الصحة والغذاء

كيف ندرب الأطفال على صيام رمضان؟

ما إن يهل شهر رمضان، وتلم مائدة إفطاره شمل الأسرة صغيرها وكبيرها، يتنافس الصغار على تقليد الكبار في الامتناع عن الطعام والشراب، رغم أن أعمارهم قد تكون دون سن التكليف، فيحار الكبار ويتساءلون: متى نسمح لأطفالنا بالصيام؟ ومتى نمنعهم؟

لا يفضل طبيًا صيام الأطفال قبل سن الثامنة؛ حيث تكون معدلات نمو الطفل على أشدها في هذه السن المبكرة، بالإضافة إلى أن أغلب أنشطته في هذه الفترة تكون عضلية لا ذهنية، ومنع الطعام عن الطفل ما يقرب من اثنتي عشرة ساعة قد يعرضه للجفاف ونقص السكر في الدم والإعياء وقلة التركيز، وكذلك سوء التغذية في حالة الصوم لفترات طويلة.

كما أنه من الصعب تعديل دورة نوم الأطفال في هذا العمر، حيث إن الكرى يداعب أعينهم مع نسمات الليل الأولى ومن الصعب إرغامهم على السهر حتى موعد السحور، ومن الأصعب إيقاظهم للسحور إذا ما داهمهم النوم.

ومن الناحية التربوية، فإننا نخشى أن يكون الصيام المبكر مدعاة إلى تعليم الطفل الكذب والتدليس، حيث إنه قد يحرص أن يظهر أمام الأسرة صائمًا، ثم يخلو إلى نفسه وتحت وطأة الجوع والعطش فيصيب شيئًا من الطعام.

وبناء على ما سبق من أسباب فقهية وطبية وتربوية نرى – والله أعلم – أن الأولى ترك صيام الطفل حتى سن الثامنة وأن تتاح له الفرصة للتمرن على الصوم من الثامنة إلى البلوغ، فإن نجح في الصوم خلال هذه الفترة فلا بأس وإن فشل فلا بأس، على أن يلزم الصبي بالصيام إذا بلغ الحلم وتلزم الصبية إذا بلغت الحيض، وهذا هو عمر احتمال الصوم طبيًا وعمر التكليف فقهيًا.
وننصح بتدريب الطفل على الصيام قبل سن البلوغ، فمثلاً عند بلوغه الثامنة يصوم يومين أسبوعيًا حتى موعد صلاة الظهر، ويمكن أن تزداد إلى ثلاثة أيام، وفي العام التالي تزيد فترة صومه حتى موعد صلاة العصر وهكذا حتى تكتمل مواعيد الصيام في سن التكليف وأحيانًا قبلها.

ويجب أن تضبط الأمهات نشاط الطفل أثناء ساعات الصيام، فيقلع تمامًا الأنشطة البدنية التي تزيد من إحساسه بالعطش والجوع، حيث إن حاجة الجسم للماء والسعرات الحرارية تزداد مع زيادة المجهود العضلي. وبدلاً من ذلك يجب التركيز على شغل فراغ الطفل بألعاب مسلية وأنشطة تعتمد على المجهود العقلي مثل القراءة وحفظ القرآن أو لعب الشطرنج.
وبخصوص النظام الغذائي الواجب اتباعه في إفطار الطفل وسحوره، فيجب أن تمد وجبة الإفطار جسم الطفل بما يحتاجه من سوائل وعناصر غذائية مثل السكريات والنشويات التي تمد الطفل بالسعرات الحرارية اللازمة لحركته طوال اليوم، وكذلك البروتينات والفيتامينات اللازمة لنموه والمتوفرة في اللحوم والخضراوات. ويمكن أن يبدأ إفطاره بالمشروبات الساخنة ولكن بكميات قليلة، ويستمر تناول الطفل للسوائل بكميات قليلة على فترات متقطعة تمتد من موعد الإفطار حتى السحور، لأن مفاجأة المعدة بكمية كبيرة من السوائل ساعة الإفطار تؤدي إلى الإحساس بالانتفاخ وعسر الهضم.
ومن الضروري إبعاد الأطفال قدر الإمكان عن المكسرات والأغذية المميزة لرمضان مثل قمر الدين والتين والقراصيا والمشمش، لأن هذه الأغذية تحتوي على كمية كبيرة من أملاح الأوكسالات التي إذا زادت نسبتها تترسب في الكلى ومجرى البول، مما قد يؤدي إلى شكوى الطفل من حرقان أثناء التبول أو تكوين حصى في الكلى أو مجرى البول.
وأخيرًا تعد وجبة السحور في غاية الأهمية للطفل ويفضل فيه الأغذية البطيئة الهضم والامتصاص مثل الفول المدمس والدهنيات بوجه عام كالقشدة والزبدة، والجبن بأنواعه مع مراعاة الإقلال من الحوارق والأغذية الحريفة لأنها تزيد من الإحساس بالعطش أثناء ساعات الصيام.


د. نبيل حنفي زقدان – أخصائي طب الأطفال

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم