الصحة والغذاء

طفلك.. والكربوهيدرات والسكريات

تعتبر الكربوهيدرات هي أهم وأقرب مصدر متاح للجسم للحصول على الطاقة، وعلى الرغم من السمعة السيئة التي التصقت بالكربوهيدرات منذ مطلع الألفية الثالثة لكونها من أسباب البدانة في أمريكا إلا أنها تمثل جزئية هامة من الوجبة الصحية لكل من الكبار والصغار.

الكربوهيدرات شكلان

يصنف العلماء الكربوهيدرات لشكلين رئيسين هما:

السكريات البسيطة (الكربوهيدرات البسيطة)

وهي توجد في السكريات مثل الفركتوز والجلوكوز واللاكتوز، بالإضافة إلى وجودها في الفاكهة.

النشويات: (الكربوهيدرات المعقدة)

وهي توجد في بعض الأغذية مثل الخضراوات النشوية والحبوب والأرز والخبز.

فكيف إذن يهضم الجسم الكربوهيدرات والسكريات؟… تتكسر كل الكربوهيدرات إلى سكريات بسيطة، وتمتص كل هذه السكريات في تيار الدم وبينما يرتفع مستوى السكر؛ يفرز البنكرياس هرمونًا يسمى الأنسولين الذي يحتاجه الجسم لنقل السكريات من الدم إلى الخلايا.

وتتسبب الكربوهيدرات الموجودة في بعض الأغذية (غالبًا التي تحتوي على سكريات بسيطة وحبوب محسنة مثل الدقيق الأبيض والأرز الأبيض) في رفع مستوى السكر بشكل أسرع من غيرها من الكربوهيدرات الأخرى (الموجودة في الحبوب الكاملة) من ناحية أخرى بشكل أبطأ مما يسمح لسكر الدم بالارتفاع بصورة تدريجية. وتناول الوجبة الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من الأغذية تسبب الارتفاع السريع في سكر الدم كما تزيد من خطورة تطور مشكلات صحية مثل مرض السكري ولأمراض القلب على الرغم من أن هذه الدراسات قد أجريت فى الغالب على الكبار.

وعلى الرغم من الاتجاه الحديث بجنون نحو الامتناع عن الكربوهيدرات فإن القاعدة العامة هي أنه ليست كل الأغذية المحتوية على كربوهيدرات تعتبر ضارة لطفلك سواء كانت كربوهيدرات معقدة مثل الحبوب الكاملة أو كربوهيدرات بسيطة مثل تلك الموجودة في الفاكهة.

فإذا  ابتعدنا عن الكربوهيدرات بهذا الإصرار فقد تكون النتيجة هي المعاناة من مشكلة كبيرة لأن معظم الأغذية تحتوى على هذه الكربوهيدرات. ولكن بالطبع تعتبر بعض الكربوهيدرات صحية أكثر من غيرها.

تشمل المصادر الجيدة للكربوهيدرات ما يلي:

– الحبوب الكاملة

– الأرز البني

– الخبز الأسمر (المصنوع من الحبوب الكاملة)

– الفاكهة

– الخضراوات

وينبغي أن تشمل الوجبة الصحية المتوازنة لطفل  يتجاوز العامين من العمر على 50-60% من السعرات الحرارية التي يحصل عليها من الكربوهيدرات. والأساس هو أن تتأكد من أن معظم ما يتناوله طفلك من الكربوهيدرات هي من المصادر الجيدة للكربوهيدرات وأن تحد من كمية السكر المضافة إلى وجبة طفلك.

الكربوهيدرات النافعة تختلف عن الكربوهيدرات الضارة

أثير الكثير من الجدل حول الكربوهيدرات في الأعوام الأخيرة لماذا؟.. لأن الكثير من الخبراء الطبيون يعتقدون أن تناول المزيد من الكربوهيدرات المحسنة (السكريات المحسنة الموجودة في الأغذية والمشروبات مثل الحلويات والصودا والحبوب المحسنة مثل الأرز الأبيض والدقيق الأبيض الموجود في المكرونة والخبز الأبيض) هي من الأسباب الكامنة خلف الارتفاع المؤسف لنسبة البدانة في الولايات المتحدة الأمريكية.. ولكن كيف لنوع واحد من الغذاء أن يتسبب في حدوث مشكلة كبيرة؟

بالطبع، فإن عدم ممارسة الرياضة وتناول كميات أكبر من أي نوع من أنواع الأغذية أيًا كان مفيدًا أكثر مما يحتاجه الجسم له نصيب الأسد من اللوم في حدوث البدانة. ولكن تميل ما تسمى بالكربوهيدرات الضارة وهي السكريات والأغذية المحسنة إلى أن يكون لها دور هام فى زيادة السعرات الحرارية لماذا ؟.. لأنها أسهل ما تقع أيدينا عليه, حيث تتوفر بكميات كبيرة وذات طعم لذيذ كما أنها لا تكون مشبعة.

ويميل الناس إلى تـناول المزيد من مثل هذه الأغذية المحسنة أكثر من حاجاتهم، وغالبًا ما تمدنا أغذية مثل الكولا والحلويات بنوع من المغذيات غير مطلوبة لذا لاتحتاج أجسامنا إلى تناولها على الإطلاق.

وتحت الإرشادات التغذوية يحث الباحثون الأمريكيون على تناول المزيد من الكربوهيدرات غير المحسنة (التي غالبًا ما يطلق عليها الكربوهيدرات النافعة) بقولهم بأن كل فرد متضمنًا الأطفال والمراهقين ينبغي أن يزيد تناولهم من الحبوب الكاملة ويقللون من تناولهم للسكر المضاف. وبالنسبة للأطفال (ينبغي أن يكون نصف ما يتـناولونه على الأقل مصدره الحبوب الكاملة).

فالحبوب الكاملة بالتأكيد هي الطريق الصحي الذى ينبغى أن نتبعه ولكن ما الذى يجعلها تختلف عن الكربوهيدرات البسيطة؟.. تعتبر الحبوب الكاملة كربوهيدرات معقدة (مثل الأرز البني والخبز الأسمر والشوفان) التي بدورها:

– تتكسر فى الجسم ببطء: تحتوي الحبوب الكاملة على الثلاثة أجزاء كلها من الحبة (القشرة والجنين والبطانة الداخلية التي تغذي الجنين).

بينما تحتوى الحبوب المقشورة المحسنة فقط على تلك البطانة الداخلية (الاندوسبرم) وهذا معناه تقديم المزيد للجسم أبطأ فى تكسيره وتنفذ الكربوهيدرات إلى الجسم ببطء وبذلك الأمر أسهل على الجسم فى تنظيم الكربوهيدرات.

ذات نسبة ألياف عالية:

ليست الأغذية الغنية بالألياف مخصصة فقط لطبقة معينة المستهلكين بل إنها مفيدة لأنها مشبعة وبهذا فهي تقلل من الإفراط في تناول الطعام؛ وبالإضافة إلى ذلك فإنها عندما تمتزج مع الكمية الملائمة من السوائل فإنها تساعد على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمى وتـقي من سرطانات الأمعاء كما تقي كذلك من الإمساك.

– تشمل فيتامينات وأملاحًا معدنية أخرى:

تحتوى الحبوب الكاملة بالإضافة إلى الألياف على المزيد من الأحماض الدهنية الأساسية وفيتامين هـ والمغنسيوم والزنك وما يناظرها من فيتامينات وأملاح معدنية وأحماض دهنية  مجهزة يسهل على الجسم الاستفادة منها.

ولذا كان كل ما سبق غير كاف فقد أثبتت الدراسات أن تناول الحبوب الكاملة يقلل من المخاطر الطويلة للتعرض للسرطان وأمراض القلب.

