يقول شاعر بيشه, سعد بن جدلان:
ويوم إني خرجت أقفيت لأرض الله وسيع الجال
علـى بـرٍ هـواه يـداوي العلّـه ويبريهـا
أدوّر قصعة الجربوع والضـب الفتـي يختـال
والأرنب يا شفاة الروح ما أحلاهـا وطاريهـا
بـلا كهـرب ولا بيجـر ولا غـازٍ ولا نقّـال
قوانين الحضـاره لا تبـي شوفـي ولا أبيهـا
موجة من الأمطار عمت أكثر مناطق ومدن المملكة خصوصًا المنطقة الوسطى التي تعاني سوء الطقس معظم أيام السنة وفي فصل الصيف الملتهب على وجه التحديد, لذا تجد الناس مع المطر ينتشرون في الأرض تطعيسًا في الثمامة شمالًا وفي محافظة الخرج جنوبًا, وأكثر العائلات بمدينة الرياض تستغل إجازة الأسبوع للخروج إلى المدن والقرى القريبة من الرياض خصوصًا الوشم وتمير ورماح والرمحية والزلفي وبحيرتها المشهورة وروضة خريم وأجوائها الخيالية, فمع هذه الأجواء يتجه الناس إلى الرحلات البرية سواء شبابية أوعائلية, حتى أهل البحر «الشرقية» تجدهم ينصبون خيامهم في النعيرية وما جاور أبو حدرية, أما أهل الحجاز رحلاتهم في فصل الشتاء فتكون تهامية, لأنها دافئة وهناك يتلذذون بالحنيذ والمندي.
وهناك مواقع جميلة مررت بها في أنحاء متعددة من السعودية, للأسف أن أكثر السعوديين يجهلونها, وللأسف أيضًا أن نسبة عالية من المغتربين يعيشون بيننا سنوات طويلة لا يعرف بعضهم إلا حدود الحي الذي يقطنه بعكس الغربيين فهم مشغوفون بالاكتشاف ومعرفة محيطهم.
وللناس في رحلاتهم مذاهب, منها المضحك ومنها المبكي فهناك من يخرج لتغيير أجواء المدينة الكئيبة وضغوطها وزحامها ليجرب الحياة البرية البسيطة ويكتسب من هدوء البر راحة بال . فما أجمل الجلسة بجانب النار وما أطعم أبوفروة تأكله مع شاي جمر, وما ألذ الكبسة التي يخالطها الفقع (الكمأة), وهناك من يذهب للتضبيب (صيد الضبان) لطبخها وأكلها وغيرهم يجربعون (صيد الجرابيع), أما المتحضرون فرحلاتهم لا تخلو أيضًا من الغرائب والعجائب, أعرف صديقًا عزيزًا أثق به يعمل في مجال تموين الحفلات يقول لي ذات مرة أن ابن عائلة مشهورة من أغنياء الرياض طلب منه شاورما وهو في خيمته بالثمامة, فأتوا له بمعلم شاورما بكامل معداته وأدواته على ظهر شاحنة إلى الثمامة ليأكل الأخ شاورما, طبعًا كل شيء بحسابه.
ويقال ( للرحلات رجالها) بدونهم تنقلب الرحلات وبالاً على أصحابها, فقلة الخبرة عند البعض خصوصًا الشباب تجعلهم ينصبون خيامهم في بطون الأودية على سبيل المثال وهو ما فعله بنا أحد الزملاء في إحدى رحلاتنا.
وفي مجال الغذاء هناك طرق غير سليمة تزيد من حالات التسمم الغذائي في هذا الموسم خصوصًا طرق حفظ الأغذية وطرق التعامل مع الغذاء ونظافة الأدوات والمكان الذي تعد فيه الوجبات, ومن حالات التسمم التي أعرفها أن شباب في رحلة شواء برية كانوا يضعون الدجاج بعد الشواء داخل حافظة طعام (لحفظ حرارة الطعام) دون تهوية, إضافة إلى ملامسة أيدهم للدجاج غير المطهي بالدجاج المطهي ومع انخفاض الحرارة داخل الحافظة كان الوضع ملائمًا للنمو البكتيري السريع ما أدى بهم إلى تسمم غذائي نقلوا على أثره إلى المستشفى, كما أن هناك رحلات أشد مرارة من ذلك مثل شابين توفاهم الله عندما تناولا نوعًا من أنواع الفطر السام وهو ما ذكره لنا الدكتور أحمد سعد الحازمي عميد كلية علوم الأغذية والزراعة عندما كنت طالبًا في جامعة الملك سعود.