الصحة والغذاء

أسرار الألبان.. بين الهدي النبوي والعلم الحديث

جاء في الهدي النبوي أن اللبن يجزئ عن الطعام والشراب، فقد ورد في جامع الترمذي عن رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزئ عن الطعام والشراب إلا اللبن» أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

تعالوا بنا نتعرف على بعض ما توصل إليه العلم الحديث عن اللبن، وكيف أنه الطعام الوحيد الذي يجزئ عن الطعام والشراب في آن واحد.

سائل متجانس لكنه معقد

اللبن – علميًا – هو إفراز غدي فطري (من الفطرة) لإناث الحيوانات الثديية (اللبونة) من غددها اللبنية بعد انتهاء فترة السرسوب أو اللبأ.

هذا اللبأ بدوره هو إفراز غدي فطري لضرع إناث الحيوانات الثديية عقب الولادة مباشرة، من (5 -7) أيام، وتركيبه الكيميائي الحيوي هو نفس تركيب اللبن: (ماء، ودهن، وبروتين، وسكريات، ورماد) مع اختلاف في النسب، ويحتوي بعض مضادات الحيوية وبعض منشطات الجهاز المناعي.

ورغم أن اللبن يبدو سائلاً متجانسًا لكنه في الحقيقة خليط معقد التركيب من مجموعة مكونات توجد في ثلاث صور فطرية هي: المحلول الحقيقي، والمحلول الغروي، والمستحلب، وترتبط هذه الصور الثلاث بعضها ببعض في علاقة متزنة كيميائيًا وحيويًا وفيزيائيًا.

ورغم اختلاف نسب محتويات اللبن باختلاف أجناس الحيوان المدر له والتغذية وموسم الحلب، فإنه يحتوي في المتوسط على (86%) ماء، و(4%) دهن، و(4%) بروتين، و(5%) سكريات، و(0.07%) رماد، وبه (13.8%) جوامد كلية. والجوامد الكلية هي مجموع المكونات السابقة ما عدا الماء.

وقد أثبتت دراسات علمية حديثة أن اللبن يحتوي على نحو 50 مركبًا كيماويًا، وما يزيد عن (85) عنصرًا غذائيًا، وعلى ما يقرب من (300) مكون دقيق، وما زالت البحوث العلمية تكشف عن الجديد في مكونات اللبن كل يوم.

سائل الحياة المعجز

ويكون الماء سائل الحياة المعجز، الجزء الأكبر من محتويات اللبن، إذ يمثل (4/5) اللبن فأكثر، حيث تتراوح نسبته ما بين (80 – 90%) باختلاف أنواع الحيوان وأجناسه والتغذية وموسم الحلب.

والماء هو الوسط الذي يحمل باقي مكونات اللبن، إما على صوره ذائبة مثل سكر اللاكتوز (سكر اللبن)، وبعض البروتينات، وبعض الأملاح، وإما على صورة غروية مثل البروتين وبعض الأملاح المعدنية، وإما على صورة مستحلب مثل المواد الدهنية.

والماء في اللبن بهذه النسبة المرتفعة له أهمية تكنولوجية – حيوية في تسهيل عملية إفراز اللبن وحلبه ورضاعته وشربه وهضمه، كما أنه الوسط المثالي لإتمام التفاعلات الكيماوية – الحيوية التي تتطلبها صناعة النواتج اللبنية المختلفة.

ويوجد الماء في اللبن على صورتين هما الماء الحر ويمثل (96%) من ماء اللبن، والماء المرتبط ويمثل (4%) من ماء اللبن.

ونسبة الماء السابقة وحالته الحيوية التي يوجد عليها في اللبن، تجعل اللبن كما جاء في الهدي العلمي النبوي للمصطفى صلى الله عليه وسلم يجزئ عن الشرب لاحتوائه كميات من الماء عالية وبصورة حرة سريعة التمثيل الغذائي والفقد البيئي.

ويحتوي اللبن على المواد الدهنية الحقيقية وعلى الفوسفوليبيدات، والاستيرولات والكاروتينات، والفيتامينات الذائبة في الدهن مثل فيتامينات (أ)، (د)، (هـ)، (ك).

والدهون ضرورية للجسم لحفظ بعض الأعضاء في مكانها بالجسم مثل الكلية، ولترطيب الجلد وإعطائه الشكل الممتلئ الجميل، وهو مخزون الطاقة والماء في الجسم.

ويحتوي اللبن على غازات الأكسجين والنيتروجين، وثاني أكسيد الكربون، وهذه الغازات ضرورية لمنع تخمر اللبن في المعدة، وتعمل على سرعة هضمه، وهي تعمل عمل الغازات في المياه الغازية الصناعية في تفتيت محتويات الطعام في المعدة، وصدق المصطفى – صلى الله عليه وسلم – الذي لا ينطق عن الهوى عندما قال عن اللبن: «فإنه ليس شيء يجزئ عن الطعام والشراب إلا اللبن».

د. نظمي خليل أبو العطا – أستاذ الفلسفة في العلوم – البحرين

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم