«جسمها متيبس بدرجة كبيرة بسبب معاناتها من الشلل الدماغي. لكن عندما أشاهدها تسبح في الماء أشعر أنني أمام إحدى المعجزات، حيث يضعف تأثير الجاذبية على حركاتها، ويسترخي جسدها وترتسم على قسمات وجهها ابتسامة عريضة»..
بهذه الكلمات وصفت اختصاصية العلاج الطبيعي (لوريل كوندور) حالة الطفلة «ألكسندرا» التي تخضع للعلاج بأحد الأساليب الفردية في العلاج الطبيعي، وهو العلاج في الماء.
وتشعر لوريل – وهي رئيسة برنامج علاجي في الماء في سان فرانسيكو بالولايات المتحدة – بالفخر والسعادة عندما تتحدث عن الإنجازات التي حققتها مع مرضاها عبر هذا البرنامج، فخلال 15 عامًا مر عليها حالات كثيرة يمكن تشبيه التقدم الذي حدث معها بالمعجزة. فقد رأت أطفالاً يسيرون في الماء رغم أنهم كانوا غير قادرين على السير على الأرض، وأطفالاً يسبحون بانسيابية في حمام السباحة بدون مساعدة من أحد رغم أنهم كانوا متقاعدين على كراسي متحركة.
وتعالج لوريل أطفالاً وبالغين من فئات عمرية مختلفة من سن 4 أشهر حتى سن العشرين، ويعانون من إعاقات تتراوح بين الشلل الدماغي والتوحد والحثل العضلي ومتلازمة داون (العته المغولي). وتضع صوب عينيها هدفًا واحدًا لجميع مرضاها من متحدي الإعاقة، وهو أن يصبحوا قادرين على السباحة بدون مساعدة من أحد، وأن يستمتعوا بالسباحة قدر الإمكان.
وتحاول كذلك مساعدة مرضاها على تحقيق أهداف وظيفية تفوق ما يمكن تحقيقه على الأرض، وللوصول لهذا الهدف تعد برنامجًا مخصصًا لكل مريض وفقًا لتقييم حالته واحتياجاته. كما يتم التواصل والتنسيق مع أولياء الأمور والمعلمين والأطباء حتى تكون أهداف العلاج مناسبة لكافة مناحي صحة المريض، إضافة إلى أن العلاج بالماء يُكمل العديد من العلاجات الأخرى.
سر النجاح
توضح لوريل أن سر نجاح العلاج في الماء يكمن في ضعف تأثير الجاذبية الأرضية – التي تعمل عكس الجسم – مما يساعد مرضاها على الاسترخاء والتمتع بمقدار أكبر من حرية الحركة. وتقول إنه بفضل العلاج بالماء يمكن لمن يعاني من إعاقة أن يكسب جسده قوة، وأن يزيد من قدراته على استخدام أطرافه، في نفس الوقت الذي يستمتع به بممارسة رياضة السباحة.
ويستطيع الأطفال في الماء القيام بما لا يقدرون على القيام به على سطح الأرض، حيث يتعلمون طرقًا بديلة للقيام بالحركات بدون مساعدة من أحد.
وتساعد المياه الدافئة على استرخاء العضلات، وتفيد قدرة المياه على إبقاء الأجسام عائمة، في مسائل الحركة ووضعية الجسم وتوازنه عند الجلوس والقيام. وتساعد مقاومة المياه على بناء العضلات وتقويتها، وتُحسّن من التناسق والتوازن.
ومن فوائد العلاج بالماء أيضًا تقوية كافة أجهزة الجسم، ومنها الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي، وزيادة مرونة المفاصل، وزيادة الوعي المكاني (القدرة على الحكم على أوضاع الأشياء وأحجامها).
كما يفيد العلاج بالماء في تقليل الحساسية المفرطة من لمس الغير، ويعطي المريض فرصة لممارسة مستويات أعلى من المهارات الحركية الشاملة والدقيقة.
وقد عبر بعض الأطفال الذين خضعوا للعلاج بالماء بأنهم استشعروا تحسنًا في درجة استعدادهم وفي درجة شد عضلاتهم وقوتها والتنفس وطريقة المشي.
تقول جيراد كالب (16 سنة): «السباحة تدريب جيد لي، إذ يمكنني تحريك جسدي بصورة أكبر في الماء لأن هذا يولد شعورًا ممتعًا. وتعتبر إطالة الجسم في الأنبوب الساخن (أنبوب كبير ممتلئ بالمياه الغازية) الجزء المفضل لدي في التمرين حيث استمتع به جدًا».
وتقول بيتي لاتينيو، وهي أم لطفل عمره 9 سنوات يخضع للعلاج بالماء: «الموقف الوحيد الذي أرى فيه الابتسامة تعلو وجه صغيري لمدة نصف ساعة متواصلة هو عند مراقبته أثناء علاجه بالماء».
ترجمة: محمود شحاته