تظهر في فترة المراهقة بعض المشكلات التي لها علاقة بالغذاء والتغذية، إما كأثر ناتج عن التغذية أو كعامل يؤثر على الوضع الغذائي للشباب أو الشابات في هذه الفترة من العمر. وسوف نناقش فيما يلي المشكلات ذات العلاقة بالغذاء والتغذية لهذه المرحلة:
سلوكيات مرضية
إن تدخين السجائر وشرب الكحوليات وتعاطي المخدرات من المحرمات الشرعية ومن السلوكيات المرضية التي تبدأ عادة خلال مرحلة المراهقة. وفي كثير من الحالات لا يقل تأثيرها على الحالة الغذائية ضررًا عن تأثيرها الخطير على الحالة الصحية والنفسية والاجتماعية، ولهذه الأضرار فقد نهانا عنها الله سبحانه وتعالى.
ويعد تدخين السجائر من المخاطر الرئيسية على صحة الفرد، وتظهر آثارها السيئة مع مرور الوقت، فأسباب الوفاة التي لها علاقة بالتدخين تمثل 90٪ من سرطان الرئة، و75٪ من حالات التهاب القصبات الهوائية المزمن، والانتفاخ الرئوي، و25٪ من أمراض القلب الوعائي، حيث إن النيكوتين يزيد من لزوجة الدم فيزيد حدوث جلطات بالدم أو حدوث سكتات بالقلب أو المخ، كما تضيق الأوعية الدموية ويرتفع ضغط الدم مما قد يؤدي إلى انفجار في الشرايين وحدوث نزيف.
ويزيد التدخين من حدوث النزلات الوافدة، ويقلل من مناعة الجسم ضد الأمراض، ويزيد من سرعة الإجهاد، ويمثل خطورة على الحمل والجنين.
كما يعمل التدخين على إضعاف حاستي التذوق والشم، ويزيد من الكمية التي يحتاجها الفرد من فيتامين ج (C) وذلك للمحافظة على مستوى المصل لهذا الفيتامين.
فإذا ما قورنت كمية أو مستوى المصل من فيتامين ج (C) عند شخصين، فسنجد أن مستواه في المصل لدى الشخص المدخن (الذي يدخن أكثر من 20 سيجارة في اليوم) أقل بحوالي 25٪ عنه في الشخص غير المدخن. والتأثير يكون أكثر في الأشخاص الذين يدخنون من 20 إلى 40 سيجارة في اليوم، إذ يؤدي تدخين السجائر إلى تقليل امتصاص فيتامين ج (C).
أما تعاطي المشروبات الكحولية فإن له مضاره العديدة التي تشمل الجسمية والنفسية والصحية والأخلاقية والدينية. فهو يؤدي إلى تلف الخلايا المبطنة للأمعاء الدقيقة والتي تمتص العناصر الغذائية مما يعوق امتصاص الفيتامينات وخصوصًا فيتامين ب1 (B1)، وفيتامين ب6 (B6)، والنياسين، وحمض البانتوثينيك، وحمض الفوليك، وكذلك الفيتامينات الذائبة في الدهون بالإضافة إلى بعض العناصر المعدنية مثل السلينيوم.
كما يؤدي إلى تليف والتهاب الكبد مما يعوق وظائفه في التخلص من السموم وفي عمليات هضم الطعام، والتهاب غدة البنكرياس مما يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي لبعض الأغذية. كما يؤدي إلى تقرح المعدة، وضعف العضلات وازدياد خطوة أمراض القلب والأوعية الدموية، وفقدان بعض العناصر الغذائية نتيجة الغثيان، والقيء، والإسهال، وانخفاض مقاومة الجسم للأمراض المعدية.
بالإضافة إلى أن المشروبات الكحولية تحل محل الغذاء الجيد لدى المدمن، وتمنحه كمية من السعرات الحرارية التي ليس لها قيمة غذائية. وتؤدي قلة امتصاص العناصر الغذائية مع الأضرار الأخرى للكحول إلى زيادة حدوث بعض أنواع السرطان.
آفة الآفات
وإن تعاطي المخدرات هو آفة الآفات بسبب ما تحدثه من آثار سيئة على الصحة عمومًا وعلى تدهور الحالة الغذائية للفرد، حيث يعيش المدمن حياة غير منتظمة، وبالتالي يفقد عادات النظام الغذائي السليم وتنعدم لديه الشهية، ويصاب بعدم الاتزان، مما يؤثر على وضعه الغذائي. كما تسبب المخدرات التهابات الأنف، والفم، والحلق، مع عسر في الهضم، وحموضة وفقدان للعناصر الغذائية نتيجة الغثيان، والتقيؤ والإسهال.
وعند تعاطي المخدرات عن طريق الحقن قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض معدية خطيرة على صحة وحياة المدمن مثل التهاب الكبد الوبائي النوع (ب)، والنوع (ج)، وكذلك مرض عوز المناعة المكتسبة (الإيدز)، ولابد من الإشارة إلى الآثار السيئة الكبيرة الناجمة عن تعاطي الأدوية المهدئة دون وصفة الطبيب أو تعاطي الأدوية التي تعمل على خفض الشهية والتي قد يكون لها تأثير إدماني. والمخدرات لا تؤثر سلبًا فقط على حالة الجسم بل أيضًا على السلوك الفردي، فالمتعاطي دائمًا ما يكون غير مستقر عائليًا ويفقد أصدقاءه ويسيء معاملة الأطفال وينتهك طفولتهم Child Abuse، وعدم المواظبة على المدرسة أو العمل أو العبادات أو الرياضة البدنية.
أما بالنسبة للحامل التي تتعاطى الكحول أو المخدرات فبالإضافة إلى الأسباب السابقة الذكر فإنها تُعرض جنينها إلى إحداث تلف في المخ وقلة النمو والتخلف العقلي، أو الوفاة قبل أو بعد الولادة مباشرة وإذا لم يتوف تظهر عليه أعراض الإدمان. لذا يجب على الوالدين وجميع أفراد الأسرة أن يكونوا على وعي وإدراك لما يجري حولهم، وتوجيه الابن أو الابنة التوجيه السليم، وتكوين علاقة صداقة ما بين الوالدين والأبناء حتى يجنبوهم الوقوع في براثن الإدمان.
وتؤكد معظم مراكز العلاج أهمية تنمية الثقافة الغذائية للمرضى وأهمية تنظيم مواعيد الطعام مع التوصية بوجبات غذائية منخفضة الدهون ومعتدلة في كمية البروتينات، ولكنها عالية في الكربوهيدرات المركبة مع إعطاء المريض كمية كبيرة من عصائر الفاكهة خلال مرحلة إزالة سمية المواد المخدرة من الجسم Detoxification.
وعندما يعاني المريض من انخفاض في الوزن يضاف إلى طعامه الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية، والفيتامينات والمعادن، مثل الفاكهة المجففة مع البقوليات، والحبوب المدعمة بالفيتامينات والمعادن.
د.خالد بن علي المدني – استشاري التغذية العلاجية