الصحة والغذاء

هرمون الأستروجين وتأثيره في الوظائف العقلية

هرمون الأستروجين: مستقبلاته توجد في 300 نسيج من أنسجة الجسم المختلفة، من المخ إلى الكبد إلى العظام. وهذا يعنى أن هذه الأنسجة تستجيب لوجود الأستروجين. ويحتاج كثير من الأنسجة مثل القناة البولية التناسلية، والأوعية الدموية، والجلد، والثدي للأستروجين للحفاظ على سلامتها ومرونتها والقيام بوظائفها.

ويرتفع هرمون الأستروجين في جسم الفتاة ابتداء من عمر 8 سنوات استجابة لسيمفونية من الإشارات تؤدي إلى التطور الجنسي. وتعمل غدة تحت المهاد (الهيبوثلامس) في المخ عمل المايسترو لتنبيه الغدة النخامية لإفراز الهرمونات التي بدورها تحفز حويصلات المبيض على النمو وإفراز الأستروجين.

وفي سن 11 أو 12 سنة يزداد إفراز الأستروجين وهرمونات أخرى من المبيض بدرجة ينتج عنها نمو وتطور الثدي ونمو شعر الإبط والعانة وبداية حدوث الطمث. ولأن هذه الهرمونات تؤثر في عديد من الأنسجة، فإننا نلاحظ ظهور علامات البلوغ على الفتيات مثل زيادة إفراز الدهون على الشعر والجلد، وتقلب المزاج، والميل نحو الجنس الآخر، بالإضافة إلى التقلصات التي تحدث أثناء الدورة.

وبنفس الطريقة التي يرتفع بها الأستروجين بعد مرحلة الطفولة، فإنه يبدأ في الزوال بعد ذلك بحوالي 20 عامًا أي من بداية الثلاثينيات. ولكن تأثير الانخفاض نادرًا ما يكون ملحوظًا إلا في انخفاض الخصوبة حتى بداية الأربعينيات، حيث تبدأ المرأة في الاقتراب من سن اليأس فيبدأ حدوث الطمث بصورة غير منتظمة ويجف الجلد ويصبح الشعر سهل التقصف وأقل كثافة. وبعض النساء يفقدن الرغبة الجنسية وبعضهن يعاني من تقلبات المزاج بطريقة مشابهة لمرحلة المراهقة.

وحتى قبل أن تولد البنت، يترك الأستروجين علاماته الثابتة التي لا تمحى على الوظائف العقلية.  والأستروجين لا يقوم فقط بنقش أو نحت المخ أثناء التطور الجنيني، ولكنه يظل يؤدي دورًا هامًا في الذاكرة والتعلم مدى الحياة.

وبينما تكون جميع الأجنة سواء كانت ذكورًا أم إناثًا معرضة لتأثير الأستروجين الخاص بالأم في الرحم، فإن الذكور فقط هي التي تنتج الأندروجين من خصيهم في الأسبوع الثاني عشر من الحمل الذي بدوره يؤثر على المخ خاصة منطقة تحت المهاد (الهيبوثلامس) التي تتحكم في السلوك الجنسي وتقوم بتنظيم ميزان الحرارة والماء في الجسم

وقبل الولادة، وبسبب تأثير الهرمونات الجنسية، يتم طباعة كثير من الفروق الموجودة بين الجنسين مثل تفوق الذكور في الرياضيات وتفوق الإناث في اللغات وفي فهم تعبيرات الوجه والتفوق السمعي الطفيف للإناث. ثم تقوم هذه الهرمونات فيما بعد بدور هام في تأمين نمو وسلامة خلايا المخ في كلا الجنسين. (في الذكور يتحول بعض التستوستيرون إلى أستروجين في المخ). وحينما يحدث نقص في مستوى الأستروجين فإن الذاكرة والتفكير يتأثران سلبًا.

وفي جامعة ماك جيل McGill بكندا، أجريت دراسة حول تأثيرات العلاج بالأستروجين على النساء اللاتي أزيلت مبايضهن (مصدر إنتاج الأستروجين) فوجدت أن النساء اللاتي تم حقنهن بالأستروجين كن أفضل في التعلم واسترجاع المعلومات من اللاتي لم يأخذن أستروجين. وكان التأثير محددًا بطريقة مدهشة، حيث تفوقت تلك النساء في الاختبارات اللفظية (مجال تفوق المرأة) وليس الذاكرة التخيلية.

كما لوحظ أن الارتفاع والانخفاض في مستوى الأستروجين أثناء الدورة الشهرية للمرأة يؤثر على الأداء الذهني. لكن هذا لا يعني أن المرأة تكون أقل كفاءة بدرجة ملحوظة في حياتها العملية في هذه الفترة، فالتغيرات تكون طفيفة إلى حد ما. كما يختلف مستوى أداء النساء عند تنفيذ مهام معينة باختلاف مستوى هرمون الأستروجين لديهن طوال الدورة الشهرية، فالمستويات العالية من الهرمون كانت مصحوبة بانخفاض القدرات التخيلية أو الفراغية، وأيضًا بارتفاع المهارات اللغوية واليدوية. وقد وجد أن العلاج الهرموني يعطي نتائج جيدة في التغلب على هذه الحالات. ورغم أن العلاج بالتستوستيرون ربما يكون له نفس التأثير على المرضى من الذكور. إلا أن الأستروجين لم يتم اعتماده بعد كعلاج لمرضى الزهايمر، ولكن الأمل كبير في أن يصبح علاجًا نافعًا إذا توافر مزيد من الأدلة والبراهين التي تؤيد فائدته وسلامته للوقاية أو العلاج من هذا المرض.

أ.د. مسعد شتيوي – أستاذ العلوم الزراعية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم