هناك مثل أجنبي شائع يقول الأطباء “ذو الحزام الأطول أقصر عمرًا-بعد إرادة الله وقضائه-لأن البدانة مسؤولة عن زيادة احتمالات الإصابة بالعديد من الأمراض التي تكدر صفو حياته, وتسبب حدوث ضغوط على عظام الجسم ومفاصله, وهي أحد المشكلات الرئيسة في الطب الوقائي ويكثر الحديث عنها بين الناس والأطباء.
وتعرف البدانة بأنها تجمع غير طبيعي لكميات كبيرة من الدهون في الأنسجة الموجودة تحت الجلد وحول أحشاء الجسم الداخلية كالقلب والرئتين والبنكرياس تصبح عبئاً إضافياً على الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان.
وتنتشر حالات البدانة بشكل أكبر في المجتمعات ذات الدخل المرتفع نتيجة كثرة ما يتناوله الناس من ألوان الطعام والشراب وقلة ما يبذلونه من نشاط عضلي في حياتهم اليومية لكثرة اعتمادهم على التقنيات الحديثة في خدمتهم ورفاهيتهم.
وقبل التعرف على العلل الصحية التي يزداد فرص حدوثها في البدانة نستعرض البدانة في اللغة وأسبابها وتشخيصها .
البدانة في اللغة
يقول صاحب كتاب لسان العرب :البُدنُ مرادفة للسُمنِ والاكتنازِ , ويقال رجلُ بادنُ وبَدينُ : سمَيُنُ والأنثى بادنُ وبادنةُ ,الجمع بُدنُ وبوادنُ, قال ثعلب :
فلا ترهبي أن يقطع النأي بيننا ولما يُلوح بُدنَهنُ شُروبُ
وقال الشاعر زهير ابن أبي سلمى :
عُزت سمُاناً فأبت ضمراً خدُجاً من بعدما جنبوها بُدناً عُقُقَاً
وإنما عني بالبُدن هنا الجوهر الذي هو الشحم ,وبدِنت :أي سَمنت وضَخِمت ,والبادنُ :الضخمُ, ورجلُ بادن ومبدن وأمرأة مبدنة : وهما السمينان ,والمبدنُ : المسُمن ,وسَمنَ :سِمناً وسَمانةً : كثر لحمه وشحمه ,فهو سامِنُ وسمينُ وهي سمينةُ جمع سِمانُ ,والحيوانُ صيرهُ سميناً ,وفي المعجم الوسيط “البَلدَحُ من النساء :البادنة السمينة “وفي كتاب لسان العرب :رجلٌ شحيمٌ أو لحيمٌ :أي سمين ,ورجل شحمٌ لحمٌ :إذا كان غَرماً إلى اللحم والشحم يشتهيهما “،وفي المعجم الوسيط بَدَنَ بَدناً،وبُدناً ,وبُدوناً:سَمِنَ،فهو بادنٌ وهي بادنةٌ,وجمع بدنٌ، وبدنَ الحيوان:سمنهُ وضخمهُ، البَيذَخُ :البادن,والمِبدانُ:السريع إلى السمنِ على أقلة أكلهِ “,لذا لا يصح قولنا كما هو دارج في العامية: السُمنةُ وإنما السُمنُ أو البدانة ولا المرأة بدينة وإنما بادنٌ أوبادنةٌ،والرجل بادنٌ أو بدينٌ وجمعها بدنٌ وبوادنٌ ،فلا يوصف الرجال بأنهم بدناء ولا يقال بأن النساء بدينات.
أسبابها
توجد عوامل عديدة تهيأ حدوث نحو 95% من حالات زيادة الوزن في الإنسان أهمها :
• عوامل بيئية ووراثية.
• السلوك الغذائي للشخص وقلة مجهوده العضلي .
• ازدياد عدد الخلايا الدهنية أثناء مرحلة الطفولة المبكرة .
وتسبب الاضطرابات الوظيفية في الغدد الصماء بجسم الإنسان حدوث النسبة الباقية وهي 5 %وتشمل كمثال حالة نقص إفراز الغدة الدرقيةHypothyroidism وقصور إفراز الغدة النخاميةHypopituritarism ومتلازمة كوشينجCushing syndrome وقصور مبيضي عديد التكيسPolycystic ovary syndrome في المرأة أو قصور في الخصيتين Castration في الذكور وحالة فرط إفراز الأنسولينInsulinoma وانخفاض سكر الدم التفاعلي Reactive hypoglycemiaوحدوث آفات في منطقة الهيبوثلامس بالمخ نتيجة مرض خبيث أو إصابة إنتانية فيه أو نتيجة حادث أو حدوث متلازمات مثل متلازمة فروليش , Frohlich,s syndrome ومتلازمة لورنس مون بيدلLaurence-Moon Biedle syndrome و متلازمة برادير ويلي Prader-Willi syndromeيصاحبها حدوث بدانة في مرحلة الطفولة وتخلف عقلي وقصور في تطور الأعضاء الجنسية للمريض ,وتحدث معظم حالات البدانة نتيجة حصول الشخص على سعرات حرارية تزيد عن احتياجات جسمه منها ,وتكون أجسام بعض الناس مهيأة أكثر لتصبح بدينة ولو حصلوا على كميات صغيرة من الطعام ,يعتقد أن تكون ذات اتزان طاقة موجب بينما تكون أجسام أشخاص آخرين نحيفة وتصعب عليهم زيادة أوزانهم ,ويقال أن لديهم اتزان طاقة سالب نتيجة وجود عوامل أيضية معطلة تغير فعالية استخدام الطاقة في أجسامهم لم يتمكن العلماء من التعرف عليها .
تشخيصها
يعتمد الأطباء في التشخيص المبدئي لحدوث البدانة في الإنسان على تحديد ما يسمى معامل كتلة الجسمBody mass index (B M I ) ويساوي وزن جسم الشخص بالكيلو جرام مقسوماً على ( طوله بالمتر )2 .
في الرجال في النساء
مقبول متوسط
22 متوسط الوزن
20.1-25 بدين
30وأكثر مقبول متوسط
20.8 متوسط الوزن
18.7-23.8 بدينة
28.6 وأكثر
فيقال :الرجل بدين إذا كان معامل كتلة جسمه يساوي 30 وأكثر والمرأة بدينة إذا كان هذا المعامل يساوي 28.6.وأكثر
واعتمد الأطباء قديماً في تشخيص البدانة على الجداول الخاصة بعلاقة وزن جسم الشخص وطوله وعمره ,فإذا كان وزنه أكثر من 20 % عن حده المثالي قيل بأنه زائد الوزن ,وإذا زاد عن ذلك فهو بدين .
ويفيد عند وجود شكوك حول أسباب حدوث البدانة إجراء الفحوص السريرية والاختبارات المعملية لمستويات الهرمونات في جسم البدين, ويصنف الأطباء البدانة حسب موضعها في الجسم إلى نوعين هما:
الأول : بدانة في الجسم كله : وفيها يتجمع الدهن بشكل خاص تحت الجلد في جميع أجزاء الجسم وحول أحشاء البطن .
الثاني : تتراكم فيه الدهون رئيساً في الجزء السفلي من الجسم فيما يسمى البدانة الجذعيةTruncal obesity وتتركز معظم زيادة الوزن في منطقة الحوض والطرفين السفليين للبدين.