الصحة والغذاء

أمراض يسببها السفر بالطائرة!!

   منذ أن عرف الإنسان السفر والترحال من مكان إلى آخر لأسباب شتى، كان من بين هواجسه توفير الزاد الكافي الذي يحفظ عليه حياته طوال الطريق ، إلا أن هذا الزاد لم يكن يتعدى في الغالب بعض الأطعمة اللازمة التي يمكن حفظها أثناء السفر، إضافة إلى (قربة) الماء التي يعني عدم وجودها الموت عطشًا في بيئات لا ترحم.

ومع ذلك ، فقد كان بعض المسافرين يعمدون إلى صيد البر أو البحر باعتباره زادًا إضافيًا لمواصلة الرحلة.

وفي  كل الأحوال ، فقد كان المسافر قديمًا يودع أهله وأصحابه وداع المفارق أو من لا ترجى عودته بسبب أخطار الطريق ومصاعبه وربما أهواله!

تغير الأحوال!

 ولكن هذا الحال بالطبع تغير كثيرا، فمع تطور وسائل النقل والمواصلات وازدياد أعداد المسافرين لم يعد الإنسان يحفل أو يهتم بتوفير الزاد والشراب لأن وسيلة النقل مهما كان نوعها كفته مئونة ذلك، فأصبح السفر بحد ذاته متعة يستمتع فيها الإنسان بكل لحظة بحيث يمكن أن تكون ذكرى عطرة تبقى راسخة في ذهن الكبير والصغير مهما امتد بهما الزمن.

على سبيل المثال لا الحصر،  فمنذ أن تطأ قدم المسافر الطائرة ، وبمجرد إطفاء إشارة ربط الأحزمة وأحيانا قبل ذلك ، يجند طاقم الطائرة نفسه لخدمة الراكب ، حيث يمتد الاهتمام ليشمل خيارات عديدة من الأطعمة ، سواء التي يتم تحضيرها مسبقًا للركاب العاديين أو الخاصة ممن يتبعون نظامًا غذائيا معيناً على أن يتم طلبه عند الحجز كالوجبات الخاصة بمرضى السكري، والوجبات عالية الألياف أو قليلة الملح أو الخاصة بالنباتيين أو الأطعمة ذات السعرات الحرارية المحددة لتخفيف الوزن ووجبات مرضى التوحد، وغيرها.

لكل مسافر غذائه

 بيد أن هناك العديد من المشكلات أو الأعراض التي قد تنتاب المسافر، خصوصًا خلال الرحلات الطويلة نسبيًا ، مثل الشعور بالتعب والإرهاق وقلة النوم ، والصداع والغثيان وآلام فقرات العنق والكتف والإسهال أو الإمساك والقلق والتوتر وعسر الهضم وقرحة المعدة والهبوط العام وعدم التكيف مع فارق التوقيت بين بلد الإقلاع وبلد الوصول والشعور بالضعف العام وسرعة الاستثارة العصبية وآلام الأذن والجفاف والتقيؤ، وغيرها من الأعراض المصاحبة للمسافر ..

فضلا عن ذلك ، فهنالك بعض المشكلات التي تصيب المسافر وفي الوقت ذاته مرتبطة بالتغذية.

   فهنالك أعراض مرضية قد يتعرض لها بعض المسافرين وتفسد عليهم متعة السفر والاستمتاع بالرحلة ، وقد تؤرق بال رجال الأعمال المرتبطين بجدول أعمال مزدحم واجتماعات ولقاءات عديدة تتطلب صفاء الذهن بعد رحلة طيران طويلة.

ويزداد الإحساس بتأثر هذه الأعراض في الغالب عندما تطول مدة السفر أو يتأخر إقلاع الرحلة، فيقضي الراكب ساعات طويلة في صالة الانتظار أو على مقاعد الطائرة ، أو عند ما يضطرب سير الطائرة لدى دخولها مجال المطبات الهوائية أو الجوية، أو عندما يتكرر الهبوط والإقلاع في الرحلة الواحدة إذا كانت الطائرة تتوقف عدة مرات قبل الوصول إلى وجهتها النهائية، مع ملاحظة أن هذه الأعراض تتفاوت بين من يركبون الطائرة للمرة الأولى مقارنة بمن يتكرر سفرهم. وأحيانًا حسب نوع الطائرة ومقدار الضغط الجوي ونسبة الرطوبة داخل الطائرة. 

إسهال المسافرين!

يعتبر الإسهال من أكثر الأعراض التي تصيب المسافرين ليس بسبب ما يتناولونه على متن الطائرة وإنما بسبب ما يتناوله قبل الصعود إليها.

ويطلق على الإسهال الذي يصيب المسافر (Travelers diarrhea) وهو إسهال يحدث بوساطة عدوى تسببها بكتيريا تسمى إيشيريشيا كولاي (Escherichia Coli) وهذا النوع من البكتيريا مصاحب للإسهال في جميع الأعمار ويوجد بصورة عامة في البلدان النامية أو الأقل تطورًا والتي تفتقر إلى النظافة العامة في الماء والطعام ولا يعني هذا انعدام وجودها في البلدان الأخرى المتقدمة.

الدكتور جون بوستاج (John Postgae) أحد علماء الميكروبيولوجيا البارزين يوضح إن السفر المفاجئ إلى بلد آخر والتهاون البسيط في الطعام والشراب خلال الأيام القليلة الأولى يؤدي إلى تغيير في الميكروبات الموجودة بصورة طبيعية في الأمعاء تغييرًا قد يكون ضارًا.

فكم من الطيبات الشهية عافها المسافرون بعد وجبة واحدة وهم يجهلون أن بكتيريا إيشيريشيا كولاي الموجودة في باريس وروما والقاهرة وبومباي ليست مطابقة من الناحية المناعية (لإبشيريشيا كولاي) الموجودة في حي (فينشلي) في شمال لندن مثلاً.

ولكن يكاد يكون من المؤكد أن الأمراض المعوية التي يعاني منها المسافرون لا تسببها ميكروبات مرضية ضارة ، فهي على الأغلب ترجع إلى ميكروبات عادية غير ضارة في البيئة المحلية، وإنما وجدت فجأة عائلاً لا تصلح مناعته ضدها.

   ويقدم الدكتور (بوستاج) بعض النصائح لتقليل الإصابة بمثل هذا النوع من العدوى المعوية والغامضة، فليست هناك فرصة حقيقية لتفادي هذه المايكروبات كما يقول!

 وتتلخص هذه النصائح في عدم الإفراط في الطعام خلال الأيام الأولى التي تمضيها في البلد الذي تزوره لأول مرة. وتناول الطعام بجرعات صغيرة قدر الإمكان حتى يستطيع الجسم أن يبني مناعة عادية به. واختيار الأطعمة التي تكون حديثة الطهي وساخنة.

ونضيف إلى ذلك  الامتناع عن تناول الخضراوات والفواكه الطازجة التي لا تستطيع التأكد من سلامة غسلها وتنظيفها. ويستثنى من ذلك الخضراوات والفواكه التي لها قشرة خارجية مثل البطاطس والموز والبرتقال والبطيخ وما إلى ذلك.

وعند الرغبة في تناول الفواكه والخضراوات الطازجة يجب غسلها بالمياه المعبأة وليس من مياه الصنبور، خصوصًا إذا كانت المدينة التي تزورها تصنف ضمن المدن ذات البنية التحتية المتدنية أو تلك التي لا تطبق شروطًا صحية صارمة. وتجنب المطاعم الشعبية والأطعمة المحضرة في الطريق العام.

 وفي حالة الإصابة بالإسهال فإنه ينصح بالإكثار من شرب السوائل مثل الماء والعصائر المعلبة مع الابتعاد عن العصائر الطازجة مثل عصير البرتقال أو العصائر التي تحتوي على ملين طبيعي للبطن مثل عصير البخاري أو البرقوق.

وتجنب الأطعمة التي تحتوي على ألياف عالية مثل الخبز المصنوع من حبوب القمح الكاملة (البر) أو الأطعمة المصنعة من حبوب القمح الكامل كالقرصان والجريش ، مع ملاحظة أن بعض دول شرق آسيا تقدم مثل هذه الأطباق السعودية.

كما يجب تجنب الفواكه المجففة أو الطازجة وكذلك التمر، وكذلك اللحوم المطبوخة مع الخضراوات أو المطبوخة مع العدس أو الفول أو البازلاء، والسلطات الطازجة وكذلك الفتوش والمتبل والتبولة وبابا غنوج، والبقوليات والفلافل والمكسرات.

كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الابتعاد عن الأغذية المذكورة أعلاه هو للتقليل من عملية التبرز وعدد مرات الذهاب إلى الحمام لحين تلقي الرعاية الطبية اللازمة.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم