الشباب الدائم.. هو الحلم القديم للبشرية. وعلى مدى التاريخ تعددت محاولات العلماء للوصول إلى سر الشباب المتجدد، وكان حلم علم الخيمياء، أو الكيمياء السحرية، العثور على حجر الفلاسفة، الذي يحيل المعادن الرخيصة ذهبًا، والذي يحيل الإنسان الضعيف الفاني إلى إنسان ذهبي يستطيع مقاومة الفناء.
وحتى اليوم، مازال العلماء يبحثون عن سر الشباب الدائم. وبحثهم اليوم يأخذ اتجاهين. البحث في سر الأعمار الطويلة لدى بعض المجتمعات في أماكن خاصة من العالم، ثم البحث عن سر الفناء من داخل الخلية أصغر وحدة في الكيان البشري.
خبراء تجديد الشباب
نتيجة لتعدد البحوث في وسائل تجديد الشباب، تخصصت في العقود الماضية فئة من الأطباء والعلماء في بحث وسائل إطالة الحياة وتجديد الشباب. ومن أشهر وأول هؤلاء العلماء الخبير الروسي في تجديد الشباب، إيليا متشينكوف، الذي ولد عام 1845. وهو مثل فورونوف عاش معظم حياته في فرنسا، وقد عمل كيبولوجي مساعد مع العالم الكبير لويس باستير، وفي عام 1904 وصل إلى منصب نائب مدير معهد باستير. كان ميتشنكوف مهمًا ومتخصصًا في عملية التحصين وتوفير المناعة ضد الأمراض. وقد حصل على جائزة نوبل عام 1908 عن بحوثه حول الخلايا التي تحرس الجسم من الأمراض الغازية.
وقد توصل ميتشينكوف إلى نظرية تقول إن هناك مواد في الأمعاء الغليظة تتحول إلى سموم تضعف صحة الإنسان وتعجل بشيخوخة الجسم. ولهذا قال إنه من أجل الحفاظ على الشباب وإطالة العمر يجب أن يخضع الجسم لبرنامج تطهير منتظم للأمعاء.
ولعل الفضل في انتشار استخدام اللبن الزبادي في أوروبا الغربية يعود إلى ميتشينكوف، فهو يعتمد على اللبن الزبادي اعتمادًا كبيرًا في تطهير الجهاز الهضمي، فاللبن الزبادي في رأيه يضعف البكتيريا السامة في الأمعاء.
وقد واصل العالم ألكسندر بوجو موليه جهود ميتشينكوف في محاولة إعادة الشباب، وقد توصل إلى مصل يفترض فيه تنشيط أجهزة الجسم الدفاعية ضد مسببات الأمراض والشيخوخة. ورغم أن هذا المصل حاز اعترافًا داخل روسيا لكنه لم يكتسب نفس الاعتراف خارجها.
عقار الشباب
من أشهر الأطباء الذين عملوا في ميدان إعادة الشباب، الطبيب السويسري بول ينيهانز الذي توصل إلى نظام للعلاج الخلوي، يعتمد على الحقن بخلايا الماشية الطازجة أو المجمدة.
ومن أشهر الذين خضعوا لهذا العلاج الخلوي البابا بيوس الثاني عشر، والمستشار الألماني كونراد أديناور، والكاتبان المعروفان توماس مان وسمرست موم، ورجل المال برنارد باروخ.
ورغم إعلان ينيهانز أنه مارس علاجه هذا على أكثر من 50 ألف شخص، لكن هذا النوع من العلاج، كان غير مصرح به في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. المعارضون لهذا النوع من العلاج يقيمون اعتراضهم على أساس أن بحوث هذا العلاج ينفق عليها ينيهانز شخصيًا، وأن نتائج التجارب لم تنشر في أي مجلة علمية محترمة، كما أن العلاج الخلوي قد يحمل معه بعض المخاطر بالنسبة للشخص المعالج، خاصة إذا ما تولى العلاج شخص غير مؤهل أو خبير بهذا النوع من العلاج.
عقار تجديد الشباب
وأخيرًا، نصل إلى دكتورة آنا أصلان التي حازت شهرة طوال سنوات مضت في أوروبا، وهي مديرة معهد أمراض الشيخوخة في بوخارست برومانيا، وقد اخترعت عقار تجديد الشباب المعروف باسم «هـ3». يعتمد في تكوينه على مادة البروكاين (يستخدمه بعض أطباء الأسنان للتخدير)، بالإضافة إلى بعض المواد التي تقوي تأثير هذه المادة.
إذا بدأ شخص ما علاج الشيخوخة بعقار هـ3، فلا بد أن يعاود العلاج به على فترات منتظمة من حياته، وحتى لا يحدث له ردة فعل عكسي، لكن نتائج العلاج بهذا العقار تثير خلافًا بين المختصين. وقد حكم اتحاد الأطباء الأمريكيين عليه بأنه يتكون من مادة بروكاين وهي ليست بالضرورة ذات أثر على تجديد الشباب.
وهكذا… تتواصل جهود العلماء في هذا المجال، لتردد نفس الاهتمامات القديمة التي دفعت السحرة وعلماء الخيمياء للبحث عن حجر الفلاسفة.