يحدث كثيرًا أن يشعر المسافر بالصداع في أثناء الرحلة الجوية.
وقد لا تكفي حبة (أسبرين) أو (بندول) لإزالة هذا الصداع فما هو سببب هذا الصداع؟
يوضح لنا الأستاذ محمد المهدي في كتابه (رحلات بلا متاعب): أن نسبة عالية من المسافرين يعانون من متاعب جسدية أو مزاجية بعد الطيران في رحلة طويلة.
وكان الشائع أن تفسر هذه الظواهر والمتاعب على أساس الطيران السريع خلال مناطق تختلف فيها التوقيتات أو ما يسمى (Jetlag) لكن الحقيقة أن اختلاف التوقيت هو جزء من الأسباب وليس كل الأسباب.
فحتى لو أنك لم تطر مسافات طويلة تدخلت في أماكن بها فارق توقيت عن مكان موطنك، فإنك تكون قد تعرضت إلى اختلاف الضغط الموجود داخل الطائرة . فكل كبائن الطائرات بها ضغط يقل عن الضغط الجوي المعتاد ، إضافة إلى نقص الرطوبة والأكسجين اللذين يصاحبان هذا التعديل في ضغط الهواء داخل كبائن الطائرات.
وبمجرد إقلاع الطائرة من المطار يتعدل ضغط الهواء داخل الكابينة ليعادل ضغط الهواء على ارتفاع 5000 قدم إلى 8000 قدم، بالرغم من أن الطائرة قد تكون على ارتفاع 25 إلى 40 ألف قدم.
إن الوضع الأمثل أن يتم الضغط داخل كابينة الطائرة ليماثل الضغط الجوي على مستوى سطح البحر وليس الضغط الجوي على ارتفاع 8000 قدم، ولكن ذلك يسبب متاعب مصاعب في ازدياد الوزن ويشكل خطورة على هيكل الطائرة . وقد توصلت الشركات المصممة للطائرات إلى هذا الحد من الضغط داخل الطائرة.
ويتم هذا التعديل عمليًا بأن تدفع محركات الطائرة بالهواء، من خارج جسم الطائرة إلى داخل داخله باستمرار، بعد دخول الهواء داخل الطائرة يتم تبريده وانتزاع الرطوبة المطلوبة منه.
وهناك مجموعة من صمامات التحكم تحافظ على الضغط داخل الطائرة في الحدود المطلوبة بالضبط عن طريق التحكم في حجم الهواء الموجود داخل الكبينة.
ومن المعروف علميًا أنه عند الارتفاعات العالية يتناقص الضغط الجوي وبالتالي تقل نسبة الأكسجين الموجودة في الهواء عند هذا الارتفاع.
ويسبب انخفاض الضغط في الارتفاعات العالية تمدد الغازات وهو ما يحدث لبشرة أجسامنا التي تتمدد الغازات داخلها من تأثير انخفاض الضغط داخل الكابينة.
ويمكن أن نلاحظ ذلك من خلال إحساسنا بأن الحذاء قد أصبح ضيقًا في أقدامنا التي تنتفخ بعض الشيء تأثرًا بانخفاض الضغط. فإن كان جسمك قويًا فإنه يتلائم بسرعة مع هذه التغيرات في الضغط.
أما بالنسبة لغير المتعودين على الطيران فإن القلب والرئتين يبذلان جهدًا مضاعفًا للحصول على كمية كافية من الأكسجين من النسبة القليلة المتوفرة داخل الطائرة.
ويمثل هذا الجهد الزائد بالنسبة لغالبية المسافرين السبب الأساسي للشعور بالتعب مثل الذي يمشي بسرعة ولا تلاحق أنفاسه سرعته.
ولأن أداء الجسم عمومًا يعتمد على الحصول على نسبة عالية من الأكسجين، فإن العديد من ركاب الطائرات يحسون بأعراض الدوار والتعب والصداع..
وقد تستمر لديهم هذه الأعراض لعدة أيام نتيجة نقص الأكسجين الناتج عن انخفاض الضغط، حيث تعمد بعض شركات الطيران إلى تخفيض نسبة الهواء النقي التي يتم إدخالها في الطائرات لتجديد هواء الكابينة خصوصًا في الطائرات الحديثة.
وربما يخفى على كثير من المسافرين أن درجة جفاف كابينة الطائرة عالية جدًا وقليل من الركاب من يتخذون إجراءات تقيهم من هذا الجفاف.