الصحة والغذاء

الطماطم.. النيئ والمطهي: أيهما أنفع؟

افترض أن لديك شريحة من ثمرة طماطم حمراء طازجة أو قدرًا من الصلصة أو عجينة الطماطم المصنعة، أو البطيخ الأحمر.. وعلمت أنها جميعًا تنطوي على القدر نفسه من الليكوبين النباتي.. فهل تتوقع حين تأكل أيًا منها أن يتلقى جسمك الفوائد الصحية ذاتها؟

لقد بحث علماء التغذية هذه المعضلة وتوصلوا إلى أن السر يكمن في معرفة مدى سهولة «التوفر الحيوى» Bioavailability، لليكوبين النباتي (جاهزيته للامتصاص في الأمعاء) عقب تناول الطماطم مباشرة.

وأبانت بحوث العلماء الألمان أن سهولة التوفر الحيوي لليكوبين في الطماطم تكون منخفضة إذا أكلت نيئة، إذًا لا يكون بمقدور الجسم الاستفادة من الليكوبين الموجود فيها. في حين تزداد سهولة توفره الحيوي ومن ثم امتصاصه في الأمعاء إذا عوملت الطماطم بالحرارة كأن تصنع على هيئة منتجات مثل عجائن الطماطم أو الصلصات.

إن عمليات طهو الطماطم وتصنيعها تحسن من قابلية الليكوبين للامتصاص وتزيد من كمية المادة المتاحة التي يمكن أن يستفيد منها الجسم. والسبب يعزى إلى تعقد تركيب الليكوبين الطبيعي في الطماطم النيئة، حيث يوجد فيها مرتبطًا مع بروتينات وألياف الثمار.

وهنا تساعد درجة حرارة الطهو ومعاملات التصنيع في تكسير تركيب خلايا الطماطم وتحرير وانفراد ما تنطوي عليه من ليكوبين على صورة حرة، فيصبح متاحًا ومتوافرًا بسهولة للامتصاص في الأبدان.

وقد تعرف الباحثون على مادة أخرى تساهم في زيادة معدل الامتصاص. وهذه المادة متوافرة وشائعة الاستعمال في طهو الطعام.. وهي الزيوت والدهون. فتناول الزيوت الصحية مثل زيت الذرة أو زيت الزيتون مع الصلصات يهيئ ذوبان الليكوبين جيدًا، مما يساعد الجسم على حمله وامتصاصه مع الأمعاء ثم نقله سريعًا إلى تيار الدماء، وإلى الأعضاء.

ولكن ماذا عن ليكوبين البطيخ الأحمر وهو الذي يؤكل نيئًا على الدوام؟ 

أجرى معمل «فايتونيو ترانس لأبحاث الغذاء» Phytonutrients Laboratory بحثًا دام 19 أسبوعًا اشترك فيه 23 متطوعًا تم خلاله فحص التوفر الحيوى لليكوبين بعد تناول البطيخ مباشرة، توصل إلى أن البطيخ لا تلزمه الحرارة حتى يتوفر محتواه من الليكوبين بشكل أسهل للامتصاص في الأمعاء. أي أن التوفر الحيوى لليكوبين البطيخ يكون في ذروة مستوياته حين يؤكل نيئًا.

الغذاء أم الأقراص؟

لا يوجد شك في أن لفايتو الليكوبين منافع جمة توجب عدم الافتراق عنه. ولكن هل الأفضل تناول أطعمته الطبيعية من الفواكه والخضراوات، أم نستخدم مستحضراته الدوائية من أقراص وكبسولات؟

يعتقد باحثو التغذية أن الإعلان عن أخذ حبوب وكبسولات الليكوبين ليس واردًا من الناحية التغذوية. وقد حذرت مجلة «التغذية اليوم»، من استخلاص الليكوبين من مصادره الطبيعية لتقديمه للمستهلك في صورة نقية. وذلك بعد أن وجد الباحثون أن إعطاء الليكوبين بمفرده يفقده الكثير من المزايا الصحية، كما يؤدي إلى فقد المغذيات الطبيعية والمركبات الفعالة الأخرى التي تنطوي عليها الفواكه والخضراوات.

والخلاصة أن الأفضل هو تزويد الجسم يوميًا بأغذية الليكوبين. فهي بكل ما تحويه من مغذيات ومركبات صحية، كما أوجدها الخالق العظيم على نحو يعضد  بعضها بعضًا في تآلف عجيب وانسجام هي التي تبشر بأعظم النتائج على طريق صحة الإنسان.

د. فوزي عبدالقادر الفيشاوي – أستاذ علوم تكنولوجيا الأغذية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم