عندما يتقدم العمر بالإنسان ويصل إلى مرحلة الشيخوخة، تنخفض الكفاءة الوظيفية لمعظم أعضاء جسمه، حيث يضعف القلب ويقل عمل الكليتين والكبد، وتنخفض كفاءة المخ. وفي مرحلة الشيخوخة كذلك، ينسى الإنسان أشياء كان يتذكرها بسهولة أيام الشباب، ويضعف السمع والبصر والاستجابات الحسية، كما تضطرب وظائف الأعضاء التي يسيطر عليها المخ مثل العضلات، وتتأثر أجهزة المناعة بالجسم تأثرًا سلبيًا بالشيخوخة وتنخفض مقاومة الإنسان للأمراض والصدمات البدنية.
تغييرات وظيفية
وهناك العديد من التغيرات الوظيفية للجسم في مرحلة الشيخوخة أهمها:
– القلب والأوعية الدموية: تدل الدراسات على أن قدرة القلب على ضخ الدم تنخفض بمقدار 1% سنويًا بعد سن البلوغ، وتقل هذه القدرة بدرجة ملحوظة في سن الشيخوخة وتضعف عضلة القلب ويصغر حجمه، ويؤدي ذلك إلى انخفاض نتاج القلب من الدم.
– الجهاز التنفسي: تنخفض كفاءة الجهاز التنفسي بتقدم السن، وتحدث تغيرات في أنسجة الرئة والشعيرات الدموية المنتشرة بها، فحينما يصل الإنسان إلى مرحلة الشيخوخة يقل حجم الأنسجة المسؤولة عن مرونة الرئة، وبذلك يقل مستوى كفاءة الرئة في التنفس، وتقل أيضا فرصة وصول الأكسجين إلى الدم.
– العضلات والمفاصل: تحدث في سن الشيخوخة تغيرات ملموسة في العضلات وفي إنتاج الطاقة الحرارية بها، حيث تضمر العضلات وتترهل ويقل توليد الحرارة بها، ويحدث هذا بسبب قلة الحركة ونقص العناصر الغذائية التي تحتاجها العضلات.
– العظام: تتأثر صلابة العظام وحجمها بتقدم السن، وتقل نسبة العناصر اللازمة لصلابتها، وأهمها عناصر الكالسيوم، كما يزداد عدد الخلايا الآكلة للعظام، وهذا يؤدي إلى ترققها بحيث يصبح الفرد عرضة الكسور العظام والعمود الفقري.
– الكبد: يؤدي الكبد وظائف مهمة للجسم حيث يتم فيه التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والعناصر الغذائية الأخرى وتقوم أنسجة الكبد بتحويل المواد الكيميائية الضارة إلى مواد خاملة أو أقل ضررا. كما يؤدي وظيفة دماغية ضد الميكروبات والأجسام الغريبة. وعندما يقل مستوى كفاءة الكبد في مرحلة الشيخوخة يصغر حجمه وتنخفض مقدرته الدفاعية ضد الميكروبات والمواد الضارة.
– الكلية: تقوم الكلية بإخراج المواد الضارة الناتجة عن عملية التمثيل الغذائي، والمواد الغذائية والمواد الكيميائية الدخيلة على الجسم كما تقوم الكلية بإخراج العناصر الزائدة عن حاجة الجسم عن طريق البول وعندما يقل مستوى الكفاءة الوظيفية للكلية، تنخفض قدرتها على تخليص الجسم من المواد الضارة، وينجم عن ذلك حدوث اضطرابات وظيفية وأمراض عضوية.
عوامل تعجل من الشيخوخة
الشيخوخة هي تغير في وظائف وكيمياء الجسم، وتتدني كفاءة أعضاء الجسم مع حدوث تغييرات كيميائية وعضوية ملموسة، وتنعكس هذه التغييرات على مظهر الوجه والجسم عامة، فتكثر تجاعيد الجلد، كما يقل سمك الطبقة الدهنية تحت الجلد وتضمر العضلات وترق العظام، وتنخفض الكفاءة الوظيفية للقلب والرئة والكبد والكلية والغدد، وتتدنى مقاومة الجسم للأمراض.
وقد تترك العوامل البيئية أثرها في الإنسان وتعجل في حدوث الشيخوخة، وبخاصة إذا كانت من العوامل المدمرة لصحة الإنسان مثل التدخين وتناول الخمور والمخدرات والمنشطات، بالإضافة إلى سوء التغذية وإهمال الرياضة البدنية.
أما العوامل النفسية، فلها أثر كبير في حدوث متاعب الشيخوخة وقد تنجم الاضطرابات النفسية عن عوامل اجتماعية مثل حياة العزلة وفقدان الأقارب والأصدقاء والتقاعد وعدم ممارسة الهوايات والأنشطة الاجتماعية.
ولقد أثبتت الدراسات التي أجريت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية على مدى عشرين عامًا أن الناس المعزولين اجتماعيًا أكثر تعرضًا للإصابة بالأمراض من هؤلاء الذين يعيشون بين أسرهم وأصدقائهم، فالضيق النفسي يؤدي إلى إفراز بعض الهرمونات والمواد الكيميائية التي تؤثر تأثيرا سلبًا في القلب وضغط الدم والأعصاب ومراكز المخ، كما يسبب الضيق النفسي تدني مستوى المناعة الطبيعية ضد الأمراض.
تأخير الشيخوخة
في النصف الثاني من القرن العشرين أجريت آلاف الدراسات والبحوث للكشف عن أسباب الشيخوخة والعوامل التي تعجل بها، والعوامل التي تؤخرها وتطيل الشباب.
وبدراسة الأسباب التي تؤدي إلى الشيخوخة تبين أن أهمها هو تكوين المواد المؤكسدة، أو المواد الكيميائية النشطة، وهي مواد تتكون داخل جسم الإنسان.
وحينما يزداد تكوين المواد الكيميائية النشطة خلال مرحلة الشيخوخة، فإنها تسبب تدمير خلايا أعضاء الجسم، مما يترتب عليه الإصابة بأمراض الشيخوخة، وضعف جهاز المناعة.
ومن جهة أخرى، يعتبر إدمان الخمور والمخدرات وتدخين السجائر من أهم العوامل التي تعجل بالشيخوخة، حيث يترتب على الإدمان حدوث إصابات في المخ والأعصاب، وإصابة بالشيخوخة المبكرة في المخ، بالإضافة إلى أن الإدمان يؤدي إلى الإصابة بقائمة طويلة من الأمراض العضوية والميكروبية والفيروسية التي تعجل من الشيخوخة.
عالم من المسنين
تشير إحصائية إلى أن عدد المعمرين لأكثر من مئة عام قد بلغ نحو 73 ألف نسمة، وأنه من المتوقع أن يقترب هذا العدد من المليون خلال الخمسين سنة المقبلة.
وتدل الدراسات التي أجريت على هؤلاء المعمرين أنهم يمارسون الأنشطة الرياضية خلال سنوات أعمارهم وأنهم يتناولون الإفطار بانتظام، كما يتناولون بكثرة الفواكه والخضراوات الغنية بفيتامين (أ) والبيتاكاروتين، وخاصة الجزر. كما تشير هذه الدراسات إلى أن نسبة المدخنين والمفرطين في تناول الكحوليات تكاد تكون معدومة في هؤلاء المعمرين.
ويتوقع العلماء أنه في المستقبل القريب سوف يكون بالإمكان علاج العديد من الأمراض بالجينات، وأنه خلال ثلاثين عامًا سوف ينتهي الباحثون من إعداد قوارير العلاج الجيني لجميع الأمراض وللشيخوخة وأمراضها.