أغلبنا ننتقد أبناءنا ونبالغ في ذلك ونجد أنفسنا عندما كنّا في أعمارهم ملائكة وهم الشياطين.
ننتقد قلة همتهم .. إدمانهم على الأجهزة الذكية .. طريقة ملبسهم .. مأكلهم .. كل شئ فيهم ننتقده ولا يعجبنا.
نمنُّ عليهم تضحياتنا الجسيمة لإسعادهم ونظن أنَّ كل قراراتنا في شأن مستقبلهم وتصريف شؤونهم كانت هي الصائبة، وأنهم يقابلون كل ذلك بتصرفاتهم الطائشة المتهورة غير المسؤولة.
نتهمهم باللامبالاة والكسل والإسراف وقلة البر والتقاعس عن أخذ الأسباب ليحصلوا على أحسن الفرص لما يخص مستقبلهم.
لم أجلس مجلساً فيه الأمهات إلا وكلٌ منهن تتحسر على التربية القديمة وصلاحها وتقارنها بالفساد والسوء التي تراه عينها من هذا الجيل! وكذلك الآباء على أدهى وأمر!
ولكني وجدت أنَّ في هذه المقارنات و التشاحنات غباء أيما غباء، فيها الكثير من إضاعة أجمل علاقات المحبة وصلة الأرحام. فلكل جيل خصوصيته وظروفه، وهم ليسوا نحن ونحن لسنا هم، وعلينا أن نعينهم على برنا ومحبتنا وأن نٌقر لهم بتفوقهم علينا بكثير من المجالات، علينا مصاحبتهم وقبولهم كما هم، كما تقبلونا نحن كما نحن، وإيقاف النقد والنصح المباشرين.
نعم كثيرةّ هي المرات التي وجدت ابنتي تفوقني حكمة في أمرٍ يخص مصيرها، وكم من مرةٍ ومرة استعنت بابني ليعلمني ما أجهله في أمور الشباب، وكم كانت خبراتهم تثريني وتلهمني.
فعلاً أقر وأعترف بأني في كثير من الأحيان طفلة جاهلة أمام خبراتهم ومهاراتهم.
أنا كما كنت مربيتهم صغاراً بدأت أشعر أنَّ علي من الآن البدء بتسليمهم الكثير من زمام المبادرة لنستطيع أن نمضي بقية أعمارنا أصدقاء.
ليحبوني دونما أن يكون ذلك عبء ثقيل على كاهلهم ولا ليوفوني ديوناً ثقيلة، فكل ما قدمته لهم كان سبباً من أسباب سعادتي وأجري فيه عند ربي، لم أفعله مجبرةً بل بدافع واجبي تجاههم ولمحبةٍ أسكنها الله في قلبي.
أبنائي أنا فعلاً أحترمكم وأثق بكم وبمواهبكم وبحكمتكم.
د. أمان الغبرة
استشارية أطفال – مستشفيات المانع العامة