تنعكس حالة الدم على صحة الجسم كله.. فإن كان سليمًا طبيعيًا تمتعنا بالحيوية والنشاط، أما إذا كان فقيرًا في مكوناته أو ناقصًا في خصائصه الطبيعية صرنا عُرضة للتعب السريع والإجهاد، بل كذلك لشحوب الوجه وتساقط الشعر وهشاشة الأظافر.. فحالة الدم مرآة لصحتنا من الداخل ومن الخارج أيضًا.
ولقد دخلنا عصرًا صار فيه الدم عرضة لمخاطر كثيرة بسبب التلوث البيئي، واختلاط الغذاء في أحيان كثيرة بكيماويات ضارة، وزيادة الإقبال على الوجبات السريعة والفقيرة في قيمتها الغذائية.. ناهيك عن الإقبال المتزايد على الأغذية والمسليات الخاصة بالأطفال وما تحمله من قدر كبير أحيانًا من المواد الحافظة والملونة.
ولذا ليس غريبًا أن تنتشر حالات الإصابة بالأنيميا بين الأطفال والشباب.. وتزيد نسبة الإصابة بأمراض الدم الخطر (كاللوكيميا) عما كانت عليه في الماضي.
لكن أمراض الدم لها جانب آخر لا يد لأحد فيه.. وهو الجانب الوراثي كما هو الحال في حالات أنيميا البحر المتوسط ومرض الهيموفيليا.
وهناك متاعب وأمراض مختلفة تصيب الدم وتؤدي للشكوى من التعب السريع والإجهاد ونقص الحيوية وأعراض أخرى سواء بين الكبار أو الأطفال.. سنوضح أسباب حدوثها وكيفية الوقاية والعلاج منها.
ولا شك أن الغذاء الجيد المناسب وتقليل التعرض للمواد الكيماوية يعدان أهم الوسائل للحفاظ على صحة الدم التي تنعكس على صحة الجسم كله ونسأل الله التوفيق.
أعظم سائل
الدم هو أعظم سائل في الوجود.. يحمل أسرارًا وعجائب تنطق بقدرة الخالق عز وجل. ومن خلاله نستمد القدرة على الحياة، فبدونه نهلك ونموت.. ونستمد أيضًا الحماية ضد ما يهددنا من جراثيم مختلفة تغزو أجسامنا. وهو سائل فريد.. حاول العلماء لسنين طويلة تحضير سائل مشابه أو بديل له لكنهم عجزوا.
وقد اكتسب الدم عبر التاريخ مكانة كبيرة ورموزًا مختلفة.
ففي أزمنة بعيدة اتخذه البعض رمزًا للقوة والتوحد. فكان الجنود يمزجونه ويشربونه ليمنحهم الصلابة والبأس ويقوي فيهم روح التآزر.
وفي الأساطير القديمة استخدمه بعض الفلاحين كتعويذة لحفظ ماشيتهم، فكانوا يضعون علامة من دم الغنم على زرائبهم لنبذ ملك الموت بعيدًا عنها.
واستخدمته بعض النساء في عصور قديمة كشراب لإعادة الصبا والجمال والتمتع بالحيوية.
والدم يتركب ببساطة من جزء سائلي وآخر خلوي، هذا السائل هو البلازما.. وخلاله تسبح ملايين الخلايا كالجيوش الهائلة، والتي تؤدي كل فصيلة أو كتيبة منها مهمة خاصة.
وهذه الخلايا تشتمل على ثلاثة أنواع، وهي:
– خلايا الدم الحمراء (red Cells Blood).
– خلايا الدم البيضاء (White Cells Blood).
– الصفائح الدموية (Platelets).
دورة الدم
والدم في حالة سريان مستمر.. فالقلب يضخه لمختلف أنحاء الجسم داخل الشرايين محملاً بالأكسجين.. ثم يعود له مرة أخرى داخل الأوردة ليدفعه إلى الرئتين للتخلص من ثاني أكسيد الكربون واستبداله بالأكسجين.. ثم يمر للقلب مرة أخرى لضخه لمختلف أنحاء الجسم.
ويمر الدم أثناء هذه الرحلة بالكليتين لتستخلصان منه المواد الزائدة والفضلات الضارة لإخراجها مع البول.. فهي الجهة التي تنقي الدم وتستخلص منه الفضلات.
والدم يتدفق باستمرار ويطوف الجسم في دورة متكررة. وإذا لم يتمكن من الوصول بكمية كافية لعضو من الأعضاء بسبب مشكلة أعاقت سريانه حدثت أعراض مزعجة. وربما ارتبك الجسم كله على حسب أهمية هذا العضو..
فنقص وصول الدم للقلب كفيل بمقدرته على العمل بكفاءة فتحدث الحالة الشهيرة باسم الذبحة الصدرية «قصور الشريان التاجي».
ونقص وصول الدم للأطراف أو القدمين يهدد بمشاكل خطيرة قد تصل إلى حد إصابة القدم بالغرغرينا.
فتدفق الدم وسريانه ووصوله بقدر كافٍ لمختلف الأعضاء ضرورة لا غنى عنها، ولو حتى لفترة قصيرة.
خدماته جليلة
فالدم يوفر لنا هذه الخدمات الجليلة:
– نقل الأكسجين من الرئتين إلى خلايا الجسم لاستخدامه في عمليتي التمثيل والحصول على الطاقة.
– نقل الغذاء الممتص من الأمعاء الرفيعة في صوره البسيطة إلى خلايا الجسم.
– نقل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات التمثيل بالخلايا لطرده من خلال هواء الزفير.
– نقل كل فضلات الجسم والمواد الزائدة به (كالبولينا، والأملاح..) للتخلص منها عن طريق الكليتين وعن طريق العرق.
– توفير الحماية للجسم ضد غزو الميكروبات والأجسام الغريبة التي قد تجتاحه.
– تنظيم حرارة الجسم.. فوجود الدم يمنحنا الدفء اللازم والحرارة المناسبة لعمل أجهزتنا.
– بفضل الصفائح الدموية الموجودة بالدم تحدث عملية التجلط ويتوقف نزيف الجروح.
مقدار كمية الدم بأجسامنا
يبلغ مقدار كمية الدم أو حجم الدم بالجسم (Blood Volume) حوالي 8٪ من الوزن.. وتكون الكمية أقل عند الإناث عن الذكور بصورة طبيعية.
فعند الشخص البالغ المتوسط تكون الكمية على النحو التالي:
* ذكور: 6 لترات (5-6 لترات).
* إناث: 5 لترات (4-5 لترات).
ويمثل سائل البلازما نسبة أكثر قليلاً من نصف كمية الدم تكون حوالي 3-3.5 لترات عند الذكور.. وأقل من ذلك قليلاً عند الإناث.. أو ما يعادل 55٪ من حجم الدم.
الجزء الخلوي من الدم 45٪ | |
نوع الخلية | الوظيفة |
خلايا الدم الحمراء | نقل الأكسجين نقل ثاني أكسيد الكربون |
خلايا الدم البيضاء | الدفاع والمناعة |
الصفائح الدموية | عملية التجلط |
د. أيمن الحسيني – استشاري الأمراض الباطنية