إن تغذية الحامل لها أهمية ومواصفات خاصة، فلم يعد طعامها لها وحدها، وإنما صار يشاركها فيه جنينها بين أحشائها، فسواء رضيت أو لم ترض أصبح لزامًا عليها أن تمد طفلها بكل ما يحتاج إليه من عناصر غذائية ضرورية لنموه من خلال ما تأكله من طعام ولو كان على حساب جسمها.
إن الطعام الذي تتناوله الحامل يمتص في مجرى الدم، ويصبح متهيئا لأن تنتقي منه أنسجة جسمها أو جسم الجنين العناصر الغذائية اللازمة لبناء الجسم، فإذا كان هذا الطعام غنيًا بهذه العناصر فإن الجنين يتمكن من الحصول على كل ما يلزمه حتى ينمو نموًا طبيعيًا. وإذا افتقر الطعام إلى هذه العناصر الضرورية من جسمها فتصير عرضة للضعف والمرض، كما يتعرض طفلها للضعف ونقص النمو. ومن الملاحظ كذلك أن الأمهات اللاتي يتناولن غذاء مناسبًا في أثناء الحمل تكون ولادتهن أكثر سهولة كما يقل تعرضهن لاحتمال حدوث ولادة مبكرة عن غيرهن من الحوامل اللائي لا يلتفتن جيدًا لطعامهن.
ليس من المهم أن تتناول الحامل قدرًا كبيرًا من الطعام، ولكن الأهم هو أن يحتوي الطعام على العناصر الغذائية اللازمة لحاجة جسمها وجنينها في أثناء فترة الحمل، والتي أهمها: البروتينات والفيتامينات بأنواعها والحديد والكالسيوم.
فالبروتينات هي التي تبني أنسجة الجسم، والكالسيوم يبني العظام، والحديد ضروري لتكوين الدم، أما الفيتامينات فتحتاجها خلايا الجسم لتتمكن من القيام بأنشطتها الطبيعية أما باقي العناصر الغذائية التي نتناولها في طعامنا اليومي مثل النشويات والسكريات والدهون، فلا تحتاج إليها الحامل إلا لتستكمل كمية السعرات الحرارية (الطاقة) التي يحتاج إليها الجسم للقيام بوظائفه المختلفة، غير أنها ليست ضرورية بالنسبة للجنين، ومن الأفضل الإقلال منها حتى لا تتعرض الحامل لمزيد من الوزن الزائد. يجب أن تحرص الحامل على تناول بعض الأطعمة بصفة يومية لتمد جسمها بالعناصر الغذائية الضرورية السابقة.
اللبن:
يأتي اللبن في مقدمة الأغذية الضرورية للحامل بفضل احتوائه على نسبة عالية من الكالسيوم اللازم لضمان سلامة نمو أسنان الجنين وعظامه، كما أنه مصدر مهم للبروتينات اللازمة لبناء أنسجته.
يؤخذ يوميًا عدد 2 كوب من اللبن على الأقل، ويراعى إزالة قشدته، ويمكن تناول المزيد منه من خلال منتجات الألبان كالزبادي والجبن. ويعتبر اللبن هو أفضل الوسائل لإمداد الجسم بما يحتاج إليه من الكالسيوم.. أي أنه من الخطأ والحماقة أن تعتمد الحامل على تناول أقراص الكالسيوم المصنعة، وتنصرف عن تناول اللبن. وفي حالة عدم تقبل طعم اللبن يمكن التغلب على ذلك بإضافة قليل من الكاكاو أو الشاي إليه فهذا لا يؤثر على قيمته الغذائية.
الخضراوات والفاكهة:
كلاهما من المصادر الغنية بالفيتامينات والحديد والكالسيوم ولذلك ينبغي أن يدخلا ضمن الغذاء اليومي للحامل، مع مراعاة تخصيص جزء للخضراوات الطازجة غير المطبوخة وأن يكون ذات أوراق خضراء وهذا ما يمكن تناوله من خلال طبق سلطة الخضار كالجرجير والخس والخيار والطماطم.. وللحامل حرية الاختيار في باقي الأنواع من الخضراوات والفاكهة.. ويفضل من الفاكهة البرتقال.
اللحوم:
وهي من المصادر الغنية بالبروتينات، ويفضل منها اللحوم البيضاء عن اللحوم الحمراء أي لحم الأسماك والطيور مثل الدجاج. ويفضل أن تكون خالية من الدهن.. أي ينبغي نزع طبق الجلد الخارجية عنها، ولبعض أنواع اللحوم بصفة خاصة قيمة غذائية كبيرة على أن تؤكل طازجة مثل الكبد والكلى والقلب والمخ، كما ثبت أن لحم الأسماك من أفضل أنواع اللحوم . بل يمكن أن تحل كل أنواع الأسماك والحيوانات البحرية محل اللحم عامة.. وذلك لاحتوائه على قدر كبير من البروتينات والمعادن الضرورية للجسم، فضلاً عن أن زيوتها تساعد على خفض نسبة الكولسترول بالدم، وضبط ضغط الدم، علاوة على سهولة هضمها.
البقول والخبز:
من المفيد للحامل تناول قدر من البقول مثل الفول مع تناول الخبز (القمح) فهذه الحبوب تمد الجسم بالطاقة اللازمة لأداء الأنشطة المختلفة علاوة على ما تحتويه من عناصر غذائية مفيدة بوجه عام.
ويفضل من أنواع الخبز: الخبز الأسمر (البلدي) فقد ثبت أن له فائدة كبيرة للجسم ويساعد على منع حدوث الإمساك حيث يزيد من كتلة النفايات، وبذلك يكون فيه فائدة كبيرة للحامل خاصة التي كثيرًا ما تتعرض للإمساك في أثناء الحمل.
البيض:
يؤكل بيضة واحدة يوميًا على الأقل فالبيض غذاء مفيد جدًا للحامل لاحتوائه على نسبة مرتفعة من الحديد اللازم لتكوين دم الحامل ودم جنينها.
فيتامين «د» واليود:
تزداد حاجة الحامل إلى فيتامين «د» خصوصًا في الشتاء حيث يقل تعرضها للشمس.. فمن المعروف أن أشعة الشمس تساعد على تكوين هذا الفيتامين الضروري في الجسم.
ويعتبر زيت كبد الحوت من أغنى المصادر بهذا الفيتامين.. ويمكن تناوله مركزًا من خلال بعض المستحضرات الطبية.. ويجب استشارة الطبيب الخاص لتحديد الجرعة المناسبة. كما تزداد حاجة الجسم إلى اليود في بعض المناطق التي تفتقر فيها المياه إليه، وفي هذه الحالة ينبغي على الحامل تناول قدر إضافي من اليود سواء من خلال بعض الأطعمة وأهمها الأسماك والحيوانات البحرية بصفة عامة، أو من خلال أحد المستحضرات الطبية، ويكون ذلك باستشارة الطبيب الخاص.
ملح الطعام:
يجب على الحامل أن تقلل من تناول الملح في الطعام على قدر المستطاع، وكذلك الأطعمة المملحة عمومًا كالفسيخ والرنجة.. وذلك لأن التغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على جسم الحامل تساعد على احتجاز الملح به، فلا داعي لاحتجاز المزيد لأن ذلك قد يؤدي لارتفاع ضغط الدم، وتورم القدمين، وظهور الزلال في البول، وهذه الحالة يطلق عليها اسم «تسمم الحمل».
السوائل:
الاهتمام بتناول السوائل شيء مفيد للحامل وغير الحامل ولتختر منها الحامل ما تشاء مثل الحساء وعصائر الفاكهة، لكنه لا ينبغي إهمال شرب قدر مناسب من الماء.. ويكون ذلك بمعدل ستة أكواب يوميًا.. فالماء يطهر الدم من السموم والفضلات، ويساعد على تنظيم وظائف الجسم المختلفة، ويخلص الكليتين ومجرى البول مما يعكرهما من فضلات ورواسب.
نوعيات خاصة من الغذاء للحامل
جذور البنجر:
يحتوي البنجر على نسبة مرتفعة من الحديد اللازم لتكوين الدم دون إحداث إمساك كما هو الحال مع معظم مستحضرات الحديد ولذلك ننصح الحامل بأن تقبل على تناول البنجر سواء في صورته الطبيعية أو تناوله على هيئة عصير بعد القيام بعصر الجذور.. كما يمكنها الاعتماد على كبسولات البنجر وهي مستحضر دوائي يحتوي على خلاصة البنجر في صورة بودرة.. لكنه لاشك أنه من الأفضل الاعتماد على البنجر في صورته الطبيعية.
مشروب الحلبة
فائدة الحلبة بالنسبة للحمل والولادة أنها تساعد على مرونة عضلات الرحم، وتزيد من قوة انقباضاتها، ولذلك فهي تؤخذ في صورة شراب من البذور المطحونة، أو كبسولات من بودرة هذه الحبوب خلال الأسابيع الأربعة أو الستة الأخيرة من الحمل.
البقدونس
وفائدته للحامل أنه مصدر غني بالحديد والبوتاسيوم والفسفور.. كما أنه له مفعولاً مدرًا للبول.. وبذلك يساعد على تخليص جسم الحامل من الماء المتراكم به.
التوت الأحمر
ويعتبر وسيلة فعالة لمنع الغثيان والقيء المصاحب لمراحل الحمل الأولى. ولهذا الغرض تجفف أوراق التوت الأحمر ويضاف ملء ملعقة كبيرة إلى فنجان ماء مغلي، وتنقع الأوراق لمدة 10 دقائق، ويشرب مثل هذا الفنجان صباحًا يوميًا.