غريبة ومحيرة وممتعة هذه العلاقات والارتباطات، بين الأماكن والأشخاص، بين الساعات والمشاعر، بين الأوقات والنغمات، من ينكر إن مذاق فيروز أحلى في الصباح، وإن أم كلثوم تتربع على عرش المساء، لماذا يرتبط الشجن بالغروب، وتسمو في الفجر النفوس، وتستيقظ مع أشعة الشمس آمال البشر، وتتحفز في الليل كوامن الأشواق، لماذا ترتبط القهوة بالعزاء، والشربات بالأفراح، لماذا يستبشر أهل الريف بعودة المسافر إذا دعا الكروان.
هل هناك كيمياء خاصة تتوافق وتتنافر بين الأشياء والأوقات، والأصوات والنغمات، بل بين الأطعمة والمذاقات، لماذا يفضل التمر مع الحليب، أليست الطعمية أشهى مع الطماطم والطحينة، وأليس الكمون عاشق للفول، وتحلو القهوة بالحبهان، ويزهو الشاي بالقرنفل والنعناع، تأملوا في هذه العلاقات، صغيرة وبسيطة نعم، ولكن بها تحلو الحياة، أبداً لم تخلق عبثاً، هي رسالة من الخالق، أن لكل منا مذاق فريد، ولكن مؤكد أن هناك مذاق آخر يطيب معه، هل المذاقات والألحان والنغمات كالأرواح مايأتلف منها ائتلف، وما يختلف منها اختلف، سعيد من فهم ” كيمياء التوافق ” ، فهي أحد تجليات الخالق الأعظم .
- للمشاعر قوانينها الخاصة التي تختلف أحياناً عن قوانين المادة، فكل الأشياء تنقص إذا اقتسمتها مع الأخرين إلا السعادة واللحظات الجميلة، فإنها تزداد وتكبر بذلك .. لذا .. اقتسم سعادتك مع أحبائك تتضاعف ، واقتسم حزنك مع أصدقائك يتلاشى.
- ألا تتفقون معي فى أن ال ” اللايك والكومنت ” فكرة عبقرية من مخترعي الفيس بوك ، فهي تخاطب أوتار النفس البشرية التي خلقت تهوي الإعجاب من الآخرين ، وفطرت على الرغبة في التواصل والحكي . لا تحرم كل من يكتب اجتهاداً كلمة مديح تسعده فالله جل شأنه وهو الغني يأمرنا بشكره، لذا لاتتردد في التعليق والمشاركة الإيجابية على ما تقرأ .
- هل تساءلت .. ما الذي يجعل الأطفال ينامون هكذا بعمق ؟! لأنه ليس لهم إلا حاضرهم .. لا ماضي يندمون عليه ولا مستقبل يخافون منه.
- الموهبة قد تعذب صاحبها، بل قد تؤلمه، إذا لم يصنها، أو لم يعترف المجتمع بها، أو حاربها، أو اعترف بها متاخراً، أما عديمو الموهبة فإنهم يحترقون بغيظهم وحقدهم، إذا لم يدركوا أنها في النهاية نفحة من الخالق الأعظم يخص بها بعض عباده.
- أحياناً نبدو في تصرفاتنا كالطفل الذي يريد امتلاك الشيء وضده غير مدرك أبعاد رغباته ولا ما قد يوجد بينها من تضاد وتعارض!!.، ألديكم تفسير لذلك؟ ، أنا لا أجد تفسير سوى أنها كيميا القلوب!
أصغيت إلى كثير من الأصدقاء رصداً لكيمياء القلوب، وأزعم بأنني أشارك الكثير منهم في بعض الأشياء والأحاسيس: يعجبني مثلهم و بلاشك عبد الباسط عبد الصمد، ولكن المنشاوي يمس شغاف القلب، أما مصطفى إسماعيل فهو قاطرة رهيبة تتحرك ببطء وحشرجة في البداية ثم يصل لذرى لا يصل إليها غيره، أحب صفاء الشعشاعي، والبنا مرتبط بالصباح والذهاب للجامعة أو المكتب، يأسرني محمد رفعت، وأظل أتخيل ماذا كان سيحدث لو أنه تواجد في عصرنا بتسجيلاته النقية، يهزني من الأعماق آذان الحرم المكي المهيب، أنتظر بشغف موعد الشيخ السديس على قناة القرآن الكريم، ولكن قارئي المفضل من الحرم كان الراحل عبد الله جابر، كما أحب الشريم كثيراً، عمق وعذوبة النقشبندي بصوته الفريد الرائع تعبير مرهف عن الحب الإلهي .. ألم أقل لكم أنها ” كيمياء القلوب ” .
د.حسني الخولي