اكتشفت مؤخرًا إصابتي بالسكري وارتفاع كولسترول الدم، ولم تكذب حرمي المصون الخبر، وقامت بدورها الإعلامي على أكمل وجه؛ حيث أبلغت جميع أقاربنا وأصدقائنا بحالتي المرضية.
ومنذ ذلك الحين، كلما دعيت إلى إحدى الولائم العائلية، يفيض علي الأقارب بسيل من النصائح، ومنها، شفاكم الله: «لا تتناول من الروبيان؛ فمحتواه عال من الكولسترول»، «ألم ينهك الطبيب عن تناول البيض»، «لا تتناول المشروب الغازي، العصير الطازج أفضل لك». أصبحت لا أستمتع بتناول طعامي؛ فقد زادت المحظورات وضاعت النكهات، فأين الحل؟!
يد المساعدة
الدراسات والأبحاث التي أجراها العلماء على الأطعمة جاءت لتقدم جانبًا من المساعدة لحالة صاحبنا هذا؛ حيث تبين عدم صحة ما قيل عن كثير من الأغذية التي تمتعت بسمعة رديئة على مدار عشرات السنوات بالنسبة لبعض المرضى، وفند العلماء بالحجة والدليل 4 خرافات غذائية نذكرها في السطور التالية:
الخرافة الأولى: إذا كنت تعاني من ارتفاع كولسترول الدم؛ فلا تقترب من الروبيان أبدًا.
الحقيقة: يجب ألا يغيب الروبيان عن موائد مرضى ارتفاع الكولسترول؛ وذلك لتعدد فوائده الصحية رغم ارتفاع محتواه من الكولسترول. ومن الفوائد الصحية التي يتميز بها الروبيان انخفاض محتواه من الدهون المشبعة، وهو نوع من الدهون الضارة التي تساهم في رفع نسبة الكولسترول في الجسم، ويكفي أن نعلم أن 90 جرامًا من لحم الدجاج الخالي من الجلد يحتوي على 0.9 جرام من الدهون المشبعة، بينما يحتوي 90 جرامًا من الروبيان على 0.2 جرام فقط من الدهون المشبعة. إضافة إلى ما سبق، فإن الروبيان يعد من الأغذية الفقيرة في السعرات والغنية بالبروتين وبمعدن السيلينيوم الهام.
ولحسن الحظ، تسمح إرشادات البرنامج التثقيفي الوطني للكولسترول التابع للمعهد الوطني للدم والرئة والقلب في الولايات المتحدة (TLC) بتناول نحو 200 ملليجرام من الكولسترول يوميًا. ووفقًا لهذه الإرشادات، فإن المجال ما زال متسعًا لتناول بعض حبات الروبيان؛ حيث يحتوي 90 جرامًا من الروبيان على نحو 166 ملليجرامًا من الكولسترول.
خلاصة القول: ينصح بتناول الروبيان على فترات وليس بشكل متكرر، ويشترط تناول كميات من الروبيان لا تزيد عن 90 جرامًا في المرة الواحدة. ويعد الروبيان المشوي وكذلك المطبوخ أو المقلي في نوع من الزيوت الصحية من بين الخيارات الصحية المتاحة.
الخرافة الثانية: يجب أن يتجنب مرضى السكري تناول الجزر؛ فهو من الأغذية ذات المحتوى العالي من السكر.
الحقيقة: مصدر هذه الخرافة هو سوء الفهم لما يعنيه المؤشر الجلاسيمي (glycemic index) وهو نظام رقمي لقياس سرعة هضم الجسم للكربوهيدرات (نشويات وسكريات). ولأن السكر الموجود في الجزر يتم هضمه بشكل سريع جدًا، فإن المؤشر الجلاسيمي لهذا النوع من الخضراوات يعد مرتفعًا. لكن المعلومات الغذائية تشير إلى الجزر يحتوي على كمية صغيرة جدًا من السكر؛ حيث لا يزيد ما يحتويه نحو نصف كيلو من الجزر عن 3 ملاعق صغيرة من السكر. لذلك فإن كمية السكر التي يحصل عليه الجسم عند تناول الجزر تعد منخفضة، خاصة عندما يتم تناوله بكميات معتدلة.
ولأن المؤشر الجلاسيمي قد يكون خادعًا كما هو الوضع في حالة الجزر، فقد وضع العلماء مؤشرًا آخر أطلقوا عليه الحِمل الجلاسيمي (glycemic load) ويستخدم لإعطاء صورة أوضح عن تأثير استهلاك النشويات على ارتفاع نسبة السكر في الدم لأن المؤشر الجلاسيمي يدل فقط على سرعة تحوّل طعام نشوي إلى سكر، ولا يدل على كمية النشا في ذلك الطعام والتي ستتحول إلى سكر، والمطلوب هو الحصول على المعلومتين لاستيعاب تأثير طعام ما على معدل السكر في الدم. ويجمع هذا المؤشر المعلومتين معًا وهما سرعة انتقال وتحرك السكر في مجرى الدم وكمية السكر، لذلك فهو أكثر عملية وأكثر أهمية. ووفقًا لهذا المؤشر فإن الأغذية التي يكون مؤشر حملها الجلاسيمي منخفضًا يعني أنها أغذية صحية، والجزر هو واحد من هذه الأغذية ذات الحمل الجلاسيمي المنخفض.
خلاصة القول: يعد الجزر من الخضراوات الصحية؛ فهو طعام قليل السعرات وغني بالألياف ومركب بيتا كاروتين. ومثل غيره من الخضراوات، فإن تناول نصف طبق من جزر مرتين يوميًا يعد خيارًا جيدًا لمعظم الناس حتى بالنسبة لغالبية مرضى السكري.
الخرافة الثالثة: البيض هو سكتة قلبية على طبقك، فلا تتناول منه ولو حبة واحدة.
الحقيقة: رغم أن محتوى صفار بيضة واحدة من الكولسترول يبلغ نحو 212 ملليجرامًا، فإن إرشادات البرنامج التثقيفي الوطني للكولسترول التابع للمعهد الوطني للدم والرئة والقلب، تسمح بتناول صفار بيضتين في الأسبوع.
إذ يتميز البيض بفوائد صحية عديدة؛ فهو ذا محتوى منخفض من الدهون المشبعة التي تعد المتهم الرئيس في ارتفاع نسبة الكولسترول الضار. ويحتوي كل من صفار ومح البيض على نسبة جيدة من البروتين عالي الجودة الذي يسرع من عملية التئام الجروح.
خلاصة القول: تناول بيضتين في الأسبوع يعد أمرًا مأمونًا؛ حتى بالنسبة لهؤلاء الذين يعانون من ارتفاع الكولسترول. وهناك بدائل صحية للبيض خالية من الكولسترول؛ حيث تتكون من مح البيض وإضافات أخرى تعوض نكهة الصفار.
الخرافة الرابعة: عصائر الفاكهة الطازجة طبيعية وصحية؛ لذلك لا توجد أي محاذير على تناول كميات كبيرة منها.
الحقيقة: قد يصاب الشخص بصدمة كبيرة، عندما يعلم أن عصائر الفاكهة الطبيعية تحتوي على كميات كبيرة من السكر تماثل محتوى الصودا من السكر، وربما تزيد عنها في بعض الأحيان. وسبب ذلك أن عصائر الفاكهة تصنع من سوائل الفاكهة لذلك فإن تركيز السكر يرتفع فيها، كما أن هضم السكريات التي تقدم في شكل سوائل يكون أسرع من غيرها التي تقدم في شكل أطعمة صلبة. ويكفي أن نعرف على سبيل المثال أن الحمل الجلاسيمي في عصير البرتقال يعادل ضعف الحمل الجلاسيمي للبرتقال نفسه.
وإضافة إلى ما سبق، فإن عصائر الفاكهة تخلو من الألياف التي تعتبر مفيدة في علاج السمنة وخفض الكولسترول والتحكم في مستوى سكر الدم.
وقد وجدت الأبحاث أن الناس الذي يعانون من ارتفاع الكولسترول أصيبوا بصدمة كبيرة عندما اكتشفوا ارتفاع مستوى جلوكوز الدم لديهم بصورة صارخة بعد تناول مشروب من العصير الطبيعي.
خلاصة القول: من الأفضل صحيًا للشخص أن يتناول قطعتين أو 4 قطع صغيرة من الفاكهة يوميًا مع اختيار المشروبات منخفضة السعرات إلى جانب تناول الماء البارد. وفي حال اختيار تناول أي نوع من العصائر، يفضل تقييد استهلاكها إلى 120 ميلليليترًا في اليوم، وتعادل هذه الكمية نحو كوب صغير من العصير.
ترجمة وإعداد: علاء أبو العينين
مصدر الموضوع:
– Beth Klos, R.D., L.D.N. , Harvard Health Publications