حين يقصد باحثو العقاقير إحدى الغابات باحثين في عجائب عالم النبات عما ينطوي عليه من قوى خارقة وبلاسم للشفاء، فإنهم يرجون من صميم قلوبهم أن يعثروا على نبات لدية مناعة طبيعية وحصانة ضد افتراس الحشرات، فالواقع أن هذه المناعة تنبئ عن قدرة النبات على تخليق مركبات حيوية تعمل كوسائل دفاع كيميائية ضد إصابته بالعدوى وضد الافتراس. وعند الباحثين، أن مثل هذه المركبات تكون كذلك فعالة بيولوجيًا لدى الإنسان. وهذا يعني أنها مركبات واعدة بأن تكون علاجات محتملة لنوع أو أكثر من أمراض الإنسان.
أما الملاحظة الثانية التي تسترعي انتباه باحثي العقاقير في أي نبات فهي شيوع التداوي بأجزائه لدى السكان الأصليين الذين يعرفون قيمته العلاجية منذ مئات السنين ويتناقلون معارفهم تلك من جيل إلى جيل. إذ يفترض أن الاستخدامات المحلية (الشعبية- التقليدية)، تعطي إشارات قوية للفعالية البيولوجية لهذا النبات.
والحق أن هذا الافتراض المؤسس على ركائز علم النبات البشري – هو علم يبحث في العلاقة بين البشر والنبات كثيرًا ما يفضي إلى الكشف عن حشود من الجزيئات الفعالة بيولوجيًا، التي تنطوي عليها النباتات. وهذا بالضبط هو ما جرى لنبات النيم، حين هبت جماعة من المتخصصين في علم النبات البشري، لتيمم شطر غابات الهند المدارية، تبحث عن نباتات منيعة ضد الحشرات، وتسأل المعالجين التقليديين (الذين يرجع إليه عامة الناس) عن استخداماتها الشعبية التقليدية في مداوة الأمراض.
وإذا كانت شجرة النيم (هندية) الأصل والجنسية فإنها غدت مؤخرًا (عالمية) الانتشار فاتخذت بذلك صفة المواطنة العالمية فهي تستزرع اليوم فيما يزيد على 65 دولة ولا سيما في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. ومن أبرز الدول التي تعنى بزراعتها في مساحات شاسعة لأغراض تجارية: مالي والنيجر وكينيا ونيجيريا والمكسيك والسنغال وجنوب أفريقيا والدومينكان ونيكاراجوا والأرجنتين وبورما وسيريلانكا وباكستان والبرازيل وأستراليا. وفي عالمنا العربي استزرعت مساحات كبيرة نسبيًا بشجرة النيم، في كل من السودان واليمن ومساحات أقل في بلدان الخليج العربي وفي المملكة العربية السعودية.
وإن الزائر للمشاعر المقدسة في منى والمزدلفة وعرفات ليشاهد أشجار النيم وقد أينعت بخضرتها الدائمة فضلًا عن دورها في تطهير الأجواء من الحشرات وإبعاد الكثير من أنواع القوارض والزواحف والهوام.
التأثيرات الحيوية لبعض المركبات الفعالة في شجرة النيم
المركب الفعال | التأثير الحيوي |
نيمبينات الصوديوم | مضاد لآلام المفاصل والالتهابات، مثبط وقاتل للمنويات، محفز على إدرار البول |
نيمبيدين | مسكن ومخفف للآلام، مضاد للنمو الفطري، مضاد للنمو البكتيري |
نيمبيدول | مضاد لأعراض الحميات، مضاد لبكتيريا السل Mycobacterium |
نيمبين | مخفف للآلام والالتهابات، مضاد لنمو الفطريات |
جدونين | معالج فعال لداء الملاريا، مضاد للنمو الفطري |
كويسيريتين | مضاد وقاتل للطفيليات أحادية الخلية |
د. فوزي عبدالقادر الفيشاوي – أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية