع الكائن الحي للإنتاج والصناعة في العديد من المجالات وللعديد من الأهداف، فقد استخدام الكائن بنفسه كمنتج مثل فطر الخميرة، وهو نوع من الفطريات وحيدة الخلية والتي تستخدم بذاتها كمنتج تجاري، وتستخدم في صناعة المخبوزات.

كذلك عمل على زراعة بعض الفطريات الصالحة للأكل مثل فطر المشروم والذي يسمى تجاريًا بـ Agaricus bisporus، والذي كان من الصعوبة في السابق الحصول عليه بكميات كبيرة وفي أوقات مختلفة من السنة، ولذلك كان يدعى في السابق بطعام الملوك.

ومن أهداف العلماء في التقنية الحيوية استخلاص المواد الخلوية، التي تستخدم في الصناعات الغذائية والصحية والمكملات الغذائية والمواد الخلوية هي التي يفرزها الكائن في البيئة المحيطة نتيجة لنموه، ومثال على هذه المواد الأنزيمات.

فاستخدمت الإنزيمات في صناعة الخبز وإضفاء بعض النكهات للأغذية والمشروبات المحلاة، كما يمكن صناعة الشراب العالي الفركتوز Syrup المستخدم في إنتاج المشروبات الغازية والذي تصل نسبة إنتاجه إلى 10 بلايين كيلوغرام كل سنة على مستوى العالم.

الجديد في استخدامات إنزيمات البكتريا

وكذلك استخدمت الإنزيمات البكتيرية في منظفات الغسيل وهذا ما يجعل المنظفات الحديثة تزيل البقع جيدًا وتجعل الغسيل نظيف أكثر من ذي قبل، وهذا بسبب عمل الإنزيم على تفكيك البقع وتحليلها فمثلا إنزيم الـ Proteases يعمل على تحليل البقع البروتينية أو المواد البروتينية العالقة في الملابس، وإنزيم amylases يحلل المواد النشوية أو السكرية وإنزيم الـLipase فيعمل على تحليل الدهون، وكل هذه الإنزيمات تستخلص من بكترياBacillus Licheniformis المحبة للقلوية. (أي تستطيع العيش في بيئة ذات PH من 9-10) وسبب اختيار هذه البكتريا يرجع إلى قدره إنزيماتها على تحمل منظفات الغسيل القلوية.

حامض الستريك المضاف لبعض المنتجات الغذائية ناتج من أيض الكائنات الدقيقة:

ولقد أنتجت بعض المواد الكيميائية من المواد الأيضية لبعض الكائنات الدقيقة، إنتاج حمض الستريك أسد Citricacid كما هو في الصناعة الغذائية والذي يستخدم كإضافات في المشروبات والحلويات، وكذلك يستخدم في إطالة عمر الخبز.

الاستخدام الطبي للكائنات الدقيقة

كما أنتجت الفيتامينات والأحماض الأمينية التي تستخدم صيدلانيًا أو تضاف إلى الطعام من هذه الكائنات، مثل فتامين B12 الذي يفرزه نوع من البكتريا يعيش في الأمعاء الدقيقة في الإنسان ويقوم بإنتاج هذا الفيتامين ليستفيد منه الجسم، ونقص هذا الفيتامين يسبب مرضا. فتمكن العلماء من إنتاج هذا الفيتامين صناعيًا من سلالة الـPropionibacterium وسلالة الـPseudomonas ، ليكون مكملا لمن ينقصه هذا الفيتامين.

أما الأحماض الأمينية تستخدم بكثرة في الصناعات الغذائية والطبية أو كمواد بدائية للصناعات الكيميائية.

فيعتبر الـ Glutamicacid من أهم الأحماض الأمينية التجارية، والذي يستخدم كمنكهٍ للأغذية ويدعى تجاريًا بـMonosodium glutamate (M S G).

وهذا كله يقودنا إلى تساءل مهم: هل كل الكائنات الحية الدقيقة تستطيع أن تنتج منتجات صناعية وتستخدم تجاريًا؟

بالطبع لا فيجب أن يتحلى الميكروب المنتج صناعيًا بخصائص كثيرة تأهله لاستفادة منه، مثلاً ألا يكون الميكروب ممرضا للإنسان أو الحيوان أو النبات.

وأن يكون قادرًا على النمو في مزارع كبيرة وبسرعة، ويكون له القدرة على سرعة التكاثر وإنتاج الجراثيم.

كما وجد أنه بتحوير بعض الميكروبات وراثيًا، تستطيع أن تنتج كميات أكبر من المواد وبدون توقف، ولذلك فكلما كان الميكروب قابلاً للتحول الوراثي وقابلاً للتطفر (أي يمكن عمل طفرة له في جين معين) كان الميكروب جيدًا للإنتاج الصناعي.

رحاب خالد الحجار – متخصصة في علم الأحياء الدقيقة

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم