الصحة والغذاء

للغذاء دور هام في الاكتئاب المرضي

“الاكتئاب المرضي”وجداني يختلف تمامًا عن حالات الضيق التي يعانى منها الإنسان من وقت لآخر… ذلك إن الإحساس الوقتي بالحزن هو جزء طبيعي من الحياة.. أما  مرض الاكتئاب  فإن الإحساس بالحزن لا يتناسب مطلقًا مع أي مؤثر خارجي يتعرض له المريض.

وهناك أشياء ومواقف في حياة كل منا من الممكن أن تسبب له بعض الحزن، ولكن الأفراد الأصحاء يستطيعون التعامل مع هذه الأحاسيس بحيث لا تعيق حياتهم.

ورغم أهمية العامل الوراثي في الإصابة بالاكتئاب، إلا أن الظروف البيئية لنشأة الإنسان بالإضافة إلى الضغوط الحياتية أيًا كان نوعها سواء في العمل أو المنزل قد تؤدي دورًا مهمًا في حدوث الاكتئاب.

كما اكتشف بعض الأبحاث أن الاكتئاب قد يكون نتيجة اضطراب كيميائي يحدث بسبب انخفاض نسبة بعض النواقل العصبية في بعض مراكز الدماغ وهي «السيروتونين» و«الدوبامين» و«النور أدرينالين»، وأيضًا زيادة نشاط الغدة الكظرية (فوق الكلوية) أو انخفاض نشاط الغدة الدرقية.

وقد يظهر الاكتئاب مصاحبًا لأمراض أخرى كالسكري والقلب، وأمراض عصبية (كالشلل الرعاشي- باركنسون)، وربما صاحب الاكتئاب أمراض نفسية أخرى كالفصام العقلي (الشيزوفرينيا) والوسواس العصابي القهري وغيره.

وقد يؤدي نقص بعض الفيتامينات وخصوصًا فيتامين (ب) إلى ظهور أعراض الاكتئاب إلا أن هذا السبب غير منتشر في البلدان المتقدمة نظرًا لتوازن الغذاء، كما أن استعمال بعض الأدوية قد يؤدي إلى الاكتئاب كأثر جانبي مثل بعض المضادات الحيوية، وكثير من أدوية الضغط، والأدوية المستخدمة في علاج السرطان، وحتى بعض الأدوية النفسية.

من هنا كان لزامًا على المريض أن يخبر طبيبه عن أي مرض آخر يعاني منه وعن أي دواء يتناوله، فربما كان ذلك سببًا في معاناته فيختار له الطبيب دواءً آخر يؤدي نفس الغرض ولا يؤدي إلى الاكتئاب.

وتتعدد صور الاكتئاب وتتنوع..

فقد يذكر المريض صراحة أنه مكتئب وحزين ويبحث عن العلاج بنفسه.. وفي أحيان أخرى قد يزحف المرض تدريجيًا دون أن يدري به أحد، لا المريض ولا من حوله، فيشعر المريض بالفتور وفقدان لذة الحياة، حتى إن الحياة والموت قد يصبحان عنده سواء، بل ربما كان الموت أرحم- في نظره- ويصبح نومه متقطعًا ومضطربًا واستيقاظه مبكرًا وربما قبل طلوع النهار ويكون مزاجه سوداويًا متعكرًا.. ويفقد الرغبة في شهواته الطبيعية فيأبى الطعام ويقل وزنه وتقل عنده الرغبة الجنسية.

كما يشعر باليأس ويحس بذنب لا أساس له.. ويحتقر ذاته ويفقد الثقة بنفسه ويشعر بالإثم والخطيئة.. ويصل الاكتئاب ذروته حينما يشعر أن عضوًا في بدنه قد تعطلت وظيفته أو غاب عن الوجود فما عاد يشعر به.

وقد لا تظهر كل هذه الأعراض بهذه الدرجة فيشكو المريض فقط من آلام وأعراض جسدية يحسبها مرضًا عضويًا فينتقل بين الأطباء حتى يحط رحاله أخيرًا عند الطبيب النفسي، وفي أحيان عديدة لا يشكو المريض من فقدان شهية الطعام وقلة النوم إنه يلتهم كميات كبيرة من الطعام وينام فترات طويلة، لكن هذه الحالة تكون مصحوبة في العادة بقلق دائم وشكوى من آلام جسدية وإعياء في الجسم وتناقص في الطاقة والنشاط.

والاكتئاب له أنواع عديدة أشهرها نوعان رئيسيان:

– اكتئاب تفاعلي: يحدث نتيجة لمشكلة معينة تعرض لها المريض فتفاعل معها بمزاج مكتئب فهو يشعر بالضيق والحزن إلى أن تتحسن ظروفه، أما إذا كانت هذه الظروف مستمرة فإن الاكتئاب قد يستمر معها.

وفي بعض الأحيان ولطول الوقت، فقد ينسى المريض المشكلة بينما يلازمه الاكتئاب. وهذا النوع من الاكتئاب لا يفكر صاحبه بالانتحار عادة وإن كان يكره الحياة، وإذا زادت شدة هذا المرض فإن المريض عندئذ يكون بحاجة للعلاج بالعقاقير. وأما في الحالات البسيطة فيكتفي فيها بالجلسات العلاجية النفسية والتوجيه والنصح الطبي.

– اكتئاب ذهاني: وهو الاكتئاب الذي يكون مصحوبًا بشيء من الضلالات والهلاوس، ويكون المرض شديدًا في العادة، وقد يصل إلى حد اليأس الكامل من الحياة والتفكير في الانتحار أو الإقدام عليه فعلًا. وقد يبدأ نتيجة لمشكلة معينة أو بدون أي سبب محدد.

والغذاء علاج

فقد أثبتت دراسة حديثة أجرتها الرابطة الغذائية لنيوزيلندا أن الإكثار من تناول الأسماك يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من الإحباط. وقد أجرت د. كارين سيلفرس الباحثة بمنظمة الأغذية والمحاصيل بحثًا عرضته أمام المؤتمر السنوي للرابطة الغذائية النيوزيلندية، قالت فيه إن بحثها أظهر أن هناك علاقة قوية بين تناول الأسماك والصحة النفسية. كما توصلت إلى أدلة تشير إلى أن عنصرًا من البروتين الغذائي يسمى «ترايبتوفان» وهو حامض أميني أساسي في الحيوانات ذات العمود الفقري مثل الأسماك والطيور وغيرها، يمكن أن يساعد الأشخاص على التخلص من الإحباط ورفع معنوياته وتخفيف حالة الاكتئاب. وأن هذا العنصر يمكن أن يكون مفيدًا لمقاومة الإحباط. وأكدت على تحسن في الوظيفة الإدراكية في المرضى بالشيزوفيرنيا بين الذين تناولوا وجبات غنية بعنصر «الترايبتوفان». وهذا العنصر يتوفر بكثرة في الموز والجبن الأبيض الخالي من الدسم.

وفي مفاجأة علمية

اكتشف باحثون بريطانيون أن الأسماك أكثر فاعلية من كثير من الأدوية الشهيرة لمحاربة الاكتئاب لدى الإنسان‏..‏ وقال الباحثون إنهم اكتشفوا أن أسماك السالمون والتونة والماكريل وغيرها من الأنواع التي يتم تعليبها‏، عادة ما تحتوي على دهون صحية تعرف باسم ‏(‏أحماض دهنية أساسية‏)‏ تساعد على تحقيق الاستقرار في الحالة النفسية والمزاجية والتخلص من مرض العصر‏. وينصح الباحثون بتناول جرام واحد على الأقل مرتين يوميًا من زيت السمك لعلاج الاكتئاب‏، مع أفضلية تناول الأسماك مرتين في الأسبوع‏.

كذلك الشيكولاته السمراء تحتوي على كمية كبيرة من الكاكاو والذي يحتوي بدوره على مادة (تيوبروميدز) وهي مادة كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي وتؤدي للشعور بالطمأنينة والاسترخاء. ولكن يجب ملاحظة عدم الإفراط في أكل هذه الشيكولاته ومراعاة السكريات فيها والسعرات الحرارية.

كما يمكن الاستعانة أيضًا بالكشمش (نوع من أنواع العنب الأسود) حيث إنه يفيد مغليًا في تنظيم عمل الغدد المسؤولة عن الأدرينالين. كما يمكن إضافة بعض الأعشاب المفيدة في ذلك إلى أطباق الطعام مثل جوزة الطيب، والزعتر، والريحان، وحصى البان.

ويجب الابتعاد عن الأطعمة التي تسبب حساسية للإنسان، حيث إنها يمكن أن تكون سببًا لاكتئابه، خاصة الحالات المرتبطة بالحساسية للقمح والألبان. ويجب استشارة الطبيب عند الشك في الحساسية لأي طعام، وذلك لإجراء اختبارات الحساسية الخاصة بذلك.

د/ خالد سعد النجار

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم