الصحة والغذاء

الفشل الكلوي … المرض المخيف

الفشل أو القُصُور الكُلْوِي (Renal failure) هو مصطلح في الطب يطلق في حالات فشل الكلى في تأدية وظائفها بسبب حدوث قصور أو فشل في عملها ومهامها التي تضطلع بها مما يؤدي إلى اختلال عام في جسم الإنسان.

والواقع أن الكليتان تقومان بدور هام في جسم الإنسان وتعتبران من أهم الأعضاء فيه، وهما على صغر حجمهما (حيث لا يزيد حجم الكلية على 12سم طولاً و6سم عرضاً و120 جرام وزناً) تقومان بتنقية دم الإنسان بصفة مستمرة ما دام على قيد الحياة، بل يمكن زراعتها إلى مريض يحتاج لها في ظروف معينة.

وعلى سبيل المثال، فكلية الإنسان تنقي شوائب الدم الناتجة عن الاستقلاب بعد استعمال الطعام من طرف الأنسجة والخلايا الجسدية ويمر بالكلية يومياً ما يقرب من 200 لتر من الدم أثناء الدورة الدموية المستمرة تتم تنقيته فيها وبالتالي إفراز الفضلات في صورة البول وبكمية تقارب 1.5 لتر إلى 2.0 لتر في اليوم.

ولكن دورة الكلية الصغيرة لا تقتصر على تنقية شوائب الدم من البولينا والكرياتين فحسب بل لهما أيضاَ وظائف أخرى مهمة جداً ومنها: المحافظة على معدل الضغط الشرياني، إفرازات هرمونية تنشط وتجدد العظام وتكاثر كريات الدم الحمراء، والمحافظة على معدل حموضة الدم وتركيبته الدقيقة.

أنواع الفشل الكلوي

بحسب أغلب الأبحاث والدراسات الطبية، ينقسم الفشل الكلوي إلى قسمين رئيسين هما الفشل الكلوي الحاد والفشل الكلوي المزمن.

أولاً: الفشل الكلوي الحاد: وهو الذي يطرأ على كلية سليمة وذلك في وقت قصير وينتج عادة هبوط في كمية الدم التي تصل إلى الكلية من جراء نزيف أو فقدان حاد للسوائل أو هبوط في وظائف القلب أو تناول عقاقير أو أعشاب سامة للكلية.

وهذا النوع من الفشل الكلوي تفقد فيه الكلى جزء كبير من وظائفها قد يصل حتى 80% منها ولكنها مع ذلك تكون قادرة على التخلص من جزء كبير من شوائب البولينا والسموم الأخرى وكافية للحفاظ على مستوى مقبول من هذه الشوائب بالدم، يستطيع معها الجسم تأدية معظم وظائفه دون الحاجة إلى عمل تنقية الدم بواسطة أجهزة أو وسائل تعويضية، وهو يرجى برؤه غالباً إذا عولج سببه ولكن في بعض الأحيان ينتج عنه فشل كلوي مزمن.

ثانياً: الفشل الكلوي المزمن: وهي المرحلة التي تفقد فيها الكلى أكثر من 80% أو 90% من وظائفها وتكون النسبة الباقية غير كافية للحفاظ على مستوى مقبول من شوائب البولينا والسموم الأخرى مما يؤدي إلى ظهور الأعراض الشديدة للمرض مما يجب معه الاستعانة بأجهزة ووسائل تعويضية لتنقية الدم للحفاظ على حياة المريض بأذن الله.

والفشل الكلوي مرض مزعج وأسبابه كثيرة منها وراثية وأسباب مكتسبة، وهي الأكثر شيوعاً وتعود لأسباب عدة منها: داء السكري، ارتفاع الضغط الشرياني، الالتهابات الكبيبية الكلوية المناعية بأنواعها المختلفة، انسداد المسالك البولية سواء كانت نتيجة لحصوات بولية أو أورام بمجرى البول أو أي سبب أخر يعطل تدفق البول (العيوب الخلقية، التجمعات الدموية بمجرى البول أو التضيقات الناتجة عن الالتهابات المزمنة).

الأعراض والتشخيص

يعتمد التشخيص على فحص طبي شامل ويبتدئ عادة بالتاريخ المرضى، حيث تكون علامات الفشل الكلوي طفيفة في البداية ولا تكاد تؤثر على المصاب، ولكن بتقدم الفشل الكلوي تظهر عدة أعراض منها: إحساس بخمول عام وقلة نشاط واضطرابات في مواعيد النوم، هبوط في شهية الطعام، ثم غثيان وتقيء في الصباح، صداع وزغللة بالنظر وتكون أحيانا من جراء ارتفاع في الضغط الشرياني، شحوب في لون البشرة مع ميل للصفرة، حكة جسمية مزعجة ورعشة بالأطراف، ضيق التنفس عند المجهود وأحيانا أثناء النوم، الآم بالعظام والصدر، رعاف وسهولة النزف، هبوط في الرغبة الجنسية واضطرابات في العادة الشهرية عند النساء بالإضافة إلى تغيير لون وكمية البول اليومية.

وبعد الكشف الطبي يطلب الطبيب الأخصائي عادة بعض الفحوصات للدم والبول كما يطلب بعض الفحوصات الإشعاعية لتحديد وضع الكليتين ووظائفهما، وعند تشخيص الفشل الكلوي المزمن يبدأ في تحضير المريض للعلاج.

العلاج

تشمل وسائل العلاج المعروفة لذلك المرض حتى الان الديلزه (جلسات تنقية الدم التي ُتعرف أيضا بغسيل الكلى) الدموية، الديلزه البريتونية المستمرة أو زراعة الكلى.

الديلزة الدموية:

وهي جلسات تنقية دموية لمدة 3 إلى 5 ساعات بمعدل 2 إلى 3 مرات في الأسبوع ويتم خلالها توصيل دم المريض بجهاز طبي يحتوي على مرشح لتنقية الشوائب المتراكمة نتيجة قصور الكليتين، وتسمح تلك الجلسات بتعديل نسب الماء والأملاح حسب رأي الطبيب المعالج.

وعلى الرغم من أن مضاعفات الديلزة الدموية عديدة ومن أهمها هبوط الضغط الشرياني، إحساس بإرهاق جسدي مع أرق، وحدوث تصلب بالشرايين، إلا أنه يمكن تلافي معظم هذه المضاعفات بالمتابعة الجيدة للمريض أثناء وبعد جلسات الديلزة.

الديلزة البريتونية المستمرة:

يتميز هذا النوع من الديلزة بأنه لا يحتاج إلى أجهزة خاصة أو زيارات متكررة لمستشفى وإنما تكفي زيارة المستشفى مرة كل شهر للمتابعة الطبيبة حيث يقوم المريض نفسه أو بمساعدة أحد أقربائه بعمل الخطوات اللازمة لإتمام هذا النوع من الديلزة بالمنزل أو في مكان عمله مما يتيح له حرية كاملة في الحركة والانتقال والسفر.

وتتلخص تلك المعالجة في قيام المريض بإدخال سائل طبي معين معبأ بأكياس معقمة إلى داخل التجويف البطني عن طريق قسطرة خاصة يتم تثبيتها بتجويف البطن ثم إعادة إخراج هذا السائل بعد حوالي 5-6 ساعات بعد أن يكون هذا السائل قد تفاعل مع دم المريض وتخلص من الشوائب المراكمة ويتم تكرار هذه العملية نحو 4 مرات في اليوم والليلة.

ومن أهم مضاعفات الديلزة البريتونية الالتهابات الجرثومية للغشاء البروتوني والتي يمكن تجنبها بأتباع المريض للتعليمات الطبية وقواعد التعقيم والنظافة البسيطة التي يتم تدريبه عليها.

زراعة الكلى:

أصبح الآن زراعة الكلي من أنجح طرق علاج الفشل الكلوي النهائي وتؤخذ الكلية المزروعة من متبرع متوفي دماغياً أو على قيد الحياة ويكون غالبا من الأقارب ويتم تحضير المريض والمتبرع للعملية مع مراعاة عدة عوامل منها حالة المريض العامة ومدى تحمله لتلقي العلاج المضاد للمناعة فيما بعد الزراعة وتطابق فصيلة الدم للمتبرع والمريض متلقي العضو المزروع وتأخذ عملية تحضير المريض فترة من الزمن يتم خلالها إجراء كل الفحوصات اللازمة.

وفي النهاية فإن العلاج الطبي للفشل الكلوي قد تطور كثيراً في العقود القليلة الأخيرة ويستطيع المريض أن يمارس حياته بصفة تكاد تكون طبيعية إلى أن تتاح له فرصة زراعة كلية جديدة، وتتطلع الأوساط الطبية المختلفة عن طريق الأبحاث الطبية المستمرة إلى ظهور علاج يقي من الفشل الكلوي النهائي أو على الأقل يبطئ وتيرة تفاقمه.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم