الصحة والغذاء

من الحظر للانتشار…قصة الأرز عبر التاريخ

من بدايات مبكرة وفي منطقة ما في القوس الآسيوي، انتشرت حبة الأرز إلى كل جهات العالم، حتى أصبح يزرع اليوم في أكثر من 100 دولة بمساحة إجمالية تبلغ 145 مليون هكتار سنويًا، وهذه المساحة تنتج حوالي 475 مليون طن متري من الأرز.

وكانت البذور تزرع مباشرة في الأرض دون استخدام المياه الراكدة، ويبدو أن الصين هي التي بدأت عملية استزراع النبات عبر طمر الأرض بالماء، وهما العمليتان اللتان تمارسان في زراعة الأرز حتى اليوم.  فطمر الماء في برك وتحريك التربة يعملان على تفتيت التربة ويقللان من فقد الماء أما الاستزراع فهو زرع نبات في عمر 1 إلى 6 أسابيع في الماء الراكد. وبهاتين العمليتين يستطيع نبات الأرز منافسة الأعشاب مما يؤدي إلى إنتاجية عالية. وبتطور عمليتي الطمر والاستزراع تحقق تدجين الأرز.

وفي المقابل فإن زراعة الأرز في جنوب شرق آسيا كانت في الأصل في الأراضي المرتفعة الجافة ومنذ وقت قصير فقط بدأت زراعته في دلتا الأنهار. وقد قام المهاجرون من جنوب الصين وشمال فيتنام بنقل طرق زراعة الأرز في الأراضي المروية إلى الفلبين  وإندونيسيا ومن ثم وصل إلى اليابان. أيضًا تم نقل الأرز من غرب الهند إلى سريلانكا منذ القدم.

أما وصول الأرز إلى اليونان ودول البحر الأبيض المتوسط فكان عن طريق جنود الإسكندر الأكبر الذين رجعوا من الهند في عام 340 قبل الميلاد. ومن اليونان وصقلية انتشر الأرز إلى جنوب أوروبا وشمال إفريقيا.

قالوا قديمًا.. فهل قولهم صحيح؟

من المثير للاهتمام أن الجغرافيين الذي يعملون في الحقل الطبي لعبوا دورًا هامًا في القرن السادس عشر الميلادي في تقييد قرار تبني الأرز كمحصول رئيس في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. ففي القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر كانت الملاريا تستوطن جنوب أوربا، وكان الاعتقاد أنها تنتشر بواسطة الهواء الفاسد الذي يخرج من المستنقعات، لذا كان القرار بتجفيف المستنقعات وتجمعات المياه التي يزرع فيها الأرز جنوب إيطاليا. بل كانت هناك تشريعات بمنع زراعته في أطراف المدن، وقد أدت هذه الإجراءات إلى منع انتشار زراعة الأرز في أوروبا.

ولم ينته الشك بأن حقول الأرز تؤدي إلى ظهور الهواء الفاسد بانتهاء عصر النهضة في أوربا، فقد قامت وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية في عام 1988م بإصدار تقارير عن “تأثر البيوت المحمية”، واتفقت المؤسستان بأنه قد حصل تسخين للأرض وأنه مهما اتخذ من إجراءات حكومية لن يمنع  من زيادة درجة حرارة الأرض على الأقل بمقدار درجتين مئويتين، ودون تدخل قوي من الإنسان فإن الزيادة في درجات الحرارة سوف تفوق هذا المستوى.

وتأثير البيوت المحمية هذا يسببه انطلاق بعض الغازات التي تمنع هروب حرارة الأرض إلى الأجواء الخارجية.

وكان غاز ثاني أكسيد الكربون هو المتهم الأول، ولكن علم الآن أن غاز الميثان يحبس طاقة تفوق ما يحسبه غاز ثاني أكسيد الكربون بعشرين مرة. وتقول التقارير أيضًا إن غاز الميثان يزيد تركيزه بمعدل 1٪ كل سنة تقريبًا. وأكبر مصدر لغاز الميثان هو مزارع الأرض المغمورة بالمياه. وفي هذه الأجواء تنمو البكتريا التي تنتج غاز الميثان، وأيضًا فإن نبات الأرز نفسه يعمل كمنفس للغاز يزيد تركيز الميثان في الجو، وتتعقد المشكلة بزيادة الرقعة المزروعة بالأرز وتطوير وسائل الري. وتتهم مزارع الأرز بأنها تطلق 115 مليون طن من غاز الميثان في الهواء كل عام. هل يعني هذا أن تكثيف زراع الأرز يؤدي إلى فساد البيئة؟ وهل ما قاله جغرافيو القرن السادس عشر صحيح؟

ولكنها استمرت في الانتشار

ونتيجة لعصر الاستكشاف في أوربا، فقد تم استصلاح واستثمار أراض واسعة في غرب القارة. وقد قام المستوطنون الأوروبيون بإدخال زراعة الأرز إلى الأمريكتين عام 1685م عندما تمت زراعته بواسطة المهاجرين  في الأراضي الساحلية المنخفضة، التي تعرف الآن بكارولينا الجنوبية، ويعتقد أن  العبيد الذين أحضروا من مدغشقر قد جلبوه معهم. وفي أوائل القرن الثامن عشر انتشر الأرز في لويزيانا وفي القرن العشرين وصل إلى وادي سارمنتو في كاليفورنيا، وكانت بداية زراعة الأرز في نيوساوث ويلز في أستراليا في هذا الوقت نفسه تقريبًا.

هل تعلم؟

* إن الفرد في آسيا يأكل الأرز مرتين أو ثلاث مرات في اليوم.

* إن ما يسمى بالأرز البري (Wild Rice) في أمريكا ليس بأرز على الإطلاق بل نباتات عشبية من أجناس غير جنس نبات الأرز.

* إن الشخص في «ميانامار» يأكل 195 كيلو جرام أرز في السنة وإن الشخص في «كمبوديا» يأكل حوالي 160 كيلو جرام أرز في السنة، بينما يأكل الأمريكي 7 كيلو  جرامات والأوربي 3 كيلو جرامات أرز في السنة فقط، فكم يأكل الفرد منا يا ترى؟

* إن أكثر وأول الدلائل الأثرية إقناعًا لتدجين الأرز في جنوب شرق آسيا قد تم اكتشافها بواسطة وليم سوليم عام 1966م، فقد تم في ذلك العام اكتشاف قطع أثرية لآنية فخارية تحمل دمغة لحبة ونبات الأرز وجدت في منطقة كورات  في تايلاند. وقد تم تأكيد هذه الحقائق بواسطة طرق تحليل التألق الضوئي الحراري والكربون 14 الإشعاعي.

* إن معظم الأرز يستهلك عادة في دول زراعته وما يصدر منه لا يتجاوز 5٪ من الإنتاج العالمي.

* يحتاج إنتاج الكيلو جرام الواحد من الأرز إلى 5000 لتر ماء.

* إن الأسبان هم أول من أدخل الأرز إلى أمريكا الوسطى والجنوبية وجزر الكاريبي فأصبح أحد مكونات المطبخ الأساسية هناك.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم