إنفلونزا متعددة الأشكال والمسميات غزت الجنس البشري، أشهرها ما تعلق منها ببطنه والتي أصابت الدجاج والخنازير، ومن قبلها أصاب البقر جنون ما في مكان ما من مخها، ويتوعدنا الحاسدون الحاقدون أن يأتي الدور على الأغنام والجمال، كوننا لم نكترث كثيرًا للثروة «الخنزيرية» التي أصيبت في مقتل، وكان كل هم البعض منا هو مخاوف من تأثر وجهته السياحية المقبلة.
بالنسبة لفصيلة الأغنام، فيبدو أن هناك معلومة قديمة راسخة في الذاكرة أن كلمة إنفلونزا مشتقة من اسم الداء الذي كان يصيب أنف العنز، ولا أعرف دقة المعلومة، لكنها تشير إلى أن الأغنام أخذت دورها مبكرا، أما الإخوة «البعارين» وأخواتهم الشقيقات، وأخواتهم من الرضاعة «النياق» فنسأل الله أن يحميها، وخلقها من عجائبه التي أمرنا في كتابه الكريم أن ننظر إليها متفكرين ومتدبرين.
ويبدو من كثرة التقارير التي رأينا أن الانسان هو دائمًا من «يحارش» الفيروسات، ويتلاعب بها، وأحيانًا هو من ينقلها، ولا نعرف إن كانت أهداف التلاعب عسكرية وسياسية، أو ربما اقتصادية، فلا ننسى أن أوبئة كهذه ترفع أسهم شركات الأبحاث ومصانع الأدوية، والأهم أنها ترفع أسعار السلعة البديلة في عالم اللحوم، وجميعنا يتذكر أيام جنون البقر، وحمى الوادي المتصدع التي أصابت الأغنام، كيف قفزت أسعار الأسماك والدواجن، ومن يدري فربما يكون كل ما يحدث هو لعبة تبادل مواقع تجارية بين عمالقة إنتاج أو دول، وأن كل إنفلونزا أو جنون أو غيرها هي الرد على ضربة وجهها منتجو اللحوم لمنتجي الدواجن، أو مربو الخنازير لمربي الأبقار، ونظرية المؤامرة تظل جزءًا من ثقافتنا العربية، فحتى لو رأينا الفيروس رأي العين وهو الذي لا يرى بالعين المجردة فسنعتبر أن أمرا ما يحاك ضدنا، وأن ما تتعرض له البشرية ليس إلا تورية إعلامية بحكم تحكم الغرب في الآلة الإعلامية.
وينبغي للتأكد أن توضع الفيروسات التي أصابت الحيوانات في العقد الماضي تحت المجهر، على أن يكون مجهرًا مصنوعًا في العالم العربي، حتى نضمن عدم وجود أي نوع من المؤامرة العلمية أو الغش في عدسات الجهاز مثل ذلك الغش الذي صدره لنا «الخواجات» على هيئة عدسات لاصقة ملونة ورطت العديد من شبابنا في زيجات بنيت على عشق ابتلي به الزوج من نظرة عين زرقاء أو خضراء وهي في الأساس «عسلية».
وعودًا على بدء، فإن العبث الإنساني بمكونات الغذاء، وبمصادره من الحيوان والنبات سيفضي إلى مزيد من الفوضى الجينية، التي ستؤدي بدورها إلى وباء أو خبث جديد يسود العالم كل مرة دون أن يخبرونا فنستفيد على الأقل بتوجيه مضاربين السوق لدينا إلى أسهم شركات الأدوية أو الغذاء العالمية تبعًا للحالة، أو تبعًا لنغمة العطسة التي ربما ستتغير عن النغمة الشهيرة «أتشووووو».
محمد اليامي
المقال نشر في مجلة عالم الغذاء عام 2008م