الالتهاب هو استجابة الجسم الطبيعية لوجود مادة ضارة أو مؤذية، مثل العدوى أو الإصابة. ويعمل على حماية الجسم من خلال تحفيز جهاز المناعة لإزالة المادة الضارة وإصلاح الأنسجة التالفة.
آلية الالتهاب
عندما يتعرض الجسم لمادة ضارة، يقوم جهاز المناعة بتنشيط خلايا الدم البيضاء، مثل الكريات البيضاء والخلايا البلعمية. تفرز هذه الخلايا مواد كيميائية تسمى السيتوكينات، والتي تحفز مجموعة متنوعة من الاستجابات الالتهابية، بما في ذلك:
- زيادة تدفق الدم إلى المنطقة المصابة، مما يؤدي إلى احمرار وتورم.
- زيادة قدرة الجسم على امتصاص المواد الغذائية والعناصر الغذائية، مما يساعد على إصلاح الأنسجة التالفة.
- موت الخلايا الميتة أو التالفة، مما يمنع انتشار العدوى.
الالتهاب والحرمان من النوم
يرتبط الحرمان من النوم بزيادة علامات الالتهاب في الجسم، بما في ذلك:
- زيادة مستويات السيتوكينات، وهي مواد كيميائية تلعب دورًا في الاستجابة الالتهابية.
- زيادة مستويات الإنترلوكين 6، وهو سيتوكين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
- زيادة مستويات البروتين التفاعلي C، وهو بروتين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
تشير هذه الارتباطات إلى أن الحرمان من النوم قد يساهم في العملية الالتهابية في الجسم. يمكن أن يساعد الالتهاب المزمن في تفسير سبب تعرض الأشخاص الذين ينامون بشكل سيئ لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والسكري، من بين حالات مزمنة أخرى.
كيف تساهم قلة النوم في الإصابة بالالتهاب؟
هناك نظريتان رئيسيتان حول كيفية مساهمة قلة النوم في الإصابة بالالتهاب:
النظرية الأولى تركز على الأوعية الدموية. أثناء النوم، ينخفض ضغط الدم وتسترخي الأوعية الدموية. هذا يسمح للدم بالتدفق بسلاسة أكبر وتحسين صحة الأوعية الدموية. عندما يكون النوم مقيدًا، لا ينخفض ضغط الدم كما ينبغي. هذا يمكن أن يؤدي إلى تحفيز الخلايا في جدران الأوعية الدموية التي تنشط الالتهاب.
النظرية الثانية تركز على نظام الاستجابة للضغط في الجسم. أثناء النوم، يفرز الجسم هرمونات تساعد على تنظيم الاستجابة للضغط. عندما يكون النوم مقيدًا، لا ينتج الجسم هذه الهرمونات بشكل صحيح. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة إطلاق الهرمونات التي تنشط الالتهاب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص النوم يتداخل مع الوظيفة الطبيعية لنظام التنظيف المنزلي في الدماغ، والذي يسمى الجهاز الجليمفاوي (يجب عدم الخلط بينه وبين الجهاز اللمفاوي في بقية الجسم). في أعمق مراحل النوم، يندفع السائل النخاعي عبر الدماغ، ويتخلص من بروتين بيتا أميلويد المرتبط بتلف خلايا الدماغ.
حلقة مفرغة من قلة النوم وتراكمات بيتا أميلويد
يلعب النوم دورًا مهمًا في إزالة النفايات من الدماغ، بما في ذلك بروتين بيتا أميلويد. عندما لا نحصل على قسط كافٍ من النوم، لا يمكن للدماغ إزالة النفايات بشكل فعال، مما يؤدي إلى تراكم بيتا أميلويد.
تراكم بيتا أميلويد مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الدماغ، مثل مرض الزهايمر. كما أنه يرتبط بضعف نوم الموجة البطيئة، وهي مرحلة من النوم العميق مهم للتعلم والذاكرة.
يمكن أن يتفاقم هذا الضعف بسبب تراكم بيتا أميلويد. هذا يؤدي إلى حلقة مفرغة حيث يؤدي قلة النوم إلى تراكم بيتا أميلويد، مما يؤدي إلى ضعف نوم الموجة البطيئة، مما يؤدي إلى مزيد من قلة النوم، وهكذا.
تأثير قلة النوم المتكررة على الدماغ
حتى ليلة واحدة من قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات بيتا أميلويد في الدماغ. ومع ذلك، فإن المشكلة لا تكمن في قلة النوم لمرة واحدة، والتي يمكن تعويضها. بل تكمن المشكلة في النمط التراكمي لفقدان النوم، والذي يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ.
يمكن أن يؤدي فقدان النوم المتكرر إلى انخفاض السلامة الهيكلية والحجم ووظيفة مناطق الدماغ، مثل المهاد والحصين. هذه المناطق مهمة للتعلم والذاكرة، وهي أيضًا عرضة للضرر خلال المراحل المبكرة من مرض الزهايمر.