من منا غير معرض للإصابة بالمرض؟ الجميع بالطبع، لكن الأهم أننا لا نذهب إلى الطبيب إلا بعد أن تداهمنا أعراض المرض..
لا نعني بذلك الدعوة لكثرة مراجعة الأطباء- لكن القصد أن نسبة كبيرة من الناس لا تتحرك إلا بعد أن تصبح طريحة الفراش, بعدها تسأل عن أسباب المرض، وكيف حدث، ولماذا، وأسئلة أخرى كثيرة, وتنسى أن فترة ما قبل المرض وأنماط الحياة والسلوكيات هي أحد الأسباب الرئيسية للصحة أو المرض.
لهذه الأسباب، دق المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية أجراس الخطر بعد اكتشافهم أن أنماط الحياة الجيدة والسلوكيات الصحية آخذه في التلاشي والاختفاء, لتحل محلها أنماط غير صحية وسلوكيات تبعث على الإصابة بأمراض مختلفة, ونتيجة ذلك يوصي خبراء الصحة باتباع أنماط الحياة الصحية في الحفاظ على صحة الإنسان ووقايته من الأمراض.
وقبل أن نوضح لكم هذه الأنماط والسلوكيات الصحية, لابد من أن نصحح بعض المفاهيم الخاطئة عن الصحة والمرض, والتي أشار إليها د. محمد هيثم الخياط كبير مستشاري منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، موضحًا أنه يشاع في العالم تعريف الصحة على أنها الخلو من المرض, وهذا بالطبع تعريف سلبي كمن يعرف الموت بانتفاء الحياة.
لكن الصحة هي حالة من المعافاة الكاملة بدنيًا ونفسيًا واجتماعيًا لا مجرد انعدام المرض أو العجز, وللصحة بعدان: أولهما الميزان الصحي وهو المحافظة على التوازن البدني والنفسي والاجتماعي لأفراد أو مجموعة، والثاني الرصيد الصحي والمقصود به مقدرة الفرد أو المجموعة على الحفاظ علي التوازن الصحي ومنع اختلال الميزان الصحي واستعادة التوازن الصحي كلما اختل.
وتتحكم العادات الشخصية والأنماط السلوكية التي يداوم عليها الفرد في الحفاظ على هذا الرصيد والتوازن الصحي. ومن هنا يتضح أن سلوك الإنسان هو الذي يحدد مدى قربه من المرض أو بعده عنه, كما يلعب الدور الأساسي في إيجاد الظروف الملائمة لوجود المرض، ويعتبر أيضًا عاملًا من عوامل الخطر بالنسبة لعدد من الأمراض واسعة الانتشار.
وأكدت د. سوزان بصيري أن التغيرات التي استجدت في الثقافة والتكنولوجيا في بعض البلدان أدت إلى حدوث تغييرات سريعة في أنماط الحياة الشعبية, وهذه التغيرات أدت بدورهاإلى تزايد معدلات وقوع الأمراض غير السارية، وهي القلب والسكر والبدانة والسرطان.
وتوقعت أن يزداد عبء الأمراض المتصلة بالسلوكيات الخاطئة في المستقبل, فالتحضر والفقر على سبيل المثال يزيدان من وطأة عبء هذه الأمراض, وكلما كانت أنماط الحياة عملية متغيرة وغير مستقرة فهذا من شأنه أيضًا أن يؤذي الحياة الصحية لعدم اتباع أنماط صحية جيدة, أو الإصابة بالأمراض عند الإهمال في اتباع هذه الأنماط.
ويضاف إلى معدلات انتشار الأنماط غير الصحية المرتفعة, كل من سوء التغذية, وتعاطي التبغ والمسكرات وسائر المخدرات, والسلوك الجنسي المحفوف بالمخاطر والاضطرابات النفسية والعنف والإصابات, والمخاطر البيئة والخمول البدني. وجميع هذه العوامل تسهم في زيادة معدلات وقوع الأمراض غير السارية.
فعلى سبيل المثال نجد معدلات انتشار السكري تتراوح ما بين13% و15% بين البالغين الذين تزيد أعمارهم على أربعين سنة, وتتفشى السمنة وزياة نسبة الكوليسترول في الدم بمعدلات مفزعة, كما أصبحت الأمراض القلبية هي السبب الرئيسي لاعتلال الصحة والوفاة. ويعاني 26% من البالغين من ارتفاع ضغط الدم باعتباره عاملًا من عوامل الخطر الرئيسية المؤدية إلى أمراض القلب, ويعتبر التدخين أهم عامل من عوامل الإصابة بسرطان الرئة والأمراض القلبية. أما مرض السرطان فتزداد معدلات انتشاره بسبب أنماط الحياة المنافية للصحة.