يحفل تاريخنا الإسلامي بالعديد من الغزوات والحروب التي وقعت في شهر رمضان، دلالة على أن هذه العبادة ما كانت لتمنع الصائم من ممارسة حياته أو عمله أو حتى هواياته المشروعة، وهذا الأمر في جانب الأصحاء.
إلا أن الأمر يحتاج إلى توقف مع المرضى، فبينما ينصح الأطباء الصائمين الأصحاء بممارسة رياضاتهم المفضلة ليلاً وليس نهارًا حتى لا يفقد الجسم مزيدًا من سوائله، فإنهم يحذرون المرضى لاسيما من يعانون من أمراض السكر أو الكلى أو الكبد من ممارسة أي أنشطة رياضية ليس في فترة النهار فحسب، بل أيضًا في فترة ما بعد الإفطار إلا بإشراف طبي دقيق، فما مبرراتهم لذلك، وما الذي يمكن أن يفعله المرضى لحصول أجسامهم على المرونة المطلوبة؟ هذا ما نتعرف عليه .
مهمة ولكن
لا خلاف على أن ممارسة الرياضة عنصر أساسي في الحياة اليومية، لما لها من فوائد جمة، فبحسب د. نهاد الطحان، أستاذ التغذية وعلوم الأطعمة، تساعد الرياضة على مواجهة مصاعب الحياة بصورة تتسم بكثير من المرونة والحيوية، فضلا عن تأثيرها النفسي المريح للأعصاب.
لكن الأمر في شهر الصيام يحتاج إلى نظام لا يتسم بالعشوائية، موضحة أن ممارسة الرياضة بالنسبة للأصحاء أمر لا خلاف على أهميته، لاسيما لمن تعود ممارستها في الأيام العادية، إلا أن مزاولة الأنشطة الرياضية وبخاصة التي تتطلب جهدًا بدنيًا عاليًا يجب أن تتم في فترة الليل، أي بعد الإفطار والانتهاء من صلاة القيام، وذلك لكي نتقي درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، والتي بدورها ستسهم في فقد الجسم لسوائله.
وتشير إلى أن الصائم يدخل في نظام مختلف عما تعود عليه في اليوم العادي، فعلى سبيل المثال يبدأ الدم في البحث عن السكر في خلايا الجسم، وحينما يجده في الدهون يقوم بعملية حرق يستخلص بها السكر ويزود بها حاجاته حتى وقت تناول الطعام من جديد.
لذا يفضل عدم الإسراف في تناول الطعام لما يمثله ذلك من إجهاد المعدة خاصة للرياضيين أو من يقومون بالمران بعد تناول الأفطار.. وللرياضيين برنامج غذائي خاص لتعويض ما يفقدونه من الطاقة والسوائل ذو نظام خاص متفق عليه مع مدربهم، وبخاصة في رياضات السباحة أو الجمباز والرياضة العنيفة بأنواعها وكرة القدم وغيرها من الرياضات التي تتطلب طاقة غذائية أكبر.
رياضة بعد صلاة القيام
أما الشخص العادي الذي يمارس الرياضة اليومية فينبغي أن يرجئ ذلك إلى ما بعد صلاة القيام، حتى لا يتعرض إلى فقد طاقة وسوائل الجسم، مما يكون له انعكاسات سلبية، كما ينبغي ألا تتسم هذه الرياضة بالنسبة للشخص العادي بالإجهاد الزائد، بل يكفي ممارسة رياضات بسيطة كالمشي أو العدو أو حتى المشاركة في دوري مصغر للكرة الطائرة ونحو ذلك.
وإلى المرضى تشير د. نهاد بقولها: الأمر لديهم مختلف تمامًا، فمرضى الكبد والكلى والقلب تشكل الرياضة خطورة بالغة عليهم، بل قد ينصحهم الأطباء بعدم الصوم لما يحتاجونه من الراحة وعلاجات بصورة دورية، فضلاً عن حاجة الجسم الدائمة إلى السوائل.
أيضًا مرضى السكر وضغط الدم فقد يسمح لهم بممارسة رياضات بسيطة ليلاً كالمشي والتمارين الحركية البسيطة تحت إشراف طبي لمتابعة أي تأثر في وظائف الجسم، وقد ينصحهم الأطباء بتناول وجبة إضافية بخلاف الإفطار والسحور لمد الجسم بالسوائل والعناصر الغذائية الأخرى من فيتامينات وأملاح معدنية وبروتينات ونشويات بنسب محددة.
أخيرًا، تنصح الطحان بعدة ضوابط لرياضة الصائمين كأن تتم ممارسة الرياضة بعد الإفطار بعدة ساعات، وإذا كان الشخص يعاني مرضًا كالقلب والكبد وغيرهما فيحظر عليه ممارسة أي نوع من الرياضة إلا تحت إشراف طبيبه الخاص.
أما مرضى السكر وضغط الدم فيمكنهم ممارسة المشي والمجهود البدني العادي فيما بعد صلاة القيام، ولابد أن تحتوي وجباتهم على طعام غير دسم، بعيدًا عن الأطعمة الدسمة.