كون الكربوهيدرات المحسنة قوبلت بالكثير من النقد الحاد في السنوات الأخيرة لا يعني أنها كلها ضارة وسيئة فإذا قورنت مع مضار الكربوهيدرات في كثير من الجدل الذي أثير حولها فالكثير من الناس بذلك يغفلون أن الكربوهيدرات لا توجد فى الحبوب فحسب، بل توجد الكثير منها كذلك فى الكثير من الأطعمة المغذية جدًا مثل الفاكهة والخضراوات ومنتجات الألبان التي تمدنا بالكثير والمتنوع من المغذيات الأساسية التي تدعم النمو والصحة العامة. فالفاكهة الطازجة مثلًا تحتوي على الكربوهيدرات البسيطة ولكنها في نفس الوقت تحتوي على الفيتامينات والألياف.

وعلى الرغم من كون وجود الكربوهيدرات غير المحسنة فى الحبوب الكاملة أمرًا مثاليًا وصحيًا ومفيدًا؛ فإن بعض أنواع الحبوب الأخرى المحسنة المدعمة نافعة لطفلك أيضًا, فالحبوب الكاملة تمد الطفل بمغذيات لايمكن الحصول عليها من غيرها من الحبوب, وبالمثل فالحبوب المدعمة بالفيتامينات تمد الطفل أيضًا بما لايمكن لغيرها من الحبوب أن تمده؛ فبينما تعتبر معظم الحبوب المدعمة مثلًا مضاف إليها حمض الفوليك (الفولات) بالإضافة إلى الحديد والنياسين والريبوفلافين وابثيامين فإن بعض الأغذية المصنوعة من الحبوب الكاملة تكون مدعمة فقط بحمض الفوليك.

لذا، ينصح بتقديم كل من الحبوب الكاملة والحبوب المدعمة للطفل، ويحتاج معظم الأطفال فى سن المدرسة المتوسط حوالي من 6-8 أوقيات (170-227 جم) من الحبوب يوميًا ويحتاج المراهقون 9 أو10 أوقيات (255 أو حم 284) منها وطبقًا للإرشادات الطبية الحديثة فإن نصف هذه الكميات المقدمة للأطفال والمراهقين ينبغي أن تكون من الحبوب الكاملة بينما يمكن الحصول على نصف الكمية الأخرى من الحبوب المدعمة العادية مثل الدقيق الأبيض المدعم.

تقدير كمية السكريات

تميل الأغذية ذات المحتوى العالي من السكريات المضافة (مثل المخبوزات والبسكويت والكيك والحلويات والحلويات المجمدة وبعض عصائر الفاكهة إلى احتواء عال من السعرات الحرارية وانخفاض في المغذيات القيمة الأخرى, ونتيجة لذلك ترتبط الوجبة عالية المحتوى بالبدانة كما أن تناول الكثير جدًا من الأطعمة السكرية يؤدي إلى تسوس الأسنان ولكن كل طفل بالطبع يتناول السكريات بين الحين والآخر، كما أن السكر المضاف يحسن من طعم بعض الأطعمة مثل طعم الحبوب الكاملة مثلًا التي قد يعافها الطفل بدون سكر. ولكن وضع الاعتدال فى الاعتبار يجب أن يكون الأساس عندتقديم السكريات لطفلك.

فالقليل من السكر، وخاصة إذا كان ضمن الأغذية التي تمد طفلك بالمغذيات الهامة الأخيرة، لن يخل بالميزان ولن يؤدي بطفلك إلى زيارة طبيب الأسنان. ولكن تذكر أن المراهقين يتناولون ضعف الكمية الموصى بها من السكريات ولا يتناولون الكميات الموصى بها من السكريات والحليب قليل الدسم.

فبدلًا من أن تقدمي لطفلك الأغذية المنخفضة القيمة الغذائية عالية السكريات المضافة في نفس الوقت قدمي له اختيارات صحية أكثر مثل الفاكهة وهي كربوهيدرات حلوة حلاوة طبيعية ويفضل تضمينها في وجباته الخفيفة بحيث تضمنين تناوله أيضًا للألياف والفيتامينات التي يحتاجها جسمه.

تقدير كمية الكربوهيدرات والسكريات

ليس من السهل أن نجزم بكون أغذية معينة هي خيارات غذائية أفضل من غيرها بالنظر ببساطة إلى ما يكتب على العبوة من الخارج, ولحساب الكربوهيدرات يمكن التأمل فى جزئية (حقائق تغذوية) مما يكتب على العبوة من الخارج حيث تجد ثلاثة أرقام لإجمالى كربوهيدرات:

وهو إجمالى عدد الكربوهيدرات وكمية الألياف الغذائية وكمية السكريات.

– إجمالي الكربوهيدرات: يدرج هذا الرقم بالجرام وهو يتضمن أنواعا عديدة من الكربوهيدرات مثل الألياف الغذائية والسكريات والكربوهيدرات الأخرى.

– الألياف الغذائية: تدرج تحت إجمالي الكربوهيدرات وهذه الألياف الغذائية نفسها لا تحتوي على سعرات حرارية و لكنها فى الواقع جزء ضروري من وجبة صحية أكثر؛ فالوجبة الغنية بالألياف نفسها تعزز من انتظام حركة القولون كما تساعد على تقليل خطورة سرطان القولون وتساعد على التقليل من مستويات الكولسترول.

– السكريات: تدرج أيضًا تحت إجمالي الكربوهيدرات على ما يكتب على العبوة من الخارج وهي موجودة فى معظم الأغذية، ويلاحظ أن ما يكتب فى (حقائق غذائية) لايميز بين السكريات الصناعية والسكريات المضافة فالسكريات الطبيعية توجد في الفاكهة ومنتجات الألبان، وتحتوي الوجبات الخفيفة والحلويات والصودا غالبًا على  كميات كبيرة من السكر المضاف. ولكي تبحث عن وجود السكر المضاف من عدمه فإنك تحتاج إلى النظر إلى قائمة المكونات بحثًا عن وجود السكر أو الفركتوز أو عسل النحل أو المولاس أو مشروب الذرة وغيرها مما يحتوى على السكر. وينصح بتجنب المنتجات المحتوية على السكر أو محليات أخرى فى قائمة المكونات.

وعلى الرغم من احتواء الكربوهيدرات على أربع سعرات حرارية لكل جرام من مكوناتها إلا أن المحتوى السكري العالي في الوجبات السعرية تعني ارتفاع السعرات الحرارية بسرعة وأن هذه السعرات الحرارية الخاوية تحتوي على قيمة غذائية أقل.

كيف تكون الكربوهيدرات جزءا من الوجبة الصحية؟

لا يعتبر ضمان تناول طفلك لوجبة غذائية مغذية متوازنة صعبًا كما يبدو, فيمكنك ببساطة توفير اختيار الكربوهيدرات النافعة (الحبوب الكاملة؛ الفاكهة؛ والخضراوات والحليب قليل الدسم ومنتجات الألبان) فاجعلي في منزلك رصيدًا من الاختيارات الصحية وحدي من الأغذية المحتوية على السكر المضاف (خاصة هذه الأغذية ذات القيمة الغذائية المنخفضة أو عديمة القيمة الغذائية) وشجعي أطفالك على أن يكونون نشيطين كل يوم, وفوق هذا كله؛ كوني نموذجًا يحتذي به فعندما يرى طفلك عاداتك الصحية السليمة سيتعلم تطبيقها على نفسه ويسلك أسلوب حياة صحية فى الطفولة والصبا.

ترجمة: د.نهاد ربيع البحيري

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم