الصحة والغذاء

لاعبو الكرة في الشوط الثاني.. تراخٍ بالصوت والصورة

قد يبدو للوهلة الأولى أن الصلة بين لاعبي كرة القدم وعدائي المسافات الطويلة أمر غريب، إلا إن هذه الصلة لا تبدو غريبة إذا نظرنا إلى ما يحدث أثناء مباراة حقيقية، فكرة القدم تحتاج من اللاعبين العدو بأقصى سرعة ممكنة وبذل مجهود عنيف وعلى نحو مفاجئ أحيانًا.

سباق الماراتون

ففي المباريات التقليدية، يعدو اللاعب بسرعة متوسطة مسافة إجمالها (10-11كم)، ويعدو بأقصى سرعة مسافة تتراوح بين (800-1200م)، ويزيد سرعته من (40-60) مرة، ويغير اتجاهه كل خمس ثوان تقريبًا.

وعلى الرغم من أن لاعب كرة القدم لا يقطع أثناء المباراة نفس مسافة سباق الماراتون التي تبلغ (42 كم)، إلا أنه يمكن بسهولة أن يودي ما يقوم به من عدو متغير السرعة إلى استنزاف مخزون الجليكوجين في عضلات ساقه.

وتشير الدراسات إلى أن اللاعب البارع يقضي ما يزيد عن ثلثي المباراة، وقد وصلت سرعة ضربات قلبه إلى 85% من الحد الأقصى لسرعة ضربات القلب.

  وفضلًا عن ذلك، تعتبر مدة المباراة فترة أكثر من كافية لاستنزاف أغلب مخزون الجليكوجين في عضلات الساق. وقد أثبتت أبحاث علمية ميدانية أن لاعبي كرة القدم يستنزفون أحيانًا 90% من مخزون الجليكوجين في العضلات أثناء مباراة واحدة، وهو سبب أكثر من كاف لزيادة الإرهاق والانخفاض الشديد في سرعة العدو.

لاعب شبه جائع

وقد لوحظ عدم إلمام بعض لاعبي كرة القدم بأهمية الكربوهيدرات في نظامهم الغذائي. حيث أظهرت دراسات متعددة أن عددًا كبيرًا من اللاعبين يتناولون (1200س. ح) في المتوسط من الكربوهيدرات يوميًا، وهو أقل بكثير من المعدل الأمثل للسعرات الحرارية والذي يتراوح بين (2400-3000 س.ح).

وبسبب ذلك، يبدأ بعض اللاعبين المباراة ومخزون الجليكوجين في عضلاته أقل من معدلاته الطبيعية، ثم لا يتبقى في عضلات اللاعب إلا مقدار بسيط من الكربوهيدرات مع بداية الشوط الثاني فيضعف أداؤه، وتنخفض سرعة عدو اللاعب بسبب انخفاض معدلات الجليكوجين أثناء الشوط الثاني مقارنة بالشوط الأول، وأحيانًا تنخفض السرعة إلى النصف. وتقل المسافة التي يقطعها اللاعب أثناء الشوط الثاني حوالي 25%. ومع استمرار اللعب، يمشى اللاعب أكثر مما يعدو مقارنة بزميله الذي لديه معدلات جليكوجين طبيعية.

تجربة الفريق البريطاني

هذا الأمر يدل على الفوائد البالغة التي يحققها تناول الكربوهيدرات أثناء المباراة. ففي دراسة أجريت على فريق بالدوري البريطاني تناول اللاعبون مشروبات رياضية تحتوي على الجلوكوز على مدار عشر مباريات، بينما تناولوا مشروبًا من الماء الملون المضاف إليه نكهة صناعية على مدار عشر مباريات أخرى.

وفي المباريات التي تناول فيها اللاعبون مشروب الجلوكوز انخفض عدد الأهداف التي سُجلت في مرمى الفريق وارتفع عدد الأهداف التي أحرزوها ارتفاعًا كبيرًا لاسيما في الشوط الثاني.

أما عندما تناولوا المشروب الآخر انخفض نشاط اللاعبين وانخفض عدد مرات لمسهم للكرة في آخر نصف ساعة من المباراة بنسبة 20-50%. وأثبتت الدراسة أن تناول محلول الجلوكوز قبل المباريات وفي فترت الاستراحة أدى إلى زيادة 30% في المسافة التي يقطعها اللاعب بسرعة عالية أثناء الشوط الثاني من المباريات.

استراتيجية مجربة

لكن مجرد تناول أحد المشروبات الرياضية بشكل عشوائي قبل المباريات وفي فترات الاستراحة ربما لا يكون ذا فائدة كبيرة، لأنه يتعين على اللاعبين التأكد من تناول ما يكفي من كربوهيدرات لإحداث اختلاف فعلي للعضلات.

وهناك استراتيجية جيدة تتمثل في أن يشرب اللاعبون قبل بدء المباراة بـ(10 – 15 دقيقة) مقدارًا من مشروبات الرياضيين لتزويد الجسم بحوالي 30 جم من الكربوهيدرات. وشرب مقدار مماثل في فترة الاستراحة، وذلك رغم احتمال اعتراض اللاعبين على هذا النمط لإحساسهم بامتلاء المعدة. لكن التجارب أثبتت أن هذه الاستراتيجيات تصبح تدريجيًا مريحة وتساعد في الحد من خطر استنزاف الكربوهيدرات.

التمرين عامل هام

ينبغي أن يتناول اللاعبون أيضًا وجبة خفيفة تحتوي على الأقل على (600 س.ح) من الكربوهيدرات قبل ساعتين من المباراة. ويمكن الحصول على هذه الكمية بتناول ثلاثة أصابع من الموز وأربع شرائح من الخبز.

كما ينبغي على اللاعبين «تخفيف تدريجي للحمل التدريبي» قبل أيام قليلة من المباريات، عن طريق تقليل مقدار التدريب وقوته بهدف تجنب استنزاف الكربوهيدرات، وأن يتناول اللاعبون يوميًا من9-10جم من الكربوهيدرات لكل 1كجم من وزن الجسم (16-18 س.ح) لكل رطل من وزن الجسم سواء في أيام التدريب الخفيف أو في جميع فترات التدريب المكثف. ويساعد تناول اللاعبين يوميًا لوجبات خفيفة غنية بالكربوهيدرات يتراوح عددها بين 2-4 وجبات مع الوجبات الثلاثة المعتادة في تنفيذ هذه الخطة بنجاح.

وبغض النظر عن ذلك، لا تعتبر الكربوهيدرات هي مثار الاهتمام الغذائي الوحيد بالنسبة للاعبي كرة القدم، حيث يعتبر شرب السوائل أيضًا عاملًا بالغ الأهمية. فقد أثبتت الدراسات أن لاعب كرة القدم يفقد عن طريق غدد العرق حوالي 2-5 لتر من السوائل في كل مباراة. ويمكن أن يؤدي فقدان لترين من السوائل إلى زيادة سرعة ضربات القلب وارتفاع درجة حرارة الجسم بنسبة 4-5%.

أثناء الوقت الضائع

ولحسن الحظ فإن تطبيق الخطة السابقة مع شرب جرعات من مشروبات الرياضيين أثناء الوقت الضائع نتيجة إصابة أحد اللاعبين يمكن أن يحد من تأثير الجفاف.

وعلى الرغم من ضرورة تناول الماء والكربوهيدرات معًا، ينبغي ألا يقلق اللاعبون إزاء تعويض الكتروليتات (الشوارد الكهربائية) المفقودة أثناء اللعب، حيث يعتبر العرق سائلًا مخففًا بالماء ويحتوي على تركيزات منخفضة من الكتروليتات، ويمكن أن يحصل أغلب اللاعبين على الكتروليتات ومنها الملح من خلال الأنظمة الغذائية العادية. إلا أن وجود الملح في مشروبات الرياضيين يمكن أن يحسن امتصاص الماء والجلوكوز.

وتتضمن أغلب المشروبات التي يتم بيعها التركيز الصحيح للصوديوم، وفي حالة قيام اللاعب بإعداد مشروبه الخاص ينبغي عليه مزج 1/3 معلقة ملح صغيرة مع خمس أو ست ملاعق سكر كبيرة في كل ربع جالون ماء.

وينبغي على جميع اللاعبين شرب مشروبات الرياضيين التي تحتوي على كمية مناسبة من الكربوهيدرات بقصد تعويض ما فقدوه من سوائل أثناء المباراة. وينبغي أيضًا تعويض الماء بعد القيام بتدريبات شاقة. ويحتاج لاعبو الكرة إلى تناول (500 س.ح) في فترة الساعتين بعد التدريب بقصد زيادة مخزون الجليكوجين إلى أقصى درجة ممكنة.  

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم