الصحة والغذاء

خفايا الأغذية المصنعة..عصائر الفواكه نموذجاً!

ظهرت في أجسام عدد متزايد من الناس وخاصةً في الأطفال اضطرابات صحية لم تعرفها الأجيال البشرية من قبل ,واحتار الأطباء في تشخيص بعضها وعزوا حدوثها إلى الحساسية من المركبات الكيماوية التي تلوث طعامهم وشرابهم ,ويتأثر بها الأطفال أكثر من الآخرين في المجتمع لصغر أحجام أجسامهم, وينتشر في الأسواق بيع الكثير من السلع الغذائية المصنعة بمكوناتها وأسمائها المختلفة وتتنوع وسائل الغش التجاري فيها ,وتتفنن شركات الصناعات الغذائية في إنتاج المزيد من أنواعها الجديدة التي تتباين في مذاقها ونكهتها لتشجيع المستهلكين على تناولها ,وانتشر بيع هذه الأغذية المصنعة في كل مكان ,حتى أصبحت من المكونات الرئيسة على موائد طعام الكثير من الناس ,وتنوعت المركبات الكيماوية المستعملة في صناعة السلع الغذائية كالمواد الملونة والمحسنة للنكهة والمواد الحافظة ومحسنات قوام الأغذية وغيرها وما قد تسببه من مشكلات صحية عرف بعضها وقد يكشف العلماء في المستقبل المزيد منها ,وهي تستخدم بموافقة السلطات الصحية في المملكة وسواها من دول العالم لأن القوانين الغذائية تسمح بها وفق شروط معينة تضعها هيئات المواصفات والمقاييس فيها ، وقد لا تلتزم بعض مصانع الأغذية بمواصفات الجودة النوعية لمنتجاتها وتتفنن في وسائل الغش فيها ويدفع المستهلكون ثمن ذلك من صحتهم .

عصائر فواكه يزعم بأنها طبيعية ؟

شاع بيع الكثير من عصائر وشرابات الفواكه في الأسواق ادعى مصنعوها احتوائها على نسبة لا تقل عن 10% أو أكثر من لب الفواكه أو عصيرها الطبيعي وتزعم بعض شركات إنتاج عصير الفواكه بأنها حضرته من عصير فواكه طبيعي 100% معاد تكوينه مع لب الثمار وبشكل خاص المانجو والبرتقال والتفاح باستثناء نكتار المشمش المحضر من قمر الدين والذي صنع رئيساً من مهروس ثمار المشمش والنشا وسكر الجلوكوز ،ويحتوي الكثير من هذه أنواع شراب الفواكه المحفوظة في علب من الكرتون بالبسترة على مركبات نكهة صناعية يزعم بأنها طبيعية وأخرى ملونة مثل ترتزازين لونه برتقالي ورمزه E 102 وأصفر غروب الشمس ورمزه.E 110 وسكر وحمض عضوي وتصل نسب مكوناتها الصناعية في بعض أنواعها التجارية إلى 100% .

كما يزعم أحد مصانع إنتاج نوع من شراب البرتقال احتوائه على المكونات التالية: عصير برتقال طبيعي بحد أدنى 10% وسكر وحمض الليمون  E330وبيتا كاروتين (مادة ملونة طبيعية صفراء )نكهة البرتقال الطبيعي وبكتين (محسن للقوام )وفيتامين ج وحفظ بالبسترة لعدم استخدام مركبات حافظة ضد فساده بالميكروبات ،ويدعي العديد من مصانع إنتاج شرابات وعصائر الفواكه بأنها تحتوي على نسبة من العصير أو لب الفواكه الطبيعيين دون وجود رقابة على ذلك سوى من ضمائر أصحابها والعاملين في صناعتها كما يزعم البعض إضافة فيتامين ج إلى منتجاتهم ،وفي الواقع يكون هذا الفيتامين سريع التأثر بظروف التخزين السيئة لعلب العصير مثل ارتفاع درجة الحرارة وطول فترة التخزين فيفقد معظمه فعاليته الحيوية خلالها عند وجوده فرضياً ،ولسوء الحظ لا تتوفر طرق علمية دقيقة تستطيع بواسطتها مختبرات الجودة النوعية التأكد قطعياً من وجود النسب المكتوبة على عبوات هذه المنتجات الغذائية من المواد الطبيعية كعصير أو لب الفواكه فيها ، لكن يفيد في هذا الخصوص حساب كميات ما تستورده الشركة المصنعة من عصائر الفواكه الطبيعية وما تنتجه سنوياً من.منتجاتها الغذائية المحضرة منها ،ويمكن صناعة مشروبات فواكه صناعية تشابه الطبيعي بشكل كبير منها باستعمال مواد مضافة للأغذية بعضها تجعل مذاقها طبيعياً ومنها أحماض عضوية مثل حمض الستريك (حمض الليمون ) في مشروب البرتقال وحمض الماليك في عصير التفاح ومواد ملونة صناعية ومركبات منظمة للحموضة مثل سترات الصوديوم ومركبات تحسن القوام مثل البكتين والصمغ العربي والجيلاتين ، ويوجد البكتين طبيعياً في بعض الفواكه كالتفاح والكمثرى وهي تجعل قوامها ثقيلاً يرغبه المستهلكون ،وشاع استعمال مركب ميثايل سليلوز في عمل حبيبات تشبه الموجود منها في عصير البرتقال الطبيعي.ويقع المستهلك العادي في شرك تناوله على أنه من المنتجات الطبيعية ،ويفقد فيتامين ج معظم فعاليته الحيوية عند وجوده طبيعياً أو إضافته للمشروبات نتيجة عملية البسترة لعلب شراب الفواكه لإمكان تخزينها فترة طويلة .

وتتصف معظم الأصباغ الصناعية المستخدمة في الصناعات الغذائية مثل المياه الغازية وعصائر الفواكه بأنها نسبياً غير ثابتة كيماوياً نتيجة تركيبها غير المشبع في روابطه الكيماوية ويبهت لونها عند تعرضها لضوء الشمس والحرارة والأحياء الدقيقة عند تخزينها فترة طويلة وعند اتصالها بالمعادن وتتأكسد تتفاعل مع العوامل المختزلة كالأحماض القوية الشديدة تؤدي أحياناً إلى ظهور بقع ولطخ على السلع الغذائية وقد يؤثر رقم حموضتها على الأصباغ فيتغير لونها ،وتحرر الأحماض الموجودة في الأغذية شكلاً غير ذائب لها كما يتكون نتيجة اتحاد الأصباغ مع بعض العناصر كالكالسيوم والماغنسيوم مركبات غير ذائبة منها في الماء .،ويشترط في اختيار الأصباغ المستعملة في الصناعات الغذائية والدوائية ثبات تركيبها ما أمكن ذلك وأن تكون خاملة كيمائية فلا تتفاعل مع العناصر الغذائية وغيرها في الأغذية.

د.محي الدين لبنية

اضف تعليق

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم