كيف حققت “جلاكسو سميث كلاين” انجازًا طبيًا مذهلاً بإنتاج لقاح فعال للحزام الناري؟
في عالم مليء بالأمراض المعديّة والفيروسات المختلفة، يظل البحث عن اللقاحات الفعّالة والسبل للوقاية منها أمرًا حيويًا. ومن بين هذه اللقاحات المهمة يبرز لقاح الحزام الناري، الذي يعد حلاً ذا أهمية كبيرة في حماية الأفراد من هذا الفيروس المسبب للألم والمضاعفات.
كان الإعلان عن اكتشاف لقاح فعال للحزام الناري خبراً ساراً حمل الأمل للعديد من الأشخاص حول العالم المصابين بهذا المرض الفيروسي الذي يتسبب في طفح جلدي مؤلم وحكة شديدة. ويُعتبر مرضًا شائعًا يصيب العديد من الأشخاص في مختلف الأعمار، وكان يعتبر صعب المعالجة.
تم تطوير هذا اللقاح بفضل الجهود المشتركة لفريق من العلماء والباحثين الذين عملوا جاهدين لإيجاد حل لهذا المرض المزعج. واستغرقت عملية تطوير اللقاح سنوات من البحث والتجارب المعملية المكثفة، التي تكللت بالنجاح وأكدت فعالية عالية للقاح للوقاية من الحزام الناري وتقليل خطر الإصابة به.
المختبرات ..نقطة البداية
تكتسب أي منشأة علمية أهمية كبيرة إذا كانت هذه المنشأة مختبرًا متقدمًا لإنتاج اللقاحات التي تسهم في تحسين نوعية الحياة وإنقاذ الأرواح.
الدخول إلى مختبرات شركة جلاكسو سميث كلاين في بلجيكا هو خير شاهد على هذه الجملة، حيث يعد رحلة غنية بالتفاصيل والمعلومات التي نتعرف عليها لأول مرة في سياق مسيرة استمرت سنوات طويلة لإنتاج لقاحات كان لها، بعد إرادة الله تعالى، الدور الأكبر في شفاء كثير من المرضى وعودتهم لحياتهم الطبيعية في كل أنحاء العالم. موقع Wavre التابع لشركة GSK والذي تم إنشاؤه عام 1995 يعدُّ مجمعًا متكاملًا أكثر منه مختبرًا أو مصنعًا.
عندما تدخل البوابة الآمنة، سيذهلك حجم المجمع، وهو أكبر موقع لتصنيع اللقاحات في العالم، أي ما يعادل 70 ملعبًا لكرة القدم. تمتلك شركة GSK موقعًا آخر أصغر في ريكسنسارت، وهو موقعها التاريخي للقاحات الذي تم افتتاحه في الخمسينيات. ويعمل لدى شركة GSK Belgium حوالي 9000 موظف، من بينهم 1800 عالم من 80 دولة.
في معامل الشركة ستجد العديد من العمليات المعقدة لتحليل المركبات الكيميائية وتصميم اللقاح واختباره، بالإضافة إلى دراسة تأثيراته السريرية وتحديد جرعاته المثلى.
من يزور هذه المعامل سيجد دائمًا تفاصيل دقيقة حول أهمية البحث والتطوير في مجال اللقاحات. والتحديات التي يواجهها الباحثون في رحلة الاكتشاف والتطوير وتأمين التمويل واختبار الفعالية والسلامة، والامتثال للمعايير الدولية والتشريعات الصارمة، وغيرها الكثير قبل الإعلان عن إطلاق اللقاح ليكون صالحًا للاستخدام وآمنًا.
أنتجت شركة جلاكسو سميث كلاين وسلمت 500 مليون جرعة لقاح في عام 2022. وعلى الرغم من أنها لم تنتج لقاحًا لكوفيد-19 أثناء الوباء (فشل التعاون مع شركة الأدوية الفرنسية سانوفي)، فإن حوالي أربعة من كل 10 أطفال يحصلون على لقاح جلاكسو سميث كلاين كل عام في جميع أنحاء العالم.
تتعامل شركة جلاكسو سميث كلاين أيضًا في الأدوية العامة والمتخصصة، مع التركيز على الأمراض المعدية، وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية (إنهم يبحثون أيضًا في الوقاية)، وعلم المناعة/ الجهاز التنفسي (يصنعون جهاز استنشاق الفنتولين) وعلم الأورام.
جلاكسو سميث كلاين ولقاح الحزام الناري
تؤدِّي شركة جلاكسو سميث كلاين دورًا رائدًا في تطوير لقاحات الحزام الناري. في عام 2017، حصلت الشركة على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على لقاح Shingrix، وهو لقاح يندرج تحت اللقاحات غير الحية التي تُصنع من مكونات فيروسية
يعدُّ لقاح Shingrix أكثر فعالية من لقاح Zostavax، الذي كان لقاح الحزام الناري الوحيد المتاح سابقًا. في التجارب السريرية، أظهر لقاح Shingrix فعالية بنسبة 97% في الوقاية من الحزام الناري، مقارنةً بفعالية Zostavax بنسبة 51%.
كما أظهر لقاح Shingrix فعالية بنسبة 90% في الوقاية من الألم العصبي التالي للهربس (PHN)، وهو مضاعفة شائعة للحزام الناري يمكن أن تسبب ألمًا شديدًا ومزمنًا.
فعالة وآمنة
تستمر شركة جلاكسو سميث كلاين في تطوير لقاحات جديدة للحزام الناري. في عام 2022، أعلنت الشركة عن نتائج إيجابية من تجربة سريرية للقاح جديد للحزام الناري يسمى gB-101 أظهر فعالية بنسبة 90% في الوقاية من الحزام الناري في التجارب السريرية.
وتلتزم شركة جلاكسو سميث كلاين بتطوير لقاحات فعالة وآمنة للحزام الناري لحماية الأشخاص من هذه الحالة المزعجة والمؤلمة، حيث يؤمن اللقاح الوقاية من الحزام الناري، ومن الألم العصبي التالي للهربس، وتقليل خطر الإصابة بالتهاب السحايا، والإصابة بالتهاب الدماغ، والإصابة بالتهاب الكبدB.
أعراض الحزام الناري
يعتبر الحزام الناري،، المعروف أيضًا باسم الهربس ، من الأمراض الفيروسية الشائعة التي تصيب العديد من الأشخاص حول العالم. يتسبب هذا الفيروس في ظهور طفح جلدي مؤلم يمتد على شكل حزام في منطقة معينة من الجسم، وعادة ما يكون في الجانب الواحد من الصدر أو البطن. قد يصاحب الحزام الناري أعراضًا مزعجة مثل حكة شديدة وحرقة وألم حاد. وما يميز هذا المرض هو قدرته على التفاقم والتسبب في مضاعفات خطيرة مثل الألم العصبي المستمر بعد انتهاء الطفح الجلدي.
الحزام الناري هو عدوى فيروسية تصيب الأعصاب الجلدية. وتظهر الأعراض عادةً بعد بضعة أيام من الإصابة بالعدوى. وتشمل الأعراض الأولى ألماً أو حرقة أو وخزاً في منطقة معينة من الجسم، وحساسية تجاه اللمس. بعد ذلك، قد يظهر طفح جلدي أحمر في المنطقة المصابة، ويتطور الطفح الجلدي إلى بثور ممتلئة بالسوائل، والتي تنفجر وتصبح قشرة في غضون 7-10 أيام.
ومن أعراض الحزام الناري الأخرى: الحمى، والصداع، والتعب، والغثيان والقيء، وآلام العضلات.
مضاعفات خطيرة
ويمكن أن يسبب الحزام الناري مضاعفات خطيرة، بما في ذلك: الألم العصبي التالي للهربس (PHN): وهو ألم مزمن يمكن أن يستمر لأشهر أو حتى سنوات بعد زوال الطفح الجلدي. والتهاب السحايا: وهو التهاب في الأغشية التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي.والتهاب الدماغ: وهو التهاب في الدماغ.والتهاب الكبد B: وهو عدوى فيروسية يمكن أن تؤدي إلى التهاب الكبد وتليف الكبد وسرطان الكبد.
أهمية اللقاح
من هنا تأتي أهمية لقاح الحزام الناري، الذي يعمل على تقديم حماية قوية وفعّالة ضد هذا الفيروس المزعج. يعمل اللقاح عن طريق تحفيز جهاز المناعة للجسم لإنتاج أجسام مضادة تستهدف الفيروس وتمنع انتشاره وتكاثره. بفضل هذه الحماية، يمكن للقاح الحزام الناري تقليل خطر الإصابة بالمرض وتقليل شدة الأعراض إذا حدثت، وبالتالي يسهم في تحسين جودة الحياة للأشخاص المصابين بهذا الفيروس.
ويعد لقاح الحزام الناري آمنًا وفعّالًا، وقد تم اعتماده من قبل الهيئات الصحية المعترف بها عالميًا. يوصى بتلقي اللقاح لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 عامًا، حيث يكونون عرضة لخطر الإصابة بالحزام الناري بشكل أكبر. كما يُنصح بتلقي اللقاح لدى الأشخاص الذين قد يكون لديهم ضعف في جهاز المناعة أو أمراض مزمنة تجعلهم أكثر عرضة للمضاعفات الصحية.
جهود كبيرة من وزارة الصحة
ويعد مرض الحزام الناري، عدوى فيروسية تسبب طفحاً جلدياً مؤلماً على جانب واحد من الجسم. يسبب هذا المرض فيروس الجدري المائي، الذي يظل كامناً في الأعصاب بعد الشفاء من الجدري المائي. وينشط الفيروس مرة أخرى عند ضعف الجهاز المناعي أو بسبب بعض العوامل، مثل التقدم في السن أو الإصابة بأمراض مزمنة أو المناعة الذاتية أو تناول أدوية تثبيط المناعة.
وضمن اهتمامها بتوفير الرعاية الصحية اولت وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية هذا المرض اهتماماً بالغاً وأعلنت عن توفر لقاح الحزام الناري في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وأوصت بأخذه للأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين، حيث تزداد فرص الإصابة بالمرض مع التقدم في العمر. ويؤخذ اللقاح على شكل جرعتين بينهما شهرين إلى ستة أشهر. ويعتبر اللقاح أحد أفضل معايير الوقاية للمساعدة في منع أو تقليل خطر الإصابة بالحزام الناري ومضاعفاته، مثل الألم العصبي المزمن أو التهاب العين أو الدماغ أو الشلل الوجهي أو العدوى الجلدية.
وتقوم وزارة الصحة السعودية بحملات توعوية للتعريف بأهمية لقاح الحزام الناري وطرق الوقاية من المرض وعلاجه. وتشارك في هذه الحملات جمعيات طبية سعودية رائدة، مثل الجمعية السعودية لطب كبار السن والجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع والجمعية السعودية للأحياء الدقيقة الطبية والأمراض المعدية. وتنظم هذه الجمعيات ملتقيات ومحاضرات وحوارات علمية تناقش أحدث المستجدات والأبحاث في مجال مرض الحزام الناري ودور التحصين في الوقاية منه.