لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى تحديد أطعمة معينة تسبب القولون العصبي، إلا أن المؤكد أن للطعام علاقة ما بهذا المرض.
ولا يعتبر القولون العصبي من الأمراض الخطيرة إلا عندما يتحول إلى حالة مزمنة تتخللها أعراض مزعجة بشكل يكاد يكون مستمرًا، ولا تختفي في أغلب الأحيان وإنما تكون متذبذبة، وتشمل الغازات المزمنة والإسهال.
ويمكن تعريف التهاب القولون أو القولون العصبي أو القولون المتهيج بأنه اضطراب في وظيفة القولون وجهاز الهضم يؤدي إلى خلل واضطراب في عمل القولون وتراكم الفضلات والتخمر بسبب بقاء الطعام المهضوم والفضلات لفترات طويلة في القولون ينتج عنها تجمع الغازات, وقساوة الفضلات تؤدي بدورها إلى أعباء على القولون وعدم تمكنه من طرح الفضلات بشكل منتظم.
وللاضطراب الوظيفي للقولون أسباب كثيرة، بعضها يتعلق بالمريض نفسه وبعضها بنوعية الطعام المتناول أو بالالتهابات التي تصيب جهاز الهضم. كما أن لحالة المريض النفسية دورًا كبيرًا في انتظام هضم الطعام، فالتوتر الناجم عن نمط الحياة والإجهاد الجسمي والنفسي والقلق، كلها تؤدي إلى خلل في إتمام هضم الطعام ومن ثم زيادة العبء على القولون وظهور الأعراض.
ومن الأسباب الأخرى نوعية الطعام الذي يتناوله الشخص المصاب، فتناول طعام غير متوازن من حيث النوعية، والتركيز في النظام الغذائي على تناول البروتين والدهون بشكل يومي، وكذلك قلة تناول الخضار والفواكه والألياف كل ذلك يؤدي إلى تباطؤ في نشاط القولون وتراكم الفضلات بالإضافة إلى إصابة القولون بالأمراض الالتهابية والطفيلية وينتج عن ذلك الإصابة.
ولا شك أن التهاب القولون العصبي أو التشنجي يزعج المصاب به كثيرًا، فهو يؤدي إلى عدم قدرته على أداء أعماله المعتادة والقيام بنشاطه اليومي على أكمل وجه، وهو ما ينعكس سلبًا على أدائه الوظيفي وعلى حياته الشخصية والاجتماعية.
وهناك فئات اجتماعية معينة تعد أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي وهي التي تتعرض لضغوط حياتية ونفسية وعملية أكثر من غيرها، مما يؤثر على قيام الجسم بوظائفه بشكل طبيعي، والجهاز الهضمي هو أحد الأجهزة الأساسية التي تصاب بالاضطرابات أكثر من غيرها من أجهزة الجسم المختلفة.
وسائل وقائية وعلاجية
ولعلاج هذا المرض يجب على المريض أولًا تفهم طبيعة مرضه، ومعرفة الوسائل العلاجية والوقائية عن طريق تجنب بعض أنواع الطعام والابتعاد عن العادات السيئة التي تثير المرض كالتدخين وشرب المنبهات بكثرة.
ويتركز العلاج في الحمية المنتقاة، وتعني تنظيم الطعام بأشكاله وأنواعه المختلفة، فالطعام المتعب للجهاز الهضمي كالدسم والدهون يجب الإقلال منه قدر الإمكان وليس الامتناع عن تناوله.
ومن الأطعمة التي يجب الحذر منها البهارات والكاتشب والفلفل الأحمر، فكلها مضرة ومتعبة لجهاز الهضم إضافة إلى ما قد تحدثه من التهابات وتقرحات في جدران المعدة والأمعاء.
يسري ذلك أيضًا على المشروبات المنبهة مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، فكثرتها يزيد في اضطرابات الهضم التي بدورها تتحول إلى التهاب القولون المزمن. وينصح للمصاب به أن يتناول بكثرة الفاكهة والخضار بأنواعها لأنها تزيد في نشاط القولون وبالتالي تمنع حدوث الإمساك والتخمر، وتعد من أهم مظاهر اضطراب القولون العصبي.
وباختصار فإن مراعاة نظام غذائي متوازن والابتعاد عن المنبهات والأطعمة الخادشة للجهاز الهضمي والإقلال من القلق والتوتر قدر الإمكان سبيل للتخلص من هذا المرض وآثاره المزعجة.
لتخفيف الأعراض
ومن العادات اليومية المفيدة التي تساعد في التخفيف من أعراض القولون العصبي ما يلي:
– تناول كمية كافية من الألياف، حوالي 30 غرامًا في اليوم، وأن تكون الوجبات صغيرة ومتعددة مع زيادة شرب المياه.
– عدم التدخين، وتجنب الدهون الكثيرة، النباتية منها والحيوانية والبيض والبهارات.
– عدم تناول كميات كبيرة من الكافيين، مثلًا في القهوة والكولا والشوكولاته.
– مارس الرياضة بشكل منتظم لتنظيم حركة البطن مع الاشتراك في أنشطة من شأنها التقليل من الإرهاق النفسي.
هنالك أيضًا العقاقير العلاجية التي تهدف إلى تخفيف الأعراض المصاحبة للمرض دون إزالة مسبباته وذلك عن طريق اختيار الأطعمة المناسبة، وتنظيم الحركة الطبيعية للأمعاء دون عقاقير طبية، مع تناول بعض العقاقير المهدئة للأعراض.
وتنقسم العقاقير إلى ثلاثة أنواع:
– قسم ينظم حركة الأمعاء الغليظة فقط ويزيل الانتفاخ ويثبط الآلام ولا ينتج عنه أية آثار جانبية تذكر.
– قسم يقلل من الشد النفسي المهيج لحركة الأمعاء الغليظة التي تسبب الألم، ولكنه قد يؤدي إلى التعود غير المقبول إضافة للخمول والإرهاق العام.
– خليط من القسم الأول والثاني، مع وجود الأعراض الجانبية نفسها المذكورة آنفًا.
إضافة إلى ذلك، فهناك أعشاب ثبتت فعاليتها في تخفيف الآلام المصاحبة للقولون العصبي أهمها النعناع وجميع الأعشاب ذات الزيوت الطيارة التي تزيل الانتفاخ، وكذلك الأعشاب التي تحتوي على مواد مسهلة في حال مصاحبة الإمساك للمرض مثل الكسكارا والسنا والألياف.
حمية استبعادية
من خلال الحمية الاستبعادية (Elimination Diet) يتم تجنب الأطعمة التي تزيد القولون عصبية من البرنامج الغذائي، مع البدء ببعض العناصر الغذائية الأساسية فقط، ومن ثم زيادة العناصر الغذائية للوصول إلى الغذاء المسبب للمرض وذلك تحت إشراف طبيب أو خبير في الأغذية.
د. زياد داللو – استشاري الجهاز الهضمي