الكبد من أهم أعضاء الجسم الحيوية، فهو دعامة أساسية للصحة والحياة واستمراريتها، وإذا أصيب بمرض فإن أعضاء الجسم الأخرى قد تعتل وتتداعى ويختل نظامها ويفتر نشاطها وحيوتها.
وحينما يتوقف عمل الكبد أو تتدنى كفاءة وظائفه الطبيعية على أثر إصابته بأمراض خطيرة مثل السرطان وتليف الكبد وتشمع الكبد والالتهابات الفيروسية، فإن توقف عمل الكبد قد يؤدي إلى وفاة المريض.
ومن أهم وظائف الكبد أنه يقوم بتحويل المواد الغذائية التي تصل إليه من الجهاز الهضمي إلى طاقة تحتاجها أعضاء الجسم، وخاصةً العضلات والقلب والمخ وإلى بروتينات ومواد أخرى يحتاجها الجسم في وظائف عديدة، ومن المواد التي يقوم الكبد بإنتاجها بعض الفيتامينات وبروتينات المناعة ومواد تساعد على تجلط الدم، والعصارة الصفراوية (المرارة) التي تساعد على هضم الدهون وامتصاصها.
وكما أن الكبد مصنع إنتاج فهو أيضًا مستودع لأشياء ثمينة يحتاجها الجسم، فهو يقوم بتخزين الجليكون الذي يتحول إلى جلوكوز وقت الحاجة إليه، كما يختزن فيتامينات أ، د، هـ، ك، ب12 وعنصر الحديد، ويعتبر الكبد مستودعًا للدم، فهو يحمل بداخله قدرًا كبيرًا من هذا السائل، ولذلك فإنه يمد الجسم بقدر وافر من الدم في حالة الحاجة إليه.
ويعتبر الكبد حصنًا من حصون الجسم المنيعة، حيث تتحطم فيه الميكروبات التي تسبب الأمراض، كما تتحول بداخله السموم والمواد الضارة إلى مواد أقل ضررًا أو عديمة الضرر تستخرج من الجسم عن طريق الكليتين وأعضاء الإخراج الأخرى.
فحينما تصل الميكروبات إلى الكبد فإنها تحاصر بخط هجومي يتمثل في الخلايا الآكلة، وهي خلايا كوبفر Kuppfer`s cells، التي تلتهم الميكروبات وتدرمرها، ويقوم الكبد بإنتاج بروتينات المناعة وأجسام المناعة Antibodies التي تقوم بمقاومة الميكروبات والحد من نشاطها.
ونظرًا لما يؤديه الكبد من وظائف بنائية وإنتاجية وغذائية ودفاعية، فإن اعتلاله يسبب إصابة أعضاء أخرى بالمرض، فحينما يصاب بمرض الكبد الدهني وما يتبعه من مضاعفات خطيرة، مثل تشمع الكبد، فإن التلف الناتج عن المرض يؤدي إلى حدوث خلل في وظائف الكبد، مثل عجز الكبد عن إنتاج المواد التي تساعد على تجلط الدم مما يترتب عليه حدوث نزيف في الأنف أو الجلد أو المريء أو أعضاء أخرى، ومن الإصابات التي تنتج عن تشمع الكبد تورمات الأقدام والاستسقاء (تجمع سائل في التجويف البريتوني) وتضخم الطحال وضمور الخصيتين وفقدان الرغبة الجنسية.
وقد يؤدي اعتلال الكبد إلى الإصابة بغيبوبة الكبد، حيث تعجز خلايا الكبد عن تحويل الأمونيا التي تصل إليه من الجهاز الهضمي إلى مادة أقل خطورة من الأمونيا، وبهذا فإن نسبتها ترتفع في المخ وتسبب الغيبوبة.
ومن الأمراض التي تمثل خطورة على الكبد وتعرقل وظائفه التهاب الكبد الفيروسي بأنواعه المختلفة (أ، ب، ج A, B, C وغيرها)، وهو مرض يسبب زيادة حجم الكبد واعتلال وظائفه والفشل الكبدي والغيبوبة الكبدية واليرقان (الصفراء)، وتشمل أعراض المرض فقدان الشهية للطعام وانفخاض الوزن والحمى والغثيان والقيء وآلام المفاصل.
أ.د.عز الدين الدنشاري /أستاذ الأدوية والسموم
كلية الصيدلة، جامعة القاهرة