تلجأ بعض المحلات أحيانا لبيع الأغذية التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء بأسعار مخفضة للغاية.
هذه النوعية من الأغذية، تشهد إقبالاً كبيرًا من قبل بعض محدودي الدخل، في ظل الغلاء الذي تشهده أسعار كثير من السلع الغذائية.
و تباع منتجات غذائية تحمل ملصقًا يحوي بياناتها الغذائية وتاريخ الصلاحية، ومن السهل إزالته، ومنتجات أخرى مكتوب تاريخ صلاحيتها بالشهر وليس باليوم، وكان الشهر المدون عليها هو (مارس) أي نفس الشهر الذي تباع فيه. كما لاحظت أن تاريخ صلاحية بعض المنتجات، يبدو وكأنه أزيل وطبع مرة أخرى، حيث توجد بقايا تدل على وجود كتابة سابقة.
وبناء على هذه الحيثيات، قررنا دخول عالم الأغذية محدودة الصلاحية، وهو يتركز بشكل أساسي في الأحياء النائية والشعبية ، وحاولت كشف خباياه وأسراره، ومدى صلاحية هذه الأغذية للاستهلاك الآدمي.
جولة استطلاعية
في البداية، أجريت عددًا من الجولات الاستطلاعية على المحال التي تبيع المنتجات الغذائية التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء، والتي تنتشر في بعض الاحياء.
تبين من أول وهلة أن المنتجات التي تباع في هذه الأسواق، من جميع الأنواع والأشكال، فهي تضم: أجبانًا، ولبنة، وزبدًا، وزيوتًا للقلي، وزيت زيتون، ومكرونات، وشعرية، وأرزًا، ومقرمشات، وعصائر طويلة الصلاحية، ولحومًا، ودواجن، ونقانق، وبرجر، وقطع دجاج مغطاة ومعدة للقلي، وشكولاتات، وحلوى للأطفال، ومعلبات تونة، ومعلبات سردين مملح، ومربيات، وكراتين معجون طماطم.
الذي لفت نظري أيضًا أن أغلب هذه المنتجات مستوردة من دول مختلفة، بينها: الدانمرك، والولايات المتحدة الأميريكية، وجنوب إفريقيا، وتركيا، وتايلاند، والصين، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، ومصر.
ورغم أن بين هذه المنتجات الغذائية منتجات شهيرة ومعروفة، إلا أن أغلبها لا نكاد نسمع عنه. وبعضها من المفترض أن تعرض مبردة أو مجمدة، مثل مجمدات اللحوم والدواجن، والنقانق والبرجر، غير أنها تعرض خارج المحال مع غيرها من السلع؛ حيث تكون عرضة لحرارة وضوء الشمس المباشرين لفترات طويلة. أما تاريخ الصلاحية، فالملاحظ أن أغلب هذه السلع قاربت صلاحيتها على الانتهاء، فبعضها لم يبق على صلاحيته سوى أيام قليلة، وبعضه عدة أسابيع.
وأثناء جولاتي على هذه الأسواق، وجدت (عاملًا) في إحدى سلاسل الأسواق الكبرى لبيع المواد الغذائية يقف مع باعة هذه المنتجات وهو يرتدي الزي الرسمي لهذه الأسواق. أحد المتخصصين في التغذية- رفض ذكر اسمه- لم يستبعد أن يقوم هؤلاء الباعة بمحاولة بيع المنتجات التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء والتي يعهد إليهم بإعدامها. وتتنقل العمالة التي تبيع في هذه المحال من محل لآخر، وكأنها تدار من قبل مجموعة مرتبطة ببعضها.
كما أن المحال التي تتاجر في المنتجات محدودة الصلاحية، قد سبق ضبط سلع فاسدة لديها، لكنها عاودت النشاط.
فقد نقلت جريدة «عكاظ» السعودية بتاريخ 30-7-2007 عن وكيل الوزارة للتجارة الداخلية حسان بن فضل عقيل قوله: إن الحملات التي قامت بها الجهات الرقابية بوزارة التجارة والصناعة السعودية، خلال الربع الثاني من عام 2007، أسفرت عن ضبط 8 آلاف مادة غذائية منتهية في مستودع مواد غذائية في حي منفوحة، فضلاً عن ضبط أسواق تجارية في حي منفوحة تقوم ببيع مواد غذائية منتهية الصلاحية.
موافقون
قابلت بعض المستهلكين من حي منفوحة، واستطلعت وجهات نظرهم في شراء هذه النوعية من السلع الغذائية.
أم شريف، لاحظت أن شراء هذه الأغذية ازداد بكثافة في الفترة الأخيرة من قبل المستهلكين، ما حدا بالمحال إلى التوسع في بيعها. وأرجعت هذا الإقبال إلى ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية، مشيرة إلى أنها واحدة من زبائن هذه المحال، وأنها جربت هذه النوعية من الأغذية ووجدتها جيدة، لكنها تحرص على شراء ما يكون تاريخ صلاحيته طويلًا نوعًا ما، ولا تشتري إلا كميات تضمن استهلاكها قبل انتهاء تاريخ الصلاحية.
عمر أحمد، لا يجد مشكلة في شراء الأغذية التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء؛ ويعتقد أن المحال الذي تبيعها لا يمكن أن تضر بصحة المستهلك؛ خوفًا من المساءلة القانونية، وتشويه سمعتها.
فيصل منصور، ذكر أن أهم ما يجب أن يضعه المستهلك في حسابه عند الشراء: ما الوقت الذي يحتاجه لاستهلاك هذا المنتج، وهل هذا الوقت يتناسب وتاريخ الصلاحية، فإن اتفقا فلا بأس من الشراء، أما إن اختلف واحد منهما، فهذا يعني أن ما اشتراه من مواد غذائية مخفضة سيأخذ طريقه سريعًا إلى حاوية النفايات، وبالتالي لا يستفيد من عرض التخفيض.
ممانعون
في مقابل هذه الفئة هناك آخرون يرفضون شراء منتجات من هذه المحال، ويطالبون بتشديد الرقابة عليها.
أم إياد، لها تجربة شخصية مع هذه السلع، جعلتها تعارض شراءها، مشيرة إلى أنها سبق أن قامت بشراء أغذية من هذه الأسواق، بعد اقتراح من جارتها. لكنها توقفت عن الشراء بعدما لاحظت أن رائحة وطعم بعض الأغذية التي تباع فيها غير طبيعية، مثل الأرز. وطالبت وسائل الإعلام بعمل حملات مكثفة لتوعية المستهلك بالطرق الصحيحة لشراء السلع الغذائية، وتعريفه بعلامات فساد السلعة أو سلامتها.
سعد الدوسري، يؤكد أنه لا يمكن أن يجازف بصحته وصحة أفراد أسرته من أجل توفير بعض الريالات؛ حيث إن ما قد يوفره قد يضطر لدفع أضعافه في العلاج بالمستشفيات لا قدر الله إذا مرض هو أو أحد أفراد أسرته من جراء تناول أطعمة فاسدة. وحمل الدوسري المستهلك، الجزء الأكبر من المسؤولية عند شرائه هذه البضائع، فهو غير ملزم بشرائها، موضحًا أنه لا يعفي بذلك المحال التي تبيع هذه البضائع من المسؤولية.
نصائح للمستهلكين
حول النصائح التي تقدم للمستهلك فيم يخص المنتجات والطريقة المثلى التي يستطيع من خلالها التعرف على مدى فساد المواد الغذائية أو صلاحيتها للاستهلاك، يقول عبدالعزيز الخضيري، مدير مركز رعاية المستهلك بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ينصح المستهلك بضرورة الاهتمام بقراءة تاريخ الصلاحية، والابتعاد قدر الإمكان عن المواد الغذائية قريبة الانتهاء أو حتى سريعة التلف. وركز على ضرورة أن يعلم المستهلك وهو يشتري السلعة أن صلاحيتها بقي مثلاً عليها شهر، بحيث يكون حريصًا على استهلاكها خلال فترة قصيرة، يومين أو مثلاً، وليس خلال فترة طويلة تكون مثلا بعد انتهاء صلاحيتها بيومين أو ثلاثة.
وذكرت د.تماضر أن تغير الطعم أو الرائحة قد يكون دليلاً على فساد المادة الغذائية، ويفترض عدم تناول مثل هذه النوعية من الأغذية. والاقتصاد في شراء المواد الغذائية؛ بحيث يشتري الشخص منها على قدر احتياجاته لفترة قصيرة، وأن يتخير السلع ذات الصلاحية الطويلة؛ لأنه كلما قرب تاريخ الصلاحية على الانتهاء، كلما كانت فرص فساد هذه السلع أكبر.
ويفضل شراء السلع الغذائية من أماكن معروفة، وليس من الباعة المتجولين، أو من الأماكن التي تعرض السلع في الشارع، خاصة إذا كانت الأطعمة التي يتم بيعها سريعة الفساد مثل الأجبان، والألبان، والدواجن، واللحوم ومنتجاتها؛ فهذه المنتجات تحفظ في درجة تبريد خاصة، وعرضها خارج الثلاجة، قد يتسبب في فسادها.
لكن د.المدني أكد أن التغيرات التي تحدث في لون وطعم ورائحة وقوام المادة الغذائية، لا تصلح وحدها، كمؤشرات على فساد السلعة؛ حيث إن السلعة قد تكون غير صالحة للاستهلاك، رغم عدم حدوث تغير في طعمها أو لونها أو رائحتها أو قوامها كما يحدث في حالة التسمم الغذائي. لذا يجب أن يتأكد المستهلك أيضًا من أن تاريخ الصلاحية لم ينته وأن المواد الغذائية محفوظة ومعروضة بطريقة مقننة. وفي المعلبات، يتأكد المستهلك من أنها مغلقة جيدًا، ولا يوجد بها أي نوع من الصدأ أو الانتفاخ أو الاعوجاج.
*تحقيق نشر في النسخة الورقية من مجلة عالم الغذاء عام 2007م