يعد الخل من التوابل التي قلما يخلو منها مطبخ شرقي أو غربي؛ فهو يضفي مذاقًا لذيذًا على كثير من المأكولات، ويقدم خدمات صحية جليلة لبني البشر.
وهناك أنواع كثيرة من الخل تختلف حسب المادة الخام المصنع منها؛ حيث يصنع من تخمر الأغذية التي تحتوي على نسبة من السكريات لا تقل عن 9٪.
ويمكن صناعة الخل من قصب السكر وبنجر السكر والقمح والشعير والذرة وعسل النحل ودرنات البطاطا والبطيخ وفواكه التفاح والعنب والتوت والبرتقال، لكن خل التفاح وخل قصب السكر هما أكثر الأنواع شهرة وانتشارًا في أسواقنا.
وتعتمد صناعة الخل على نوعين من التخمر: تخمر كحولي بفعل الخمائر، وتخمر بكتيري وذلك بتعريض السائل الناتج عن التخمر الكحولي للأكسدة بفعل البكتيريا، ويكون الناتج هو حامض الخليك، وهو المكون الرئيس في الخل.
أسرار خل التفاح
وسنقتصر في حديثنا هنا على خل التفاح الذي جاء ذكره في السنة النبوية؛ حيث روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (نعم الإدام الخل).
ويعد خل التفاح أفضل أنواع الخل على الإطلاق لما يتميز به من فوائد صحية عديدة بالإضافة لفوائده الجمالية.
وتمر عملية صناعة هذا النوع من الخل بمراحل عديدة؛ حيث يتم تقطيع التفاح ويترك لمدة تتراوح بين يومين وثلاثة أيام لتسهيل عملية خروج العصير، وقد يضاف إلى التفاح المجزأ إنزيم بكتينول بمعدل جرام واحد أو اثنين لكل كيلوجرام فاكهة وذلك لتحليل البكتين. ويؤخذ العصير الناتج ويتم تعقيمه وتبريده ثم يضاف إليه البادئ (المزرعة النقية من الخميرة) ويحدث التخمر خلال فترة تتراوح بين يومين و4 أيام على درجة حرارة 80 فهرنهيت. ولتحسين عملة التخمر، يتم إضافة نسبة من ثاني أكسيد الكبريت قبل إضافة البادئ بساعتين؛ لأنه يثبط جميع أنواع البكتيريا المخمرة ما عدا الخميرة المرغوبة.
وبعد انتهاء التخمر بنحو 5 أيام مع المحافظة على درجة الحرارة، يحدث ترسب للخميرة ويتم سحب السائل بإضافة كمية خل تقدر بنحو 15٪ من الحجم.
بعد ذلك، يتم تعتيق الخل وذلك بتخزينه لمدة ستة أشهر ثم تجرى له عملية بسترة، ويمكن الاستغناء عن البسترة بإضافة نسبة من ثاني أكسيد الكبريت. ويعد الترويق أخر مراحل صناعة الخل وتهدف إلى تحسين مظهر الخل وذلك بإضافة مواد ترويق مثل الجلاتين والكازين أو عمل ترشيح للخل تحت ضغط.
طبيعي وصناعي
ورغم اعتماد الطريقة السابقة في صناعة خل التفاح الطبيعي، إلا أن هناك طرقًا أخرى لصناعته كيميائيًا.
إن أغلب خل التفاح الموجود في الأسواق محضر بطريقة كيميائية من خلال حامض الخليك الكيميائي، ومن المعروف أن خل الحمض الكيميائي لا يستخدم في التداوي كما ذكر في السنة. وللتوضيح نشير إلى وجود عدة أنواع من خل التفاح في السوق:
– طبيعي: ناتج من التفاحة الكاملة «عصير تفاح طازج»، ويعتبر أغلى نوع في السوق.
– مقطر: ناتج من عملية تقطير وتكون فيه الإنزيمات الفعالة محطمة بفعل التقطير وبالتالي يفقد أهم المعادن القوية التي تعطي الفائدة للجسم، ويعتبر سعره متوسطًا وأقل سعرًا من النوع الأول.
– صناعي مركب: يعتبر مركب بإضافة وخلط حامض الخليك والماء ومنكهات. وهذا النوع يعد الأقل سعرًا وهو غير مفيد وضار للغشاء المعدي.
فوائد صحية وغذائية
ويحتوي خل التفاح على طائفة كبيرة من المعادن تشمل البوتاسيوم والحديد والفوسفور والكبريت والنحاس والمغنسيوم، وهو غني بالإنزيمات المفيدة وكثير من المواد المضادة للأكسدة ومادة البكتين الزاخرة بالألياف التي تنظم عملية الهضم وتساعد على التخلص من الفضلات.
وتجعل هذه المكونات خل التفاح ذا أهمية لخلايا الجسم لتحقيق التوازن داخلها وخارجها لمواجهة الأمراض.
وقد أثبتت الدراسات فوائد عديدة لخل التفاح الطبيعي؛ فهو معقم ومطهر وخافض للحرارة ومضاد الفطريات للخراج ويساعد في التئام الجروح ويزيل الرؤوس السوداء والشوائب من الوجه، ويعالج الموجودة بالقدم وذلك بغمس القدم في الخل.
ووجدت دراسة نشرت في مجلة رعاية السكري Diabetes Care أن تناول مرضى السكري النوع الثاني، مقدار ملعقتين كبيرتين من خل التفاح في كأس من الماء بعد تناول وجبة غنية بالنشويات ساهم في إبطاء ارتفاع سكر الدم لديهم.
ويفيد خل التفاح في التخلص من قشرة الرأس ويقاوم زيادة إفراز الدهون بالشعر وذلك بعمل خليط مكون من الملح والخل ويستخدم كغسول للشعر. ويوصى المصابون بالدوالي بعمل كمادات مبللة بخل التفاح على المناطق المصابة مرتين يوميًا. ويرفع الخل معدلات البوتاسيوم في الجسم، ما يؤدي إلى علاج الشد العضلي وذلك بأخذ ملعقة واحدة صغيرة.
كما يفيد الخل في خفض دهون الدم، لذلك ينصح بإضافته بصفة منتظمة على مكونات الطعام مثل السلطة الخضراء.
ويفيد في حالات الأرق، وذلك بتناول مزيج من نصف ملعقة صغيرة من خل التفاح مع ملعقتين صغيرتين من العسل ونصف كوب ماء دافئ، بعد حوالي ساعة ونصف من تناول الطعام.
ولعلاج السعال، يؤخذ مزيج مكون من ملعقة صغيرة من خل التفاح مع ملعقتين من العسل ويضاف له الجلسرين بمقدار ملعقتين ويمزج جيدًا، ثم يؤخذ على ثلاث جرعات يوميًا، وإذا كان السعال شديدًا يؤخذ ملعقة صغيرة كل ساعتين وفي حالة نوبات السعال يؤخذ مرة أو مرتين في الليل.
استخدامات منزلية
وللخل استخدامات منزلية عديدة منها ما يلي:
– مادة حافظة؛ لأنه عالي الحموضة.
– نقع الخضروات في محلول خل يجعلها طازجة ويعمل على قتل الميكروبات.
– إضافة ملعقة إلى الأرز يجعله أكثر بياضًا وأكبر انتفاخا.
– غسل اللحوم والدواجن بالخل يعمل على تفكيك الدهون والتخلص منها.
– يستعمل كتابل لكثير من الوصفات الغذائية عوضًا عن الليمون والسماق وعصير الرمان.
– يدخل في صناعة اللحوم؛ لأنه يعمل على تفتيت الأنسجة وطراوتها.
– يستعمل في صناعة المخللات وصلصة الطماطم والسمك المعلب والمستردة.
– إزالة بقع الصابون والكاتشب والكولا وكذلك صدأ الملابس وإزالة صدأ المسامير.
– حفظ الزهور بوضعها في محلول من 2 ملعقة كبيرة خل و3 ملاعق كبيرة سكر إلى كأس به ماء دافئ.
إعداد: م. جمال عبدالعظيم