الصحة والغذاء

أساس الحياة.. بطاقة الهوية هدية الآباء للأبناء

الخلية هي أساس الحياة، فهي الوحدة الأساسية لبناء الجسم والأعضاء، فالخلايا تتلاحم بعضها مع بعض لتكون العضو، والأعضاء تتلاحم بعضها مع بعض لتكون الجسم.

وهذا ما حثنا عليه رسولنا الكريم في مدى ترابطنا وتعاوننا في أمور الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضة بعضًا»، وقال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

ولكن ما الذي يحدد تخصص وشكل الخلايا الخارجي؟

وهل تختلف كل خلية في الشكل والوظيفة باختلاف العناصر المكونة لها؟

 وما الذي يحكم هذا الاختلاف؟

لقد وجد أن كل خلية تختلف عن غيرها في الشكل والوظيفة وتتشابه في المكونات الأساسية، فكل خلية تتكون من مكونات عديدة تدعى «العضيات» هذه العضيات تعمل على حياة الخلية وتأمين جميع متطلباتها، كما أنها تصنع المواد اللازمة وتفرزها إلى الخارج ليستفيد العضو منها.

ومن هذه العضيات عضية مهمة تدعى النواة، وهذه النواة تحتوي على ما يدعى «الكروموسومات» وهي أجسام تحتوي على المادة الوراثية لخلايا الإنسان.

وتتكون الكروموسومات من الحمض النووي الذي يرمز له ﺒDNA (وهو اختصار لـdeoxyribonucleic acid) متحدًا مع نسيج بروتيني «البروتين النووي».

ويتكون الحمض النووي من الموروثات التي يطلق عليها الجينات (Genes)، وهذه الجينات تتركب على الـ DNA في مواقع محددة تسمى موقع الجين.

كيف يؤثر الخلل في الخلية على الجسم؟

وتكمن أهمية الجين بأنه يحتوي على معلومات مشفرة لإنتاج البروتينات، وهذا ما يحدد شكل الخلية ووظيفتها، فهي التي تزود الخلية بالتعليمات والإرشادات التي ينبغي بموجبها أن تؤدى وظائف الجسم. فماذا لو حدث ضرر أو خلل على مستوى الخلية وخصوصًا على مستوى الـDNA؟ فإنه سيكون خطرًا حقيقيًا ويصعب علاجه، لأنه خلل في أساس تكوين أجسادنا. وإن أكبر مثال على خطورة هذا الخلل عند من يصابون بالأمراض الوراثية المزمنة مثل مرض الأنيميا، فللناس الأصحاء جين يحكم تركيب البروتين الطبيعي لصبغة خلية الدم الحمراء (الهيموجلوبين).

أما في الأشخاص المصابين بهذا المرض فلهم صورة مبدلة من هذا الجين (أليل) والذي ينتج عنه بروتين هيموجلوبين معيوب وغير قادر على حمل الكمية الطبيعية من الأكسجين إلى خلايا الدم وهذه العملية تسمى عملية الطفور (Mutation).

كما أن الـ DNA يوجد في جميع الكائنات الحية تقريبًا حتى الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتريا والفيروسات.

إذن الـDNA والجينات هي مفتاح كل شخص وبطاقة هويته، وهي هدية الآباء والأجداد لنا عبر السنين المتعاقبة، لأنهم أعطونا من مورثاتهم (جيناتهم) التي انتقلت من جيل إلى آخر بواسطة الكروموسومات والتي بدورها تنتقل من جيل لآخر عن طريق الخلايا التناسلية – النطاف Sperm والبيضة egg.

وكما يقال (من شابه أباه فما ظلم)، وهذه حقيقة علمية أثبتها العلم الحديث، الذي ثار ثورة عظيمة لم تخمد نيرانها حتى الآن في هذا المجال.

ومع تقدم العلوم والتقنيات الحديثة أصبحت الدراسات في هذا المجال واسعة ومتجددة ولا تقتصر على مجال معين، فانتشر علم الوراثة وتطبيقاته في جميع المجالات مثل الطب وعلم الأحياء الدقيقة والزراعة والقضاء وإثبات الأبوة والبراءة من الجرائم وغيرها من مجالات التقنية الحيوية الأخرى.

إعداد: رحاب خالد الحجار – كلية العلوم – جامعة الملك سعود

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم