علاج العقم.. هذا الملف الشائك الذي تعاني فيه بعض الأسر الأمرين، ورغم اختلاف ظروف كل أسرة عن غيرها، إلا أن التفاصيل تبدو فيه متشابهة وتمر السنوات بدون التوصل إلى حل.
يحدث هذا في ظل زيادة معدلات المعاناة من مشاكل العقم بشكل هائل على مدار العشرين سنة الماضية. إذ تشير بعض الإحصاءات إلى 25% على الأقل من المتزوجين يعانون من مشاكل الإخصاب، وفي الوقت نفسه تتزايد أعداد من يلجئون لأدوية العقم لمساعدتهم على الإنجاب.
فماذا يقدم لنا الطب والعلم من حلول:
نشير أولًا إلى أنه من وجهة النظر الطبية ترجع أسباب العقم إلى العوامل الآتية:
– كسل المبيض، ويتضمن متلازمة المبيض متعدد الكيسات (20% من حالات العقم).
– العيوب في قناة فالوب (15% من الحالات).
– الانتباذ الباطني الرحمي، أو الحمل خارج الرحم، (5% من الحالات).
– مشاكل العقم عند الرجال (26% من الحالات).
– أسباب غير مبررة (30% من الحالات).
لكن النسب السابقة لا تمثل إجمالي نسب الإصابة بالعقم، لأن الزوجين قد يعانيان من أكثر من مشكلة ينتج عنها عدم الحمل، مثل معاناة الزوجة من الانتباذ الباطني الرحمي ومعاناة الزوج من نقص عدد الحيوانات المنوية.
%80 نجاح
أثبت المنهج الطبيعي في معالجة العقم نجاحًا كبيرًا. ومن ذلك ما توصلت إليه دراسة أجرتها جامعة (شيري) أن مجموعة من الأزواج الذين سبق لهم الإصابة بالعقم حققوا نجاحًا بنسبة 80% بعد إدخال تغييرات على أسلوب حياتهم ونظامهم الغذائي وتناولهم للمكملات الغذائية. وتعتبر هذه الطريقة جديرة بالتفكير بالنظر إلى أن نسب نجاح الإخصاب المساعد تبلغ 20% تقريبًا.
وينبغي مراعاة أن البويضات تحتاج إلى 3 أشهر على الأقل حتى يكتمل نموها وتخرج من المبيض، كما تحتاج خلايا الحيوانات المنوية إلى 3 أشهر على الأقل حتى يكتمل نموها وتصبح جاهزة للقذف. ويعني هذا أنه عند محاولة تحسين معدلات الخصوبة يحتاج الزوج والزوجة لمدة 4 أشهر قبل حدوث الإخصاب. وتسمى هذه الفترة (رعاية ما قبل الإخصاب)، وهي على نفس درجة أهمية مرحلة الحمل وتحتاج نفس القدر من الرعاية.
لنجاح الحمل
ولنجاح الحمل، فإن اتباع نظام غذائي صحي من الأمور المسلم بها، وبالرغم من ذلك لا يدرك العديدون حقيقة أن النظام الغذائي يمكن أن يساعد في تعديل عدم توازن الهرمونات الذي قد يؤثر على قدرة المرأة على الحمل. وتشتهر أنواع معينة من الطعام والشراب بإضعافها للخصوبة.
وهناك أدلة تظهر أن الكافيين، ولا سيما القهوة تضعف الخصوبة، إذ إن شرب قدح قهوة واحد يوميًا يمكن أن يقلل احتمالات حدوث الحمل إلى النصف.
ولقد أظهرت إحدى الدراسات أن مشاكل الحيوانات المنوية ومنها مشاكل عدد الحيوانات والتشوهات والحركة تزيد مع زيادة عدد أقداح القهوة التي تُشرب يوميًا.
ويلزم الابتعاد عن الأغذية والمشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل ثلاثة أشهر على الأقل من محاولة الإخصاب. وتتضمن هذه المشروبات الكولا والكاكاو وأنواع الشاي الأسود والقهوة وغيرها.
إستروجين صناعي
ومن الأمور اللازم مراعاتها عند محاولة الإخصاب توازن الهرمونات، فمن الضروري تجنب أي شيء قد يخل بتوازن هرموناتك.
ويعتبر الإستروجين الصناعي أحد العوائق الأساسية أمام توازن الهرمونات. ويعد استخدام الإستروجين الطبيعي (النباتي) قبل فترة الإخصاب أحد أفضل طرق التخلص من أي كميات زائدة من الإستروجين الصناعي.
كما يرتبط التدخين ارتباطًا قاطعًا بالعقم لدى النساء، ويمكن أن يؤدي التدخين إلى التبكير بسن اليأس مما يمثل أهمية خاصة بالنسبة للسيدات المتقدمات في العمر الراغبات في الحمل. كما يؤدي إلى انخفاض عدد الحيوانات المنوية للرجل ويزيد من بطء حركتها وعدد الحيوانات المشوهة. وبالنسبة للرجل تزيد التأثيرات المسببة للعقم بزيادة عدد السجائر التي يدخنها.
المكملات الغذائية
للمكملات الغذائية آثار نافعة على خصوبة الرجال والنساء. فهي تحقق فاعلية كبيرة في إعادة توازن الهرمونات وتحسين الصحة العامة للزوجين التي تعتبر عاملًا حيويًا في نجاح الإخصاب.
ومما يزيد من أهمية المكملات أنه حتى بالنسبة لأفضل الأنظمة الغذائية لن يوفر كل العناصر الغذائية اللازمة للوصول إلى أفضل احتمالات الإخصاب.
والزنك ضروري حتى يستفيد جسم المرأة بفاعلية من هرموني الإستروجين والبروجستيرون، وهو على نفس درجة الأهمية بالنسبة للرجال، حيث يوجد بتركيزات عالية في الحيوانات المنوية.
ويحتاج الجسم إلى الزنك لتخليق الطبقة الخارجية للحيوان المنوي وذيله. ويؤدي تقليل حصة الزنك في النظام الغذائي للرجال أيضًا إلى انخفاض عدد الحيوانات المنوية.
وتساعد المكملات الآتية في زيادة عدد الحيوانات المنوية أو قدرتها على الحركة:
– حمض الأرجينين: ننصح بتناول أربعة جرامات يوميًا، فالحمض يلزم لإنتاج الحيوانات المنوية. وفي حالة انخفاض عدد الحيوانات عن 10 ملايين لكل ميلي متر فمن المحتمل أن الحمض لن يجدي نفعًا.
– تميم الإنزيم «Q10»: ننصح بتناول 10 ميلي جرام يوميًا فهو يزيد عدد الحيوانات وقدرتها على الحركة.
– زيت بذرة الكتان: ننصح بتناول ملعقة كبيرة يوميًا فهو مصدر الأحماض الدهنية الأساسية.
– حمض الكريتين: ننصح بتناول 3-4 جرامات يوميًا.
– الأقراص متعددة الفيتامينات والمعادن: ننصح بشراء نوع عالي الجودة.
– السيلينيوم: ننصح بتناول 200 ميلي جرام يوميًا فهو يحسن من قدرة الحيوانات على الحركة.
– فيتامين «ب12»: ننصح بتناول 1000 ميلي جرام يوميًا. ويحد نقص هذا الفيتامين من حركة الحيوانات وعددها.
الأحماض الأساسية
تؤثر تأثيرًا كبيرًا على جميع أجهزة الجسم بما في ذلك الجهاز التناسلي. ويعتبر تناول مكملات الأحماض الدهنية أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة للرجال لأن السائل المنوي غني بمادة (بروستاغلاندين) التي تنتجها تلك الأحماض.
وقد ثبت عدم كفاية معدلات هذه الأحماض النافعة في الرجال الذين يعانون من ضعف الحيوانات المنوية والحيوانات المشوهة وضعف حركة الحيوانات وانخفاض عددها.
حمض الفوليك:
من الضروري تناول كميات كبيرة منه قبل الحمل وفي أثنائه. وعلى الرغم من أهمية حمض الفوليك التي لا يرقى إليها الشك، فهو مجرد أحد أفراد عائلة فيتامينات «ب» المركبة بالغة الأهمية. إذ يعمل حمض الفوليك مع فيتامين «ب12» على ضمان سلامة الرموز الجينية لطفلك.
وقد ثبت علميًا أن فيتامين «ب 6» يزيد من خصوبة النساء اللآتي يعانين من العقم، في حين يزيد فيتامين «ب 12» عدد الحيوانات عند الرجال.
فيتامين «إي»:
أحد مضادات الأكسدة الفعالة، وقد ثبت زيادة خصوبة الرجال والنساء الذين يتناولونه، حيث تم منح الأزواج الراغبين في اللجوء إلى الإخصاب بأطفال الأنابيب فيتامين «إي»، وثبت زيادة نسبة الخصوبة من 19% إلى 29%. وبسبب ما للفيتامين من نشاط مضاد للأكسدة فقد يساعد على زيادة خصوبة الحيوانات المنوية.
فيتامين «سي»:
يُحسن من جودة الحيوانات المنوية ويحميها وما تحتويه من حمض نووي من التلف. وتشير بعض الأبحاث إلى أن أنواع معينة من تلف الحمض النووي الموجود في الحيوانات المنوية يزيد من صعوبة الإخصاب في المقام الأول أو يزيد احتمال الإجهاض حال حدوث الحمل.
ومن المجدي تناول فيتامين «سي» وغيره من مضادات الأكسدة من باب الاحتياط. ويبدو أنه يحول دون تكتل الحيوانات المنوية مما يزيد من قدرتها على الحركة. كما يحسن في احتمالات تبويض النساء اللآتي يتعاطين عقار كلوميفين لتنشيط المبيض عند تناولهن مكملات فيتامين «سي» مع العقار.
فيتامين «إيه»:
يتمتع بخصائص هامة مضادة للأكسدة، ويمكن أن تكون عواقب نقصه أثناء الحمل غاية في الخطورة. ويعتبر ضروريًا لعدة أمور منها سلامة العين.
ولا يكمن الخطر إلا عندما يكون الفيتامين في صورة ريتينول (أي الصورة الحيوانية لفيتامين «إيه»). فقد يتسبب ذلك في عيوب خلقية عند تناول جرعات عالية تزيد عن 10 آلاف وحدة دولية يوميًا. بينما لا تمثل بيتا-كاروتين وهي إحدى الصور النباتية لفيتامين «إيه» أي خطر.
الأعشاب
من فوائدها إعادة توازن الهرمونات وتنشيط التبويض. والمساعدة في الحفاظ على الحمل حال حدوثه. ومنه:
الأرتد:
(يُعرف أيضًا بحب الفقد وشجرة العفاف)، ويعتبر العشب المفضل للمساعدة في إعادة توازنات الهرمونات وزيادة الخصوبة. ففي دراسة أجريت على 48 سيدة يعانين من العقم تناولن هذا العشب يوميًا لمدة 3 أشهر حملت سبع منهن خلال فترة الدراسة، في حين استعادت 25 سيدة منهن معدلات البروجستيرون الطبيعية.
ويفيد الأرتد النساء اللاتي يعانين من خلل في الطور الأصفري (الطور الثاني من الدورة) أو من ارتفاع معدلات البرولاكتين لأنه يحفز الأداء الوظيفي السليم للغدة النخامية التي تتحكم في إفرازات الهرمونات. ويساعد الأرتد أيضًا في تنظيم الدورة الشهرية، وإعادة الدورة الشهرية التي توقفت.
كما ننصح باستخدام الأعشاب الآتية لعلاج العقم عند الرجال:
– الجنسنج: ويعرف هذا العشب بأنه منشط للرجال ويحسن من الصحة العامة ويزيد معدلات التستوستيرون وعدد الحيوانات المنوية ويمكن أيضًا استخدام عشب الجنسنج السيبيرية.
– الأسطراغالس: يزيد من قدرة الحيوانات على الحركة.
– الفشاغ: معروف بأنه منشط للرجال والنساء.
– البلميط المنشاري: يستخدم لتحسين الصحة الإنجابية بوجه عام عند الرجال.
ملحوظة وتحذير: ما لم يصفها طبيب مؤهل، ينبغي عدم استخدام الأعشاب أثناء استخدام العقاقير الدوائية أو عقاقير الخصوبة أو العلاج بالهرمونات البديلة أو غيرها من العلاجات الهرمونية أو الخضوع لمحاولات الإخصاب المساعد (مثل طفل الأنابيب).
د. محيي الدين لبنية – استشاري تغذية علاجية