تحتاج الطفلة إلى عناية فائقة في تغذيتها. والحقوق الغذائية للطفلة المولودة حديثًا ينبغي أن تبدأ قبل ولادتها بتسعة شهور أي بمجرد التقاء الحيوان المنوي مع البويضة واتحادهما وإخصابهما، حيث تبدأ بعد عملية الإخصاب مرحلة انقسام البويضة المخصبة لتكوين الجنين بأنسجته وأجهزته المختلفة.
وتتميز مرحلة الطفولة عن باقي المراحل العمرية في حياة المرأة بسرعة نشاط التكاثر الخلوي، ونشاط التفاعلات والمبادلات الحيوية، فضلاً عن سرعة النمو للأنسجة والأعضاء المختلفة لتحويل الطفلة المولودة الصغيرة إلى أنثى ناضجة كاملة الأنوثة ومكتملة الشخصية.
وتزداد حاجة الطفلة الصغيرة إلى العناصر الغذائية بسبب سرعة النمو في هذه المرحلة، ومن ثم فإنه من الضروري أن يكون لدى المخطط الغذائي المسئول عن تغذية الأطفال وتحديد حقوقهم الغذائية ولدى الآباء والأمهات ثقافة غذائية ووعي غذائي كامل عن أساسيات تغذية الأطفال حتى نتلافى تعرض الأطفال إلى حالات سوء التغذية التي قد ينجم عنها آثار سيئة وعواقب غير محمودة.
وتنقسم مراحل الطفولة في حياة المرأة إلى:
– الطفولة الأولى: تمتد منذ الولادة حتى اكتمال الأسنان اللبنية حيث يتم ذلك في نهاية النصف الأول من العام الثالث، ويكون اللبن هو العنصر الأساسي في غذائها. وتمتاز هذه المرحلة بسرعة النمو.
– الطفولة الثانية: تبدأ في الشهر الثلاثين وتنتهي بابتداء ظهور الأسنان الدائمة في العام السادس أو السابع من عمر الطفلة، وتمتاز هذه المرحلة بنمو الأعصاب والأفعال الحركية والملكات العقلية.
– الطفولة الثالثة: تبدأ من العام السادس أو السابع، وتمتد إلى سن بلوغ الطفلة الذي يحدث عادة ما بين العام العاشر والعام الخامس عشر بمعدل أسرع في إناث الأطفال عن الذكور. وتمتاز هذه المرحلة بنشاط الغدد الصماء وبازدياد سرعة معدل نمو الهيكل العظمى وزيادة احتياجات الطفلة البالغة للمواد الغذائية والأملاح المعدنية والفيتامينات.
وفي مرحلة الطفولة تبلغ الحقوق الغذائية للمرأة أكبر معدلاتها، لأن هذه المرحلة تكون سرعة النمو أسرع من أي مرحلة أخرى نظرًا لاحتياج الطفلة الرضيعة للعناصر الغذائية بدرجة كبيرة لتغطية الزيادة في سرعة النمو وسرعة عملية التمثيل الغذائي فضلًا عن سرعة استهلاك وتجديد العناصر الغذائية وتكوين الهيكل العظمي، خاصة أن الرضيعة تعتمد اعتمادًا كليًا على أمها في إطعامها لمدة ثلاث سنوات قضت منها تسعة شهور في رحمها تمتص كل ما تحتاج إليه من عناصر غذائية من دم أمها.
وفي الظروف الطبيعية تعتمد الطفلة على لبن أمها اعتمادًا كليًا. وفي هذه الحالة يوجد في جسم الرضيعة عناصر غذائية خزنتها في الكبد أثناء المرحلة الجنينية مثل الحديد والنحاس والفيتامين (أ)، ولذا فإنه يتحتم إمداد المرضعات بكفايتهن من الاحتياجات الغذائية من المواد الروتينية والدهون والفيتامينات والعناصر المعدنية، مع إمداد الرضيعة بمصادر فيتامينات (أ، ج، د) والحديد بسبب انخفاض تركيزها إلى لبن الأم.
ومن ناحية ثانية فإن البدانة التي تظهر على الطفلة في نهاية مرحلة الطفولة قد يكون منشؤها تغذيتها في مرحلة الطفولة المبكرة. لذا من الأفضل اتخاذ الإجراءات الوقائية منذ الأسابيع الأولى من حياة الطفلة.
وبشكل عام يمكن إيجاز أهم الحاجات الغذائية للطفلة الرضيعة على الاحتياجات التالية:
الطاقة: تحتاج الرضيعة حديثة الولادة من 2 – 3 أمثال احتياجات الأنثى البالغة بالنسبة لوزن الجسم، فالطفلة تحتاج في السنة الأولى من عمرها بين 120– 125 سعر لكل كجم من وزنها. وقد وجد أن الطفلة شديدة البكاء تصل احتياجاتها السعرية إلى 120 سعر/كجم بينما تتراوح هذه الاحتياجات ما بين 70 –80 سعر/كجم فقط في حالة الطفلة الهادئة الأقل حركة.
وتعتمد الاحتياجات الطاقية للطفلة في عامها الأول على طريقة الرضاعة، وحالة الأم الغذائية أثناء الحمل، والحالة الصحية للطفلة الوليدة، بيد أن من أكثر العوامل تأثيرًا على حالتها الغذائية واحتياجاتها من الطاقة هي طريقة إرضاعها طبيعيًا أو صناعيًا.
وعادة ما تتمتع الطفلة التي ترضع طبيعيًا بحالة غذائية ممتازة واحتياجات طاقية كافية خلال النصف الأول من عامها الأول نتيجة حصولها على كفايتها من البروتين والسعرات والفيتامينات عن طريق لبن الأم مما يحقق لها معدلات جيدة للنمو .
أما الطفلة التي تتغذى على اللبن الصناعي فعادة ما تحصل على غذاء ناقص مخفف مما يؤدي عادة إلى إصابتها بأمراض نقص البروتين والسعرات إلى جانب بعض الأمراض المعدية كالإسهال.
وفي المقابل فإن اعتماد الطفلة الرضيعة على اللبن فقط في غذائها يؤدي إلى نقص بعض الفيتامينات مثل فيتـامين (ج)، كذلك فإن الاعتماد على اللبن منزوع الدسم يؤدي إلى نقص فيتـامين (أ). وتتأثر نسبة السعرات الكلية للطفلة في عامها الأول بمراحل العمر عند التغذية على الأغذية غير اللبنية.
البروتيـن: تحتاج الرضيعة إلى البروتين للنمو السريع لأن وزنها يتضاعف في نهاية العام الأول من عمرها، وتبلغ نسبة النتروجين في جسمها عند الميلاد نحو 2% بينما تصل هذه النسبة في البنت البالغة إلى أكثر من 3%، ويكفي لبن الأم لسد حاجة الرضيعة من البروتينات بما يتراوح بين 1.5–2.5 جرام بروتين/كجم من وزن جسمها خلال الستة شهور الأولى من العمر، ثم تقل سريعًا إلى 1 جرام بروتين/كجم من وزن جسمها في السنة الثانية من عمرها، ثم تقل تدريجيًا حتى مرحلة البلوغ.
وينصح بأن يمثل نحو 15% من السعرات الكلية اليومية على أن يكون البروتين عالي القيمة الغذائية والحيوية، أما في حالة التغذية الصناعية فتحتاج الطفلة إلى 2.5–3.5 جرام بروتين/كجم من سن شهرين إلى ستة شهور، 2-3 جرام بروتين/كجم من سن سبعة شهور إلى عام.
ومن هنا، فعند إعداد وجبات الطفلة الرضيعة يوضع في الاعتبار ضرورة احتواء الوجبات على 3.5 جرام بروتين كجم من وزن جسمها/يوم، وأحيانًا أعلى من ذلك، وقد تزداد الاحتياجات اليومية من البروتين إلى 4-6 جرامات بروتين/كجم من وزن الجسم/يوم، بالنسبة للطفلة ناقصة النضج .
· الدهن: تحتاج الرضيعة كميات ضئيلة من الدهون، وينبغي ألا تقل نسبة الدهن في أغذية الرضع عن 3.30 جم/100 سعر وألا تزيد عن 6 جم/100 سعر من السعرات الكلية المسحوق الأغذية طبقًا للمواصفات القياسية الدولية لأغذية الأطفال، وتفي التغذية الطبيعية على لبن الأم بهذه الاحتياجات وكذلك التغذية الصناعية.
· ولا يحسن الإكثار من الدهون فوق هذه المعدلات، وإذا تناولت الرضيعة كميات من الدهن أعلى من ذلك فإنها لن تتحملها بدرجة مناسبة. ويجب أن يتراوح الدهن ما بين 30 –55% في وجبة الرضيعة، وينصح أن تمد الدهون الرضيعة بنحو 35% من السعرات الكلية اليومية المطلوبة بحيث يكون 1% منها على الأقل من الأحماض الدهنية الضرورية. وقد يؤدي تناول الطفلة الرضيعة غذاء خاليًا من الدهن إلى خشونة الجلد وظهور الأكزيما .
الكربوهيدرات: تتوقف الكمية اللازمة من السكريات على الاحتياجات الطاقية للطفلة، لذلك لا ينصح بزيادة محتويات الوجبة الغذائية لها من الكربوهيدرات حتى لا تسبب إحساسها بالشبع المبكر قبل أن تسد حاجتها من العناصر الغذائية الوقائية الأساسية، وعادة ما تمد الكربوهيدرات الرضيعة بما تحتاجه من السعرات السهلة.
الماء: تتعرض الطفلة الرضيعة بدرجة أكبر من البنت البالغة لفقد الماء والسوائل عمومًا من جسمها سواء عن طريق القيء أو الإسهال، فضلاً عن الفاقد من الماء خلال الكلى والجلد في صورة بول وعرق بدرجة أكبر من البنت البالغة. لذلك فإن احتياجات الرضيعة للسوائل تكون بدرجة كبيرة. كما تظهر أعراض الجفاف بدرجة أكبر في الطفلة الرضيعة ولها أثار خطيرة ما لم تعالج فورًا .
وعادة يكفي إعطاء الطفلة 155 جرام ماء/كجم من وزن جسمها/يوم لسد احتياجاتها من الماء تحت ظروف درجات الحرارة العادية، وتزداد الحاجة إلى الماء بالنسبة للطفلة في الجو الحار.
الكالسيوم: يكفي الرضيعة من 500 – 800 مجم كالسيوم/يوم خلال العام الأول من عمرها، وذلك للوفاء باحتياجاتها من هذا العنصر للتكوين المعدني السليم للعظام والأسنان والتي تتطلب ما يعادل 80 جم كالسيوم/كجم من وزن جسمها في اليوم، وقد يحصل الرضع الذين يتغذون طبيعيًا على معدلات أقل، بينما الذين يتغذون صناعيًا على معدلات أكثر.
الفوسفور: يكفي الرضيعة من الفوسفور ما يعادل احتياجاتها من الكالسيوم، ومن غير المحتمل حدوث نقص هذا العنصر في الطفلة التي تتغذى طبيعيًا على لبن الأم بكميات كافية لتغطية احتياجاتها من العناصر الأخرى. لأن ما يوجد من الفوسفور في لبن الأم يكفيها.
الحديد: لا يكفي لبن الأم للوفاء باحتياجات الرضيعة من الحديد والتي تقدر بـ 5-7 مجم/يوم، فاللبن عموما مصدر فقير في الحديد، ويجب ألا تقل نسبة الحديد في أغذية الرضع النباتية عن 10 مجم/100 جم أو ما يعادل 15 مجم/100 سعر، وفي الظروف الطبيعية تولد الطفلة ولديها رصيد من الحديد يكفيها 3 شهور إن كان محتوى دم أمها من هذا العنصر كافيًا أثناء الحمل. ومع ذلك لابد من تدعيم هذا الرصيد خوفًا من حدوث نقص بعد بلوغ الطفلة سن الثلاثة شهور، ولذلك يلزم بعد ذلك استكمال تغذيتها بإضافة الحبوب المطبوخة أو صفار البيض أو الخضروات المصفاة أو اللحم المفروم، وإعطائها، قطرات من الملتيفارول Multivarol يوميًا لتدعيم رصيدها من الحديد وفيتامين (ج) .
الكبريت: تتراوح احتياجات الرضيعة من عنصر الكبريت ما بين 11 –12 مجم/100 سعر من الأغذية التي تتناولها في اليوم.
فيتاميـن (د): احتياجات الرضيعة من فيتامين (د) قد تصل إلى 400 وحدة دولية/يوم، ولهذا فإن جميع الألبان المجففة المعلبة تدعم بفيتامين (د)، وكذلك جميع أغذية الأطفال الأخرى غير اللبنية. ولإتمام نمو الجهاز العظمى والأسنان لابد من وجود فيتامين (د) جنبًا إلى جنب مع وجود الكالسيوم والفوسفور لكي تتم عملية نموهما بكفاءة عالية.
فيتاميـن (أ): تقدر المقررات اليومية للطفلة بما يعادل 500 وحدة دولية من فيتامين (أ) تحصل عليها إما عن طريق التغذية الطبيعية أو الصناعية، بيد أن الاحتياجات الكافية للطفلة الرضيعة من فيتامين (أ) تصل إلى 1500 وحدة دولية وهذه الكمية توجد في لبن الأم أو اللبن الصناعي. وعندما تبدأ الطفلة في تناول الخضراوات المورقة أو الصفراء المفرومة فإنها تحصل منها على كفايتها منه. ومن الأفضل تدعيم لبن الأم واللبن البقري بهذا الفيتامين خاصة في الشهور الستة الأولى من عمر الطفلة قبل أن تتعود الأغذية الصلبة التي تدخل في وجبتها.
فيتاميـن (ج): يحتوي لبن الأم على الكمية اللازمة من هذا الفيتامين (30 مجم/يوم) ومن الأفضل تدعيم اللبن الصناعي بفيتامين (ج) لاستكمال النقص الموجود فيهما منه عن طريق إضافة عصير برتقال إليه. وتبلغ الاحتياجات اليومية للطفلة الرضيعة من فيتامين (ج) نحو 30 مجم أو أكثر/يوم، وتزداد هذه الكمية في حالة الأطفال ناقصي النضج بحيث تصل إلى 70 مجم من فيتامين (ج)/يوم.
فيتامين (ب1): تبلغ الاحتياجات اليومية للطفلة بين 0.4-0.5 مجم/يوم. وكل من لبن الأم أو اللبن الصناعي يمدان الرضيعة باحتياجات أقل من هذا المستوى. وعادة ما يضاف إلى غذائها الأغذية النباتية المدعمة بهذا الفيتامين، وتبعًا لتوصيات لجنة دستور الأغذية الدولية يجب أن يعادل تركيز الثيامين 40 ميكرو جرام/100 سعر في الأغذية النباتية للأطفال .
فيتامين (ب2): تبلغ الاحتياجات اليومية للطفلة بين 0.5-0.8 مجم منه، وتكفي الكمية المعطاة من لبن الأم للوفاء بهذه الاحتياجات. وطبقًا لتوصيات لجنة دستور الأغذية الدولية فإن الأغذية النباتية للأطفال يجب أن تحتوى على 40 ميكروجرام ريبوفلافين/100 سعر.
أ. د. محمد كمال يوسف
أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية – عضو أكاديمية العلوم الأمريكية