«هل طول ابني مناسب يا دكتور؟».. مَنْ من الوالدين لم يطرح هذا السؤال، ولو مرة واحدة، على طبيب الأطفال؛ حيث أصبح قصر قامة الطفل ظاهرة تقلق كثيرًا من الأمهات والآباء في وقتنا الحالي.
عادة ما يترك قصر القامة آثارًا سلبية على الوالدين والطفل معًا؛ فإذا كان أحد الوالدين قصيرًا سيلقي كل واحد منهما اللوم على الآخر بأنه ورَّث طفله قصر قامته. أما الأطفال.. فلن يسلموا بدورهم من سخرية أقرانهم، وربما تقل حظوظهم في الزواج ممن يرغبن عند الكبر؛ حيث أصبحت فتاة اليوم تفضل الرجل الوسيم طويل القامة.
الوراثة وسوء التغذية
يُعتبر قصر القامة إحدى مشاكل قصور النمو التي يعانيها بعض الأطفال ويشخص ذلك طبيب الأطفال من خلال عمل فحوصات طبية ومقارنة قياسات الطفل الجسمية من طول ووزن بمخططات نمو الأطفال حسب العمر والجنس.
وهناك أسباب وعوامل عديدة تقف وراء قصر القامة لدى الأطفال منها: الوراثة وسوء التغذية وأمراض الجهاز الهضمي (اضطرابات التمثيل الغذائي وسوء امتصاص الغذاء) والتهابات الجهاز التنفسي المزمنة والأمراض العظمية والغضروفية والأمراض النفسية والأمراض العضوية المزمنة (القلب والكلى والدم والجهاز العصبي وغيرها). وقد يؤدي إلى قصر القامة، تناول أدوية تحتوي على هرمون الكورتيزون، وكذلك الاضطرابات الهرمونية مثل: نقص هرمون الغدة الدرقية ونقص هرمون النمو وزيادة إفراز الغدة الكظرية ونقص هرمون الأنسولين. فضلاً عن نقص وزن الطفل عند الولادة نتيجة حالة الأم الصحية أثناء الحمل.
أغذية مضادة للقصر
لعلاج أي مرض يجب معرفة السبب أولًا.
ونؤكد في هذا الصدد صعوبة التدخل الطبي حال كان السبب وراء قصر القامة وراثيًا. أما إذا كان السبب عضويًا، فيمكن علاجه حسب الحالة الصحية وذلك من خلال اتباع خطة علاجية يقررها الطبيب المعالج.
وثبت علميًا أن للغذاء دورًا هامًا في علاج قصر القامة لدى الأطفال نتيجة نقص بعض المغذيات أو لسوء التغذية عند الأطفال لذلك يجب الاهتمام بالمواد الغذائية اللازمة لنمو الطفل حتى ينمو بصحة جيدة بعيدة عن أي مضاعفات صحية.
وفي السطور التالية نسرد أهم العناصر الغذائية اللازمة لتطور نمو الطفل وخاصة النمو الطولي:
الكربوهيدرات والدهون:
عناصر هامة لإنتاج الطاقة.. وفي حال نقصها يتم سحب البروتين من الأنسجة والعضلات لإنتاج الطاقة ما يؤثر على صحة الطفل. كما يؤثر نقصها في هرمونات الغدة الدرقية التي لها دور هام في حدوث قصر القامة لدى الأطفال. ومن أهم مصادر الكربوهيدرات: الفواكه والخضراوات والنخالة والعسل والخبز والأرز.
البروتين:
عنصر مهم للنمو والتطور وله أهمية كبيرة في عمل هرمون النمو اللازم لنمو الطفل. ومن مصادرها اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والبيض والكبدة والأجبان والحليب والمكسرات والبقوليات والحبوب.
الكالسيوم وفيتامين د:
عنصران مهمان لنمو العظام وتقويتها، يرتبط معًا؛ حيث يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم في الجسم ونقصه يؤدي إلى حدوث ضعف في العظام ونقص في الطول.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بتناول 400 -500 ملليجرام من الكالسيوم يوميًا للأطفال ما بين عمر سنة و9 سنوات و600 -700 ملليجرام يوميًا للبالغين والبالغات ما بين عمر 10 و 15 عامًا و500-600 ملليجرام للرضع والمراهقين والمراهقات ما بين 16و19 سنة. أما الحوامل والمرضعات فقد حددت لهم الكمية المتناولة من الكالسيوم بحوالي 1000 إلى 1200 ملليجرام يوميًا.
ومن أهم مصادر الكالسيوم: الحليب ومشتقاته ثم سمك الساردين بالعظم والسلمون بالعظم والمحار والخضراوات الورقية خصوصًا السبانخ والراوند والفول السوداني وفول الصويا والبازلاء والفاصوليا.
وبالنسبة لفيتامين د، توصي منظمة الأغذية والزارعة العالمية بنحو 400 وحدة دولية من هذا الفيتامين للأطفال حتى عمر 6 سنوات و100 وحدة دولية للأطفال أكبر من 7 سنوات والمراهقين والبالغين و400 وحدة دولية للحوامل والمرضعات. وبشكل عام ينصح بالتعرض لأشعة الشمس فترة لا تقل عن نصف ساعة في اليوم؛ لأنها المصدر الرئيس لفيتامين د إضافة إلى تناول الحليب ومنتجاته وصفار البيض والسمك والكبد والمكملات الغذائية.
المغنيسيوم:
عنصر هام بجانب الكالسيوم لبناء وتقوية العظام وهو ينشط عمل فيتامين د ويلعب دورًا مهمًا في تصنيع البروتينات والأحماض النووية. ومن أهم مصادره: البقول والمكسرات والأطعمة البحرية وفول الصويا والخضراوات الشديدة الاخضرار.
الحديد:
عنصر أساسي لتكوين كريات الدم الحمراء التي تصنع من نخاع العظم كما يدخل في تركيب الهيموجلوبين الموجود في العضلات وهو مسؤول عن تنبيه العلميات الحية وتنشيطها داخل الجسم ونقصه يسبب فقر دم وضعف عام ووهن ونقص في المناعة مما يؤثر سلبًا في نمو الأطفال.
فيتامين أ:
عامل ضروري لنمو جسم الأطفال وله دور في تكوين الخلايا وخاصة خلايا العظام كما أن نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى نقص في المناعة وبالتالي إصابة الجسم بالأمراض مما يؤثر على النمو وخاصة النمو الطولي للطفل. ومن أهم مصادره: الجزر والطماطم والقرع والحليب ومشتقاته والكبد وصفار البيض.
اليود:
عنصر هام لإنتاج هرمون الغدة الدرقية «الثيروكسين» اللازم لعمليات النمو والاحتراق والاستقلاب داخل الجسم كما أن له دورًا هامًا في تنظيم العمليات الحيوية في الجسم. ومن مصادره الرئيسة: الملح المدعم باليود والمأكولات البحرية والبيض والحليب والنباتات المزروعة في تربة غنية باليود.
فيتامين هـ:
من مضادات الأكسدة التي لها دور هام في تقوية المناعة وحماية الجسم من الأمراض كما أنه عامل مهم في حماية هرمونات الغدة النخامية «هرمون النمو» ونقصها يؤدي إلى ألم وضعف العضلات وقصر القامة لدى الأطفال. ومن أهم مصادره: زيت كبد الحوت والزيوت النباتية والخضر الورقية والقمح والنخالة.