الملوخية نبات عشبي حولي يتبع الفصيلة الزيزفونية، وتزرع الملوخية من أجل أوراقها التي تستعمل كغذاء ادمي وهي –أي الأوراق- خضراء بسيطة متبادلة على الساق وقمتها مدببة منشارية الحافة .
ومن الناحية التاريخية عرفت الملوخية في مصر الفرعونية ويقال أن أول ظهور لها كان على ضفاف نهر النيل وكانت تسمى (ملوخ )، ولكن شهرتها كغذاء ازدادت في عصر الدولة الفاطمية في مصر، ففي سنة (386) هـ تولى الحاكم بأمر اللّه بن العزيز حكم مصر فأصيب كما يقال بمرض في عقله وأتى من الأعمال الغريبة ما لم يرو مثله التاريخ ومن ضمن تلك الأعمال الغريبة والطريفة في ذات الوقت أنه أصدر أمرا بمنع أكل الملوخية على عامة الناس وجعلها حكرا على الأمراء والملوك فسميت (الملوكية) ثم حرف هذا الاسم إلى اسم .
وفي رواية أخرى – أقل شهرة- يقال أن أول معرفة العرب للملوخية كان في زمن المعتز لدين الله الفاطمي حيث أصيب بمغص حاد في أمعائه فأشار أطباؤه بإطعامه الملوخية وبعد أن أكلها شفى من المرض فقرر احتكار أكلها لنفسه والمقربين منه فقط وأطلق عليها من شدة إعجابه بها اسم ( الملوكية) أي طعام الملوك وبمرور الزمن حرفت التسمية إلى الملوخية.
ويظهر أن العرب لم يكونوا وحدهم المغرمين بالملوخية بل تعدى الأمر إلى اليابانيين ففي عام1984, وفي مؤتمر صحفي عالمي, تم تقديم أول طبق للملوخية على الطريقة المصرية في العاصمة اليابانية طوكيو ، وبعد مرور18 عامًا على هذا الحدث الغذائي المهم في اليابان.. أصبحت الملوخية وجبة غذائية شهيرة, ولا يتوقف طهوها عند حدود الطريقة المصرية, بل تجاوزتها وأضيفت إليها الخبرة التكنولوجية اليابانية, ليصبح في الامكان طهي الملوخية وتقديمها على المائدة من خلال 12 طريقة وصنفا وطبقا متنوعا, في مقدمتها كعكة الملوخية, وخبز الملوخية, وتورتة الملوخية, وجبنة الملوخية, بالإضافة إلى شوربة الملوخية 0وقد أصدر البروفيسير يوسف إيموري رائد الجيل الثالث من المستشرقين اليابانيين كتابا عن الملوخية, تصدرت غلافه صورة أحد المزارعين المصريين وهو يحمل حزمة من نبات الملوخية الخضراء، كما تضمنت فصول الكتاب, الصادر باللغة اليابانية, وبلغ عدد صفحاته مائة صفحة, الأنواع المتعددة والمتنوعة لأطباق الملوخية, وقصة زراعة نبات الملوخية في اليابان.
الأهمية الغذائية والطبية
تعتبر الملوخية من أكثر الخضراوات انتشارا في مصر إذ تبلغ المساحة المنزرعة بها حوالي 6 آلاف فدان موزعة على الوجهين البحري والقبلي 0 وتزرع الملوخية في جميع أنواع التربة ولكنها تجود في التربة الصفراء0 وتتحمل الملوخية الحرارة ولا تتحمل البرودة ،ولذا فهي تزرع في شهر مارس حتى سبتمبر .
,الملوخية من الأكلات الشهيرة في المطبخ المصري ويذكر المصريون الملوخية غالبا مقرونة بالأرانب وهم يعتقدون أنها تكون أفضل ما تكون إذا طبخت مع الأرانب ، وهناك طقوس تعرفها المرآة المصرية لطبخ الملوخية وهذه الطقوس تتوارثها الأجيال ،وبلغ حب الكثيرين للملوخية مبلغا جعلهم يجففونها لاستخدامها في الفترات التي يصعب الحصول عليها طازجة0 ويقال أن الملوخية اليابسة أكثر فائدة للجسم من الملوخية الطازجة، بتحليل الملوخية الطازجة وجد أنها تحتوي على4 % بروتين تقريبا أما اليابسة فتحتوي على حوالي 22% بروتين 0 الملوخية الطازجة تحتوي على حوالي نصف في المائة دهون بينما اليابسة تحتوي على 2% دهون 0 والملوخية الطازجة تحتوي على 1.5% ألياف بينما اليابسة تحتوي على حوالي 11% ألياف .
ومن الناحية الطبية ثبت علميا بأن المادة الغروية) المخاطية) الموجودة بورق الملوخية لها تأثير ملين ومهدئ لأغشية المعدة والأمعاء ولاحتواء أوراقها على الألياف فهي تكافح الإمساك بشكل فعال 0 وثبت من الأبحاث أن تناول الملوخية يساعد على تهدئة الأعصاب وتقوية البصر وتنشيط ضربات القلب كما تساعد في علاج ضغط الدم المنخفض وهبوط الطاقة والوهن الجسدي .
,تحتوي الملوخية على نسبة جيدة من فيتامين (ب ( الذي يحمي الجسم من الإصابة بفقر الدم ( الأنيميا) كما أن الملوخية تقوي الغدد الجنسية وتمنع تكون حصى المثانة والكلى والتهابات المسالك البولية .
الملوخية من أغنى الخضراوات احتواء على مادة الكاروتين بنسبة تفوق ما يوجد بالجزر ، ومادة الكاروتين تتحول في الجسم إلى فيتامين( أ( الذي يساعد على زيادة مقاومة الجسم للالتهابات والأمراض والذي يؤدي نقصه بالجسم إلى ضعف النظر ليلا.
و الملوخية تفيد في علاج المصابين بروماتيزم القلب وضعف العضلة القلبية بسبب احتواء بذورها على الجلوكوسيدات والألنيو ريزيد والسكوركوروزيد.
وكذلك نصحت دراسة علمية حديثة أجريت بالتعاون بين وزارة الصحة المصرية وهيئة الصحة العالمية حول التوقف عن التدخين بأن تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الألياف مثل الملوخية والسبانخ والخس من شأنها أن تساعد المتوقف عن التدخين لمواجهة بعض الاضطرابات الهضمية التي يصاب بها الإنسان عند بداية التوقف عن التدخين كالإسهال والإمساك
الملوخية في أمثال الأجداد
الأمثال العامية أو الشعبية هي حكمة وتاريخ وثقافة أي شعب ، وهي خبرة الأجيال مختصرة في كلمات بسيطة . وكان للملوخية نصيب من أمثالنا الشعبية المصرية والفلسطينية ففي مصر نقول : ملوخية وعيش لين يا خرب بيتك يا مزين . والمزين هنا للسجع والمقصود به الرجل ضيق الحال كثير العيال . أما أهلنا في فلسطين فيقولون : ادلدقي يا ملوخية في الزبادي العوج .ويقولون : الملوخية والسمك ما خلوش في البيت ولا حنك . والحنك هو الفم .
د/ دينا بركة