في السنوات الأخيرة، تنبهت الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى أهمية وجود الرياضة في حياة الأفراد والشعوب كونها طريقًا مباشرًا نحو المزيد من الرقي والتقدم، باعتبار أن الفرد الذي يتمتع بلياقة ذهنية وبدنية يسهم بقوة في دوران عجلة التنمية المستدامة وفي النهوض بالمجتمع على نحو يحقق المزيد من الرفاهية لأفراده.
ووفقًا للعديد من الدراسات العلمية، فإن ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية لها دورها البارز في رفع مستوى اللياقة البدنية والذهنية، خصوصًا في عصرنا الحالي، حيث قل إلى حد كبير الجهد والحركة المبذولان من الإنسان، فيما تقلصت حركاته المعتادة في التنقل والمشي بفضل التقدم السريع واستخدام تقنيات النقل الحديثة. كما أن لهذه الرياضة دورًا لا ينكر على الصعيد النفسي والاجتماعي، فهي مفيدة من جميع النواحي، وتعطي الشخص الممارس مناعة قوية ضد أمراض العصر من ضغط وسكري وأمراض القلب وفوق ذلك السمنة.
ولهذا، فإن هناك مطالب ملحة بضرورة الاعتناء بهذه الجزئية المهمة، لأن مستقبل الشعوب مرهون بوجود أجيال أصحاء قادرين على مواصلة خطى التقدم والتنمية، أما أن نتحدث عن أجيال ضعيفة لا تقدر على حمل لواء المنافسة وكسب لقمة عيش مناسبة، فهذا يعني أن الدورة التاريخية لهذه الشعوب في أدنى مستوياتها.
ويمكن أن نوجز باختصار ميزات ممارسة الرياضة في أنها تفيد الجسم كثيرًا وتؤدي إلى: التقليل من نسبة الإصابة بمرض السكري، وفي تحكم أفضل بنسبة سكر الدم، مع التقليل من نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والكولسترول، والمحافظة على الوزن، مع ذاكرة أفضل، وزيادة الثقة بالنفس، وتحكم بالضغوطات والتوتر، والمساعدة على الصبر والتحمل، وزيادة مرونة الجسم، التحكم في الوزن. في حين أن عدم ممارسة الرياضة يجعل عضلات الجسم دائمًا في حالة ارتخاء وضعف، ويُصعب على القلب والرئة القيام بوظيفتهما بصورة جيدة، كما تؤدي إلى إصابة المفاصل وغيرها من الأمراض.
ولهذا، نؤيد الآراء القائلة: إن التربية البدنية تعد مطلبًا أساسيًا وحاجة ضرورية لنمو الفرد، وإن عدم تحقيق هذا المطلب خلال بعض مراحل العمر يؤدي إلى حدوث خلل أو قصور في عملية النمو. وقد تجددت الدعوات في المنطقة حول ضرورة الاهتمام بالرياضة والأنشطة البدنية في المراحل السنية المبكرة، خصوصًا قبل دخول المدارس لإكساب الصغار اللياقة والرشاقة والحيوية والنشاط، ولجعلها مفردة رئيسة في حياتهم فيما بعد.
لكن هذا الأمر ربما يقابله شيء من الصعوبات لعل منها: عدم وجود أماكن كافية لممارسة الرياضة سواء في الأحياء من ساحات ومراكز رياضية أو في المدارس، حيث قلة الإمكانيات المتاحة وندرة الأدوات الرياضية، وفوق ذلك ضيق المساحة المناسبة لممارسة النشاط الرياضي في المدارس أو حتى عدم وجود معلمي التربية البدنية، وعدم تطوير قدراتهم.
إن هذه الجزئية الأخيرة، للأسف تلقي بجانب من الظلال لدينا في المملكة، الأمر الذي يدعو إلى تضافر الجهود للتغلب عليها وتوفير مراكز رياضية في كل شارع وكل حي في مناطق المملكة كافة، لتوفير بيئة رياضية مناسبة للجميع، وأعتقد أن القطاع الخاص مطالب بالقيام بدور أكبر في هذا الصدد من أجل مستقبل أفضل صحيًا ورياضيًا ونفسيًا لأبنائنا ولأحفادنا، وصدق المثل القائل العقل السليم في الجسم السليم، مع العمل الحثيث على تغيير النمط الغذائي والمعيشي.
خالد الحقباني
رجل أعمال ومستثمر في المجال الرياضي