الصحة والغذاء

كيف تطهو طعامك على أشعة الشمس؟

منذ القدم، استخدم الإنسان الطاقة الشمسية للطهي. فكان يسخن الخبز المجفف وبعض الجذور بوضعها على أحجار ساخنة بفعل الأشعة المباشرة في الصحراء.

الفرن الشمسي في أبسط أشكاله عبارة عن علبة – مختلفة الأحجام حسب الحاجة – مزودة بعاكسات من الألمونيوم. ويمكن صناعة الفرن من مواد رخيصة ومتوفرة في الطبيعة، أو شرائها مصنعة بأشكال متعددة تصلح لمختلف الاستعمالات.

وتستخدم مع الأفران قدور عميقة ذات ألوان غامقة أو سوداء، كما تستخدم قدور الألمنيوم التقليدية (لمحدودي الدخل) بعد طلي جدارها الخارجي بلون أسود ليساعد على امتصاص الأشعة الشمسية التي توفرها العاكسات، ومن ثمَّ توزعها على الطعام بشكل متساو.

هذه الأفران لا تتطلب من الطاهي المكوث بالقرب من الطعام أثناء الطهي لأنه لا يحتاج للتقليب، ولا يحترق الطعام الذي يطهى بها عادة على الرغم من أن الحرارة التي يصل إليها الطعام هي 300 فهرنهايت، اعتمادًا على قوة الأشعة الشمسية، وهي حرارة تتيح إنضاج الطعام بدون أن تنفذ إليه البكتيريا.

وتستخدم هذه الأفران في طهي كل الأطعمة تقريبًا، من لحوم وبقول وخضار وفواكه ومعجنات وخبز، كما تستخدم لتعقيم مياه الشرب.

وتمتاز الأفران المصنعة المنزلية بخفة حجمها وإمكانية فكها وتركيبها بسهولة، وهي رخيصة الثمن مقارنة بوسائل الطهي الأخرى، وتسهل الطهي للمعاقين جسديًا والمكفوفين والذين يصعب عليهم استخدام الأفران التقليدية، وتوفر الوقود التقليدي، وفي الليل يمكن استخدامها كثلاجات للحفاظ على سلامة الأطعمة.

الأفران حول العالم

تم بناء فرن شمسي ضخم في مدينة كاكيلو الكينية يكفي لصنع حوالي 100 رغيف خبز كل ساعة، كما تم استخدامه في تعقيم مياه الشرب. وهو ما يعتبر إنجازًا كبيرًا حيث يوفر الفرن حوالي 4 ساعات يوميًا كانت النساء في المنطقة يقضينها في جمع الأخشاب لاستخدامها في الطهي.

كما وفر الفرن الأموال التي كانت تدفع في شراء الفحم والأخشاب عندما لا تتوفر مجانًا لهؤلاء النسوة. بل إنه جعل المنازل خالية من الدخان الذي كان ينتشر فيها نتيجة استخدام الفحم والأخشاب للطهي وما ينتج عن ذلك من تعريض النساء والأطفال لمخاطر صحية مزمنة. فضلاً عن انخفاض عدد الحروق التي كانت تتعرض لها الأمهات وأطفالهن بفعل اللهب الذي ينطلق من الوقود التقليدي.

وهكذا نرى أن فوائد هذه الأفران لم تنحصر في طهي الأطعمة فقط، بل شمل جوانب اقتصادية واجتماعية وإنسانية أيضًا. حتى أن منظمة «المياه للصحة» في كينيا أعلنت أن تزايد عدد المستفيدين من نظام تعقيم المياه بواسطة الشمس أدى إلى انخفاض ملحوظ في تكاليف العلاج نتيجة تناول مياه غير صالحة للشرب، حيث يتم تعريض قوارير المياه لأشعة الشمس لمدة 6 ساعات يوميًا حتى تصبح صالحة للشرب، لكنها قد تحتاج ليومين من التعرض للشمس في الأيام الغائمة، ومع هذا فالمستفيدون صحيًا وماديًا من هذه الوسيلة في تزايد ملحوظ.

وفي الهند، لم يعد سكان قرى منطقة (أندره) يستخدمون الوقود التقليدي، وباتوا يعتمدون كلية على الأفران الشمسية. وقد اعتمد هؤلاء السكان طوال أكثر من 20 سنة على نظام يسمح بتحويل الفضلات الحيوانية والبشرية إلى سماد آمن. وبعد استخدام الأفران الشمسية تم توفير حوالي 72 طنًا من الحطب، و5832 كيلاً من الكيروسين سنويًا، مما قلل من إشعاعات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 100 طن عن السابق.

وتُعدُّ الأسر في تلك المنطقة كل أنواع الطعام بواسطة هذه الأفران وتبيع الفائض للقرى المجاورة.

وماذا عن مميزاتها؟

– صحة: عدم توفر الخدمات الصحية الأساسية في الدول الفقيرة أدى إلى وقوع العديد من المشاكل الصحية، مثل الأمراض المزمنة نتيجة لعدم توفر المياه الصالحة للشرب والتي ينتج عنها حالات إسهال شديدة، ومشاكل الجهاز التنفسي نتيجة استنشاق الأدخنة والأبخرة المتصاعدة من الطهي على الفحم والأخشاب. ويعتقد أن هذه المشاكل تعادل مشاكل من يدخن 20 علبة سجائر يوميًا!

أضف إلى ما سبق أمراض سوء التغذية والتسمم التي تنتج عن تناول أطعمة غير ناضجة تمامًا، ربما بهدف توفير تكاليف الوقود التقليدي أو عدم وجوده أصلاً، حيث يؤدي ارتفاع تكاليف الوقود إلى عدم توفير الأطعمة المناسبة للرضع والأطفال وهو ما يعرضهم لمشاكل صحية كبيرة.

– بيئة: في الدول التي تعاني من شح مصادر الطاقة يستخدم سكانها أخشاب الأشجار في الطهي مما يؤدي لزيادة التصحر وفقدان خصوبة الأرض وتآكل التربة العارية من الأشجار.

– اقتصاد: يعاني ملايين الفقراء في العالم من انخفاض الدخل وعدم ملكيتهم لأراض خاصة للسكن أو العمل. وفي بعض الدول يكلف الوقود المستخدم في الطهي أضعاف ما يكلفه شراء الطعام نفسه، وتعجز حكومات هذه الدول عن مساعدة شعوبها بسبب أسعار الفائدة العالية التي ترتبط بديونها الخارجية.

– تعليم: يحرم الناس في الدول الفقيرة من التعليم بسبب إلقاء مهام توفير الوقود اليومي عليهم – وخاصة النساء- اللاتي تتزايد بينهن نسبة الأمية وما يترتب عليها من مشاكل أخرى كإهمال العائلة وتجاهل مصادر توفير الغذاء.

وقد يبدو أن فكرة الأفران الشمسية مبالغ في النظر إليها كأحد الحلول لكل تلك المشاكل، إلا أنها تشكل – على تواضع قيمتها – حلاً لبعض مشاكل فئات مختلفة في العالم ومن ثمَّ لا ينبغي تجاهله.

مميزات أخرى:

– تجهز الطعام بدون الحاجة للحطب أو الغاز أو أي وقود آخر.

– تعقم المياه وتجعلها صالحة للشرب.

– توفر من قطع الأشجار المستخدمة كوقود.

– تجفيف الأغذية الفائضة كالفواكه والخضار.

– تحمي البيئة من التلوث الناتج عن الأدخنة.

– الاستفادة من طاقة الشمس المجانية.

– لا يحترق الطعام المطهو بهذه الطريقة ولا يحتاج لمراقبة الطاهي.

-تقضي على الحشرات التي قد توجد في الحبوب والبقول المجففة.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم