هل شعرت يومًا بالحزن أو الاكتئاب أو الضيق دون سبب؟! وهل حقًا نوعية الأطعمة التي نتناولها تؤثر في مشاعرنا وأحاسيسنا؟! الإجابة على الأسئلة السابقة حملتها دراسة طبية أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا مؤخرًا على مئة سلعة غذائية أساسية (منخفضة السعر) لمعرفة مدى السعادة التي تجلبها هذه المأكولات.
أثبت الباحثون خلال دراستهم أن الحالة المزاجية للإنسان لا تعتمد فقط على العوامل النفسية والعصبية التي يمر بها، بل يتخللها بعض العوامل الفيزيائية للجسم بالإضافة لنوعية الطعام الذي يتناوله، فالأطعمة التي تحتوي على مواد مثل «الفوليك أسيد»، وفيتامين «سي»، وفيتامين «ب 12»، و«الأوميجا 3»، كفيلة بتحسين الحالة المزاجية وقادرة على جلب السعادة، وتقودك إلى الابتسامة والضحك.
البصل.. الكرة الذهبية
رغم أنه يدمع العيون، إلا أنه تصدر قائمة الخضراوات والفاكهة القادرة على إمتاع وإسعاد المستهلكين، فقد جاءت الدراسة الحديثة لتثبت مقولة القدماء عن البصل بأنه (الكرة الذهبية)، نظرًا لما يتضمنه من مكونات غذائية ذهبية تتسبب في شعورنا بالسعادة وتغيير مزاجنا للأفضل.
وعن أكثر فوائد البصل، أشارت الدراسة إلى أنه يعد أقوى أنواع المضادات الحيوية التي تفوق تأثير البنسلين والأورمايويسين والسلفات، لذلك يشفي من السل والزهري والسيلان، ويقتل كثيرًا من الجراثيم الخطيرة.
بالإضافة لذلك، يعد «البصل» مطهرًا للأمعاء، نظرًا لاحتوائه على مادة الكبريت التي تقضي على الميكروبات وتعوق نمو الجراثيم العقدية والزحار والسل، كما يزيد من إفراز الأغشية المخاطية.
كما يستخدم في علاج العديد من المشاكل التي تصيب الإنسان مثل سقوط الشعر إذا ما تم تدليك فروة الرأس بعصير البصل، كما يفيد في إزالة بقع ونمش الوجه عندما يسحق وينقع في الخل ثم يدعك به الوجه.
ويوجد استخدام آخر غير طبي لعصير البصل، حيث يمكن استخدامه كحبر سري تكتب به الرسائل السرية ولا ترى الكتابة إلا بعد تعريضها للحرارة حيث تظهر الكتابة بلون أحمر بني.
الأسماك.. غذاء الملوك
احتلت «الأسماك» المرتبة الثانية في قائمة أطعمة السعادة، إذ تحتوي على عنصر (أوميجا 3) التي تساعد بدورها على تهدئة الأعصاب، كما أثبتت الدراسات قدرة «زيت السمك» على علاج(الكآبة) بفاعلية تفوق عقار (Prozac) الذي يعد أحد الأدوية الشائعة لعلاج أمراض الكآبة.
كما يؤكد أطباء التغذية ضرورة تناول السمك باعتباره أحد أهم الأطعمة التي تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية، ويحتوي على فوائد قيمة أخرى أبرزها المحافظة على التوازن الغذائي، ومصدر رئيس للبروتينات.
بالإضافة لاحتوائه على عدد من الأملاح المعدنية المفيدة مثل الفوسفور الذي يساعد في تكوين العظام، والزنك والنحاس اللذين يؤديان دورًا هامًا في نمو الجسم، فضلًا عن الكالسيوم الموجود في جلد السمك.
وقد أكدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البحار يبدون أكثر سعادة من غيرهم، نظرًا لكثرة تناولهم الأسماك.
الجزر.. الحل الأمثل لتخفيض الكوليسترول
تعد ثمرة الجزر من أوائل الخضراوات التي عرفها القدماء منذ فجر التاريخ وذكرها الإغريق، واستعملها أبو الطب أبو قراط وديسقوريدس في العلاجات قديمًا.
تحتوي ثمرة «الجزر» وعصيرها على الكثير من الفوائد الطبية المثيرة للاهتمام، بفضل مكوناتها الغنية بالألياف الغذائية والمعادن (وخاصة السيلنيوم)، والدهون القابلة للذوبان في الكاروتين، بالإضافة لنسبة عالية من الكربوهيدرات التي تتكون بصورة أساسية من (السكروز والجلوكوز والفركتوز، والسيليلوز والليجينتين والمواد البكتينية الأخرى).
كما أثبتت الأبحاث الطبية أن «الجزر» غني بالمواد البروتينية والأحماض الأمينية مثل الكبريت، الفوسفور، الكلور، صوديوم، بوتاسيوم، كالسيوم، وحديد، بالإضافة لفيتامينات (PP-E-A-B-C-D).
وتتمثل فائدة (الجزر) في قدرته الفعالة على علاج أمراض الكلى المزمنة ومشاكل المثانة البولية، وتفتت الرمل والحصى، كما أن عصيره يعالج الاستسقاء وانحباس الماء بالجسم، بالإضافة لاحتوائه على مادة تسمى (Calcium Pectate) وهي من أنواع الألياف السائلة التي تخفض مستوى الكوليسترول بالدم.
والصحيح أن تناول جزرتين باليوم يخفض مستوى الكوليسترول 20% بالدم.
الفول.. هرمونات السعادة
على غير العادة، أثبت البحث الطبي سالف الذكر أن «الفول» أحد أهم الأطعمة التي تجلب السعادة لآكليها، إذ يحتوي على مادة حمض أميني يسمى (التروبتوفان)، وهو يدخل في بناء ثلاثة من أنواع البروتينات التي تسبب السعادة، أولها هرمون (السيروتونين) المسؤول عن السرور والانشراح، ويساعد في عمليه النوم واعتدال المزاج وفتح الشهية.
أما الهرمون الثاني الذي يحتويه «الفول» فهو (الميلاتونين) وله دور رئيس في تنظيم الساعة البيولوجية في الإنسان، وتنظيم عملية النوم، ومضاد للأكسدة، ومنشط فعال وقوي للمناعة وله دور كبير في تأخير الشيخوخة.
وأخيرًا، هرمون (النياسين) وهو فيتامين (ب 3)، وله فائدة كبرى في إنتاج الطاقة وسهولة الهضم وبخاصة عند مرضى السكر، بل إن نقص هذا الهرمون يسبب القلق والعصبية الزائدة.
الموز.. مضاد طبيعي للاكتئاب
يعد الموز ثاني أكثر أنواع الفاكهة الغنية بالحديد بعد التفاح، ولكنه يتفوق على الأخير في احتوائه على هرمون «تريبتوفان» المسؤول عن إنتاج الفرح وإثارة المزاج الطيب عند الإنسان، مما يساهم في إبقاء الإنسان في حالة رضا وهدوء نفسي، كما يعد أيضًا مضادًا طبيعيًا للاكتئاب.
وقد أكد أطباء التغذية العلاجية أن للموز فوائد مهمة، حيث يعد معالجًا طبيعيًا للإمساك كبديل للأدوية التي تحتوي على العديد من المواد والمركبات الكيميائية، بالإضافة لاحتوائه على ألياف طبيعية تساعد في الحفاظ على وظائف الأمعاء.
كما يستخدم الموز كعلاج مساعد للراغبين في الإقلاع عن التدخين، نظرًا لما يشمله من فيتامينات مهمة مثل B6 وB12 بالإضافة إلى البوتاسيوم والمغنيسيوم، الذي يساعد في تعافي الجسم من تأثيرات انسحاب النيكوتين.
السبانخ.. خط الدفاع الأول عن الجسم
جاء نبات «السبانخ» الشهي الذي يفضله الكثيرون ضمن قائمة الأطعمة التي تحسن المزاج، إذ يعتبره أطباء التغذية (خط الدفاع الأول عن الجسم)، حيث يعد طعامًا مثاليًا لتنشيط نظام المناعة بفضل احتوائه على فيتامينات (E، K، B6، وB2)التي تساعد في إبقاء الخلايا منيعة بكمية كافية لإعلام الجسم بوجود تهديد مثل العدوى أو التأثير المرضي.
كما يحتوي على حامض الفوليك الذي يؤدي إلى انخفاض الإصابة بالتوتر والقلق، كما تشمل مكوناته على العديد من الفيتامينات مثل فيتامين C وفيتامين E وفيتامين K، فيتامين ب6، فيتامين B2، والماغنسيوم، والمنغنيز، الفولات، البيتين، الحديد، كالسيوم، بوتاسيوم، بروتين، فوسفور، زنك، النياسين، وأحماض أوميجا3 الدهنية.
وتناول خضار (السبانج) يساعد على تثبيت ضغط الدم، لأنه يحتوي على الكثير من البوتاسيوم، الذي يحيد التأثير المضاد للصوديوم على الجسم، كما يعد تناوله ضرورة للأفراد الذين يفضلون تناول الملح الكثير ولا يستطيعون التخلي عن هذه العادة السيئة.
البنجر الأحمر.. كنز يجهله الكثيرون
أشارت العديد من الدراسات إلى فعالية البنجر (الشمندر الأحمر) في محاربة الكآبة طبيعيًا لأنه يحتوي على مركب Betaine، كما أنه مصدر جيد لفيتامين B الضروري لعمل الذاكرة، وحس الفكاهة، والقدرة على إيجاد المعلومات بسرعة ومعالجتها، ويكفي معرفة أن احتساء كوب من عصير البنجر يوميًا هو علاج فعال لمرض ضغط الدم المرتفع الأكثر انتشارًا في الوقت الحالي.
ليس هذا فحسب، بل يستعمل البنجر الأحمر أيضًا على نطاق واسع في الطب الشعبي للوقاية من فقر الدم ونقص الفيتامينات والمعادن، ويفيد أيضًا المصابين بالتهاب الأعصاب، إذ يحتوي على الكالسيوم والحديد والماغنسيوم والفسفور والبوتاسيوم والصوديوم والزنك، بالإضافة للعديد من الفيتامينات مثل فيتامين B6, فيتامين B12, فيتامين A، فيتامين E.
ومع ذلك يجب الحذر جيدًا عند تناول البنجر الأحمر، خاصة للأشخاص الذين يعانون من المعدة الضعيفة بسبب صعوبة هضمه.
عسل النحل.. شفاء من كل داء
جاء العلم الحديث ليؤكد فوائد عسل النحل لجسم الإنسان وقدرته الخارقة في المساعدة على التعافي من مئات الأمراض المستعصية بوحي الله وتعليمه، إذ يقول الله تعالي في سورة النحل “وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)”.
ويمكن القول إن العسل من أول المواد التي استخدمها البشر في الاستشفاء، حيث يساعد في تعويض السكريات المستهلكة بالجسم بسبب المجهود الجسماني أو الذهني، ويستخدم كعلاج لالتهاب الكبد المزمن والتهاب الحويصلة المرارية والمساعدة في تفتيت حصياتها، وعلاج الصداع العصبي والالتهاب العصبي، والروماتيزم والتهاب المفاصل، واضطرابات الجهاز الهضمي والإسهال المعدي السام، كما يمنع الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر.
بالإضافة للعديد من الأمراض التي لا يتسع المجال هنا للحديث عنها، بل يكفي أن نعرف أن المائة جرام من العسل تحتوي على حوالي 79% من الكاربوهيدرات، 3% من البروتين الأساسي و5% أملاح معدنية، كما أن المائة جرام من العسل تمنح الجسم «350» سعرًا حراريًا، وهذا ما يعادل 450 غرامًا من اللحوم من حيث الطاقة، ويحتوي كل مائة جرام أيضًا على 30-45 ملجرام من فيتامين «ج» الهام للمناعة.
نصيحة
في النهاية، قارئنا العزيز.. عليك أن تنوع دائمًا في طعامك ولا تحرم نفسك من خيرات الله ونعمه، وتبحث دائمًا في صيدلية الحياة عن الأطعمة الصحية التي تشعرك بالسعادة وتجنبك الكآبة بعيدًا عن الأدوية والمستحضرات الطبية التي قد تفسد أكثر مما تصلح.. ولهذا لابد من تجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على بروتينات ومواد دهنية ليلًا لأنها تؤدي إلى نومٍ مضطرب وكوابيس، كما تجعل الإنسان يعاني من مزاج سيئ في الصباح التالي.