الصحة والغذاء

السر بين الصوم والملح السري

لقرون طويلة مضت، ظلت الوجبات الغذائية مثقلة بالإضافات الخطيرة اعتقادًا بأنها «غير ضارة». ومن ذلك الملح, الذي يمكن أن يسبب جملة من الأضرار للكليتين وللمرارة وللمثانة وللقلب وللشرايين والأوعية الدموية الأخرى, ويمكن أن ينزع الماء من الأنسجة ليوصلها إلى حالة حرجة.

قديمة.. ولكن

ورغم هذه الأضرار وغيرها، إلا أن تمليح الطعام يعتبر عادة تعود جذورها إلى آلاف السنين، وهي عادة قائمة على سوء فهم حقيقي. فالاعتقاد بأن الملح ضروري للجسم ليس أكثر من خرافة.

ومن المعتقد بأن عادة استهلاك الملح ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، حينما كان هناك توازن في توافر أملاح الصوديوم والبوتاسيوم, ولكن الأمطار التي استمرت لمئات عديدة من السنين غسلت من القشرة الأرضية أملاح الصوديوم الأكثر ذوبانًا فظهر نقص في أملاح الصوديوم وفائض في أملاح البوتاسيوم في التربة وفي النبات على التوالي, ونتيجة لذلك ظهرت لدى بعض الشعوب الرغبة في القضاء على نقص الملح فوجدوا بديلاً سيئًا جدًا على الصحة هو كلور الصوديوم اللاعضوي «ملح الطعام»  الذي يؤذي جميع أعضاء الجسم.

ويفسر العلماء الشعور بالعطش المفاجئ بعد تناول الأملاح بأنه محاولة من قبل المعدة للتعامل مع المواد غير الضرورية والتخلص منها مع تيارات الماء إلى الكلى. وعند وصولها إلى الكلى, يمكنكم أن تتصوروا أي تأثير يبديه الملح على المرشحات الناعمة للكلى التي تعتبر الأكثر معاناة من الملح, ويزداد الأمر سوءًا كلما أخذنا من الملح كمية أكبر مما تستطيع الكلى معالجته.

ويترسب الفائض من الملح في الأجزاء المختلفة من الجسم وخاصة في الأقدام والجزء الأسفل من الساق مما يؤدي إلى انتفاخها. ولحماية الأنسجة من هذا السم  يسعى الجسم آليًا إلى تذويب الملح بتخزين الماء في الأجزاء التي يتوضع فيها, وحالما تبدأ الأنسجة برفع نسبة الماء فيها فإنها تنتفخ وتتورم مرضيًا من الأقدام, أو الكواحل.

الصوم وطرح الملح

وقد  لاحظ العلماء أن الصوم لمدة 4 أيام يسمح بطرح الملح من الجسم شرط أن يستعمل الماء المقطر وحتى الماء العادي أثناء الامتناع عن الطعام. وخلال فترة الصوم هذه يجب ألا يدخل أجسامنا أي شيء سوى الماء المقطر أو العادي الذي يمكن أن نشرب منه ما نشاء.

وعندما يخرج الملح من الجسم تعمل الكليتان بحرية ويتوقف جفاف الفم والعطش غير العادي، وهو ما ينتج عنه مرونة الجلد ونشاط العضلات وزوال التورمات فيصبح الجسم أكثر شبابًا ورشاقة.  ويساعد الصوم لمدة 24 ـ 36 ساعة أسبوعيًا على تنظيف أجسامنا من الملح «السري» الذي نتناوله يوميًا من خلال الأغذية المملحة.

تنقية الجسم وتجديده

ويمضي مؤلف الكتاب قائلًا:  عندما تصومون 24 ـ 36 ساعة أسبوعيًا أو 7 ـ 10 أيام أربع مرات في العام فإن القوى التي تحمل العافية تبدأ العمل في أجسادكم. إن هذه القوى تنقي أجسامكم وتجددها.. وعندما تنتقلون إلى الصوم الكامل مع استعمال الماء المقطر أثناء الصوم فإن القوى الحيوية التي تصرف عادة على المضغ والهضم والامتصاص والطرح تستعمل من أجل تنقية الجسم.

ولهذا السبب فإن الصوم يعتبر تنقية داخلية عميقة وراحة فسيولوجية من أجل تجديد القوى الحية.. والصوم هو الأسلوب الوحيد لتخليص الجسم من بلّورات الأحماض السامة التي تتراكم على مر السنين بسبب الإفراط في الأطعمة الحامضية والسامة, التي تسبب آلام الفقرات القطنية والظهر والمفاصل, وإذا كان البعض يتذرع بالقول: «المفاصل تؤلمني لأني أشيخ» فإن هذا غير صحيح لأن السبب الحقيقي هو بلورات الأحماض السامة التي لا تتحطم ولا تطرح خارج الجسم إلا بالصوم.

إنهاء الصوم

وبعد إنهاء الصوم فإن الطعام الأول الذي يجب تناوله هو سلطة الخضار الطازجة ويمكن إضافة عصير الليمون أو البرتقال كتوابل.. إن هذه السلاطة تؤثر على الجهاز الهضمي مثل مكنسة تمنح العمل لعضلاته. بعد السلاطة يؤخذ الخضار المسلوق. أما الوجبة الثانية فيمكن أن  تكون لحمًا أو أي شيء آخر.

وفي الختام يؤكد المؤلف أن الصوم هو الأسلوب الوحيد أمام الإنسان المعاصر الذي يعيش في عالم مسموم هواؤه وماؤه وأطعمته لطرح السموم التي تتراكم في الجسم.

وإذا كان المقصود مما سبق هو الصوم الطبي, فإن في ذلك إشارة أكيدة إلى ما يتضمنه الصوم الإسلامي ـ في شهر رمضان الكريم ـ من معجزة بينة في عالم الروح, ومعجزة تستبين في عالم المادة الذي تجتاحه ملوثات الصناعة والحياة الصنعية.

بتصرف من كتاب : «معجزة الصوم»

للعالم الأمريكي بول بريج

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم