لا يتناول بعض الناس الحليب ذا المصدر الحيواني بانتظام وبالكمية الموصى بها؛ إما لأنهم نباتيون أو يعانون حساسية سكر اللاكتوز. والحل ببساطة يكمن في اللجوء إلى حليب الصويا، وهو مستخلص مائي من فول الصويا، قريب الشبه بالحليب الحيواني في شكله وتكوينه.
حقائق وفوائد
تشير الحقائق التاريخية إلى أن حليب الصويا أنتج لأول مرة في الصين في القرن الثاني قبل الميلاد، وكان يستهلك في شرق العالم بنفس كمية استهلاك الحليب الحيواني في الغرب.
ولحليب الصويا قيمة غذائية كبيرة، فهو يحوي مواد صلبة تتراوح نسبتها بين 8 و 10%، وتشمل ما يتراوح بين 3.4 و5% بروتين، 2% دهون، 2.9% كربوهيدرات، 0.5% رماد.
ووفقًا للأرقام السابقة، نجد أن نسبة البروتين في حليب الصويا، تفوق ما يحويه حليب الأم من بروتين وهو 1.4%.
ويحتوي حليب الصويا على كمية كبيرة من الحديد والدهون غير المشبعة، والنياسين. كما يتميز بخلوه من سكر اللاكتوز الذي يسبب حساسية وانتفاخًا عند بعض الأشخاص. ويعتبر أرخص من حليب الماشية، ويمكن تحضيره في أي وقت بخلاف حليب الماشية الذي يستلزم حلبه أوقاتًا معينة، ثم سرعة تجهيزه للمحافظة عليه من الفساد.
ويتشابة لبن الصويا مع حليب الماشية في احتوائه على الدهن، الذي يتكون من أحماض دهنية عديدة غير مشبعة تمثل 54% من مجموع الدهون، إضافة إلى أحماض أحادية غير مشبعة تمثل 23%، والباقي عبارة عن أحماض مشبعة لا تسبب زيادة نسبة كولسترول الدم، بعكس دهون حليب الماشية التي تتكون أساسًا من الدهون المشبعة.
ويتميز حليب الصويا عن حليب الأبقار بأنه يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية الثمانية الضرورية لجسم الإنسان لصنع البروتين.
ولفول الصويا فوائد صحية عديدة، فقد أفادت دراسة حديثة نشرتها مجلة التغذية أن تناول حليب الصويا بانتظام، يساعد في تخفيض ضغط الدم عند المصابين بارتفاع الضغط الشرياني. ووجد الباحثون بعد متابعة 40 شخصًا مصابين بارتفاع متوسط في ضغط الدم، وتناولوا لترًا واحدًا يوميًا من حليب الصويا أو من حليب الأبقار العادي لمدة ثلاثة أشهر، أن الأشخاص الذين استهلكوا حليب الصويا، شهدوا انخفاضات كبيرة في قراءات ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، مقارنة بالذين شربوا حليب الأبقار.
كما أشارت دراسة دنماركية إلى أن تناول مقدار يومي من حليب مستخلص من فول الصويا يفيد في تخفيض فقدان كثافة الكالسيوم في العظام الشائع بين النساء بعد انقطاع الطمث.
وكشفت دراسة نشرتها مجلة نيوانجلاند الطبية أن تناول حليب الصويا يخفض البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة (الكولسيترول الضار) بحوالي 13%. وأوضحت أن تناول حليب الصويا مرة أسبوعيًا على الأقل، يؤدي إلى تفادي خطر الإصابة بسرطان القولون، وسرطان غدة البروستاتا بنسبة 50%، فضلاً عن أنه يحمي من سرطان الثدي، وسرطان بطانة الرحم.
تصنيعه منزليًا
يمكن تحضير فول الصويا في المنزل بأبسط الطرق، ولتحضير 2.5 ليتر من حليب الصويا، نحتاج إلى المقادير التالية:
– 500 جم حبوب فول صويا.
-5 ليترات مـــاء.
– 1.5 ملعقة صغيرة بيكربونات الصوديوم.
طريقة التحضير:
– يراعى اختيار صنف فول الصويا المناسب؛ بحيث تكون الحبوب كبيرة الحجم، وفاتحة اللون. كما يراعى نظافة الفول مما يحويه من مواد غير مرغوبة، قبل تحضير الحليب منه.
– يوضع 2.5 ليتر ماء في قدر، ويترك حتى الغليان، وتضاف ملعقة صغيرة من بيكربونات الصوديوم، وهي تعمل على تطرية الحبوب، وتقصير مدة السلق وتساعد على تخفيض مثبطات التربسين التي تعمل على تقليل استفادة الجسم من مادة البروتين.
– تضاف حبوب الصويا على دفعات، ويترك القدر على النار مدة 5 دقائق.
– يصفى الماء، وتغسل الحبوب في ماء ساخن جدًا؛ حتى يتم التخلص من القشور والأغلفة الخارجية التي تمثل نسبة تصل إلى 9% على أساس الوزن الجاف، وتتكون في أغلبها من مادة سليولوزية، فضلاً عن نسبة 9% من البروتين.
– يُعاد سلق الحبوب؛ بحيث يغلى 2.5 ليتر ماء، وتضاف نصف ملعقة صغيرة من بيكربونات الصوديوم، ثم تضاف حبوب الصويا على دفعات حتى تنتهي الكمية، وتترك على النار مدة 5 دقائق. وتعتبر عملية سلق الحبوب مهمة لسببين هما: تطرية الحبوب، وزيادة نسبة الماء فيهما، مع إيقاف نشاط الإنزيمات مثل إنزيم الليبوإكسجنيز المسؤول عن الرائحة البقلية، إلى جانب خفض مثبطات التربسين، وتخفيف الحمل الميكروبي، وخفض نسبة السكريات الاوليجو الذائبة مثل الرافينوز والإستاكيوز التي تسبب الغازات.
– يصفى الماء، وتغسل الحبوب جيدًا بماء ساخن مرة أخرى.
– يطحن فول الصويا مع الماء الساخن في الخلاط الكهربائي؛ بحيث تصل نسبة الماء إلى 5 أضعاف وزن الحبوب.
– يُصفى السائل المتحصل عليه بقطعة من الشاش. فنحصل على مادة صلبة في الشاش وهي مادة غنية بالألياف والبروتين، ويمكن إدخالها في إعداد مأكولات شهية.
– يؤخذ السائل، ويتم تسخينه ببطء على درجة 100ْم، ويترك على النار مدة 20 دقيقة مع التقليب المستمر حتى يتجانس. والغرض من هذه العملية هو إيقاف نشاط مثبطات التربسين إضافة إلى إيقاف نشاط الإنزيمات، وإتلاف الميكروبات وتحسين نكهة لبن الصويا وتعتبر هذه العملية مثل البسترة.
– يمكن إضافة نكهة الفانيليا، أو الشيكولاته أو الموز حسب الرغبة.
– يُعبأ الحليب في زجاجة، ويوضع في الثلاجة طوال فترة الاستخدام. ويجب مراعاة أن حليب الصويا يعد بيئة مناسبة لنمو الميكروبات؛ لذا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة في عمليات التسخين والتبريد لإيقاف نشاط الميكروبات.