الصحة والغذاء

العادات الغذائية وأثرها على السلوك الاجتماعي

يؤكد أجدادنا أنهم ما كانوا يعرفون ما الأرز وأن غذاءهم كان البر والتمر واللبن، ويؤكد آباؤنا أنهم ما كانوا يعرفون ما الساندويتشات؟

وأنهم عاشوا على الأرز واللحم وأنهم ما كانوا يعرفون أمراض هذا العصر.

أما نحن أجيال الطفرة وما تلاها فإننا نؤكد أننا شهود لانفتاح مذهل في عاداتنا الغذائية وأننا شهود لهذه الأمراض التي تسمى أمراض العادات الغذائية السيئة. فقد اجتمعت في مجتمعاتنا عادات غذائية جاءتنا من شرق وغرب وشمال وجنوب وفي مدة لا تتجاوز العقدين إلى الثلاثة عقود من الزمن أعقبها انتشار  لأمور عدة تشعبت وتشعبت، ولعل من أبرز هذه الأمور  هذا الانتشار للأمراض الحديثة التي لم يسمع عنها من سبقنا من أجيال، مثل السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول وضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات الدماغية. وأصابع الاتهام تشير دائماً إلى سبب رئيس واحد هو التغيرات التي حدثت في سلوكياتنا وفي عاداتنا الغذائية.

فما أسباب هذا التغير في عاداتنا الغذائية.. وكيف يمكن مواجهته.. وهل يمكن القول بأن هذه السلبيات والأخطار لا تمنع من وجود بعض الإيجابيات لهذه التغييرات؟!

ما السبب يا ربات البيوت؟

حملناهذا التساؤل لعدد من ربات البيوت.. ومن الإجابات التي سمعناها:

تقول ن .م – مديرة مدرسة أهلية: لاشك أن عملي يؤثر على نظام غذائنا اليومي داخل المنزل لأنه جعلني أميل إلى صنع الوجبات السريعة التحّضير ولكنني أحرص في  الوقت نفسه  على احتوائها على القيمة الغذائية اللازمة لجميع أفراد الأسرة وأركز بصفة خاصة على الخضراوات والفواكه والبروتينات.

وتضيف: في بداية زواجي  لم أكن أعتمد على الشغالة في إعداد طعامنا ولكن زميلاتي شجعنني على ذلك فبدأت أجرب ذلك، لكن لم أسمح للشغالة أن تفرض علينا أنواع الطعام بل أقوم بنفسي تحديد الأصناف التي أرغب فيها وأطلب منها طهيها.

وتقول الدكتورة «وردة .ع» اختصاصية أمراض نساء: أفضل طهي جميع الوجبات الغذائية اليومية التي أقدمها لأسرتي بنفسي. وتؤكد أن عملها كطبيبة خارج المنزل لم يؤثر على نظام أسرتها الغذائي، فهي تحرص على تقديم كل ما هو مفيد وصحي.

وتقول سلطانة، اختصاصية اجتماعية بمعهد الأمل للبنات بالرياض: بالفعل حدثت بعض التغيرات في عاداتنا الغذائية سواء في تنوع الطعام أو طريقة تقديمه، وكان لهذا آثار سلبية على أطفالنا الذين أصبحوا يميلون كثيراً إلى الوجبات السريعة التي تقدمها لهم الشغالة أثناء انشغالي أو غيابي عن المنزل.

غياب الدفء الأسري

٭ ما تفسير علماء الاجتماع والإعلاميين لهذه العوامل وما الحل الأمثل لهذه المشكلة؟

تقول الدكتورة لطيفة عبدالله اللهيب  : تشابكت العادات الغذائية مع العلاقات الاجتماعية باعتبار أن الطعام نوع من أنواع العادات الاجتماعية المنبثقة من تراث المجتمع وتغير هذه العادات ارتبط باليسر المادي وزيادة الدخل، وبدأ دخول أنواع من الأغذية التي ليس لها صلة بعاداتنا الغذائية الأصيلة، وأدت إلى ظهور العديد من الأمراض الصحية مثل ضغط الدم وأمراض القلب …إلخ.

وتؤكد د. لطيفة أن انشغال الأم أيضاً بالعمل والاعتماد كلياً على شغالات  قادمات من مجتمعات مختلفة كان له أثره على وجود أنواع متعددة من الأطعمة الوافدة والتي لم يتعود عليها الأبناء. ولذلك علينا أن نحدد الدور الذي تقوم به هذه الفئة داخل منازلنا ولا يكون الاعتماد عليهن أساساً في كل شيء.. فيجب على الأم أن تعود إلى مطبخها لإعداد طعام أسرتها، وأن تتعلم شغالاتنا بعض أنواع أطعمتنا التقليدية، بدل أن يعلمننا نحن أنواع أطعمتهن.

سلوكيات غذائية مريضة

الدكتور فهد الخريجي   يؤكد أن المتغيرات العديدة في مجالات الحياة الإنسانية المختلفة أثرت على أنماط السلوك الاجتماعي والأخلاقي بآثار سلبية واضحة، ومن هذه الأنماط السلوكية العادات الغذائية. فقد كان الإنسان يعتمد كثيراً على الوجبات المتوفرة، وغالباً ما تكون طازجة أو أقرب للطبيعة. أما اليوم فنرى أنواعاً من المحسنات الغذائية بالمواد الكيميائية وغيرها.

أيضاً انتشار المطاعم والمحال المتخصصة في الحلويات، والخلل الأسري وضعف الترابط الاجتماعي، كل ذلك دفع العديد من الرجال والنساء إلى الاستمتاع بوجباتهم خارج المنزل. وهو اتجاه معاكس للفطرة والمحافظة على الجسم والصحة.

ويضيف أن الآثار السلبية واضحة في تغير عادات الغذاء والعلاقة الارتباطية بزيادة الأمراض، مثل ضغط الدم والسكر وأمراض السرطان وأمراض الأسنان وغيرها، مما  أحدث إرباكاً للخدمات الصحية وتحميلها فوق طاقتها بسبب المعدة وســوء نظــام التغذية الحديث بين الناس.

هل تكفي بعض الإيجابيات؟!

يشير بعض المختصين بأن سلبيات التغير في عاداتنا الغذائية لا تمنع من وجود بعض الإيجابيات لهذه التغييرات، منها:

– بدأ الفرد السعودي يحرص على القيمة الغذائية للمأكولات وسعراتها الحرارية.

-اهتمام السعوديين بالمعلومات المدونة على الأغذية، مثل محتويات الغذاء ومدة الصلاحية.

 

– كان السائد أن يقوم صاحب المنزل بتقطيع الطعام للضيوف دون مراعاة النظافة أو إمكانية انتقال الأمراض للآخرين.

– بدأت تظهر عادة الاقتصاد وعدم الإسراف في الأكل.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